لا تعكروا علينا فرحتنا!!

كم كانت فرحتنا كبيرة بنجاح العرس الديمقراطي الذي شهدته إسطنبول ونجاح مرشح الحزب المعارض في الانتخابات المعادة، ومبادرة خصمه ابن الحزب الحاكم الذي لم يحالفه الحظ بالفوز السيد بن علي يلدريم؛ بتقديم عظيم التبريكات لخصمه مرشح حزب الشعب المعارض السيد أكرم إمام أوغلو، الذي حقق الفوز، ومن ثم مباركة الرئيس رجب طيب أردوغان للفائز متمنياً له التوفيق والنجاح، والرد المهذب الذي أبداه الفائز معلناً أنه سيتعاون مع السيد الرئيس ويعمل بتوجيهاته ويستفيد من خبرته.

لم تكتمل فرحتنا بما تحقق بل أتت أحداث تدمي القلوب وتهز المشاعر وتعكر المزاج العام بين السوريين وإخوتهم الأتراك، تجلت في اعتداء بعض الإخوة الأتراك على المواطنين السوريين ومحالهم التجارية وممتلكاتهم الشخصية، ووصل الأمر إلى حد الاعتداء طعناً بالسكاكين في منطقة إيكيتلي، إضافة إلى بعض التظاهرات التي سبقتها في بعض مناطق اسطنبول والتي دعت إلى طرد السوريين من تركيا، إضافة إلى رصد سلسلة من الدعوات والشائعات للمحرضين على العنف والاحتقان ضد السوريين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي كانت صادرة عن شخصيات محسوبة على أحزاب معارضة. إضافة إلى سلسلة من الحسابات الوهمية المتماهية مع هذا النمط من خطاب الكراهية في الأمس واليوم، كل ذلك كان سببا رئيسياً في تخريب محاولات اندماج السوريين ضمن المجتمع التركي. تلك الدعوات التي تفاقمت وتأججت بعد الانتهاء من حملة انتخابات البلدية ومازالت تداعياتها مستمرة حتى هذه اللحظة.

ولم يدر بخلدنا ولو للحظة واحدة أن يقع الذي وقع من اخوتنا الأتراك الذين نكن لهم عظيم التقدير والامتنان لموقفهم في استقبالنا، ونحن الذين فررنا من جحيم يُصبُ علينا ليل نهار وعلى مدار الساعة منذ ثماني سنوات، طلباً للأمن والأمان والسلامة في ربوع تركيا العامرة بالخير والعطاء، ولم يبخل الإخوة الأتراك في مد يد العون لنا وفي كل مناحي الحياة، حتى وصلت أيديهم البارة والخيرة إلى من لم يدخلوا الأراضي التركية والمتواجدين على طول الحدود التركية السورية، الهاربين من براميل نمرود الشام، وصواريخ مجرم الحرب بوتين، وسكاكين وحراب الميليشيات الطافية التي جندتها إيران، وقامت بعقد اتفاقيات مجحفة مع كل من روسيا وإيران من أجل تخفيف المأساة على السوريين، وأقامت نقاط مراقبة حماية للسوريين من النظام الباغي وحلفائه مجرمي الحرب، وتحملت تعرض هذه النقاط لتعديات من فلول جيش النظام وقدمت بعض الشهداء ولم تتزحزح حتى لا تترك السوريين وحيدين في مواجهة هؤلاء الأعداء، وهذا يحسب لهم.

نحن نعلم أن هناك أيد خفية لئيمة وحاقدة جندها النظام السوري الباغي؛ وموجودة على الأراضي التركية، تريد تفجير الوضع بين إخوة العقيدة والدم، وكنا نتمنى أن نفوت الفرصة عليهم وعلى كل الأعداء المتربصين بنا سوريين وأتراك، ونكون يداً واحدة في مواجهة هؤلاء اللئام الحاقدين علينا جميعاً.

وعلينا كل حسب إمكانياته وطاقاته سوريين وأتراك أن نعمل على اخماد هذه الفتن البلهاء التي لا تعرف حجم التحديات التي يواجهها الإخوة الأتراك والسوريين من أعداء متربصين يريدون تخريب هذه العلاقة االحميمية بين الأتراك والسوريين، التي تضرب جزورها في عمق التاريخ القديم والحديث، لتنفرد هذه القوى الغاشمة التي تديرها الأصابع اليهودية والإيرانية والروسية والغربية بالأتراك والسوريين منفردين كل على حده، وقد قهرتهم وأزعجتهم الانتصارات الباهرة التي حققها السوريون والأتراك معاً في معارك غصن الزيتون ودرع الفرات، وقد تمكنوا من إخماد فتنة الإرهابيين الانفصاليين؛ من بعض الإخوة الأكراد الذين تمكن الصهاينة وبعض الدول الغربية من التغرير بهم أمام وعود كاذبة، بإقامة دولة كردية لهم تمتد من إيران إلى سورية مروراً بجنوب تركيا.

ختاماً أتمنى على الإخوة السوريين والإخوة الأتراك ضبط النفس وعدم الانجرار وراء الشائعات التي تلفقها بعض الفئات الحاقدة، والتي تريد تفكيك عرى الإخوة بينهما، وجرهما إلى أتون الخلافات والصدامات، والتي ينتظرها العدو ويعمل عليها آناء الليل وأطراف النهار. ولنفوت الفرصة على كل هؤلاء الأعداء بحلمنا وإعمال عقلنا بعيداً عن الغوغائية والانفعال، ونتمنى على الأحزاب المعارضة أن يتحملوا مسؤولياتهم الوطنية والأخلاقية والإنسانية تجاه ما يجري، كما وأن على المسؤولين وأجهزة الأمن أن تكون عيونهم ساهرة لقطع دابر هؤلاء الحاقدين سواء كانوا سوريين أو أتراك.

وسوم: العدد 831