دولة واحدة لا صفقة قرن

محمد صالح البدراني

"الجزء الثاني"

الرؤى المتعددة للقضية الفلسطينية:

الرؤية الغربية: تتمحور حول معاناة اليهود اضطهادهم، ورغبتهم في أن يجتمعوا في دويلة تقوم على أرض فلسطين، ورغبة الغرب كذلك في التخلص منهم وإبعادهم تدريجيا لأنهم مسيطرون على الأموال والإعلام فهم يستطيعون تهديد أية حكومة في أوربا ولا تخلو حكومة من نقاط ضعف أو ملفات فساد.

ورد في كتاب الأستاذ موفق العمري (أخلاق بني صهيون ص 68) ما يمكن توضيحه بالآتي:

الدولة الاوربية تاريخ طرد اليهود ملاحظات فرنســـــــــــــــا 1182-1682 طردت اليهود أربع مرات هنكاريا 1360-1582 طردت اليهود مرتين بلجيكا 1370 - سلوفاكيا 1380-1562-1744 ثلاث حملات طرد النمسا 1420 - هولندا 1444 - ليتوانيا 1495 - البرتغال 1492 - سكسونيا 1349 - بافاريا 1551 - اسبانيا   بعد سقوط الدولة الاموية في الاندلس إيطاليا 1540 مملكتي نابولي وسردينيا روسيا 1510   السويد   لم تسمح لليهود بالدخول حتى 1782 النرويج   لم تسمح لليهود بالدخول حتى 1814 الدانمارك   لم تسمح لليهود بدخولها حتى القرن السابع عشر عقب إجراءات اتخذتها الكنيسة سنة 1215 وبمقررات مجمع لا يترف الرابع حيث ابتدأ الإنكليز بأول عملية طرد لليهود المانيا زمن هتلر كانت المحرقة والتي شملت اليهود وغيرهم لكن العداء لليهود منوه له في كفاحي والتي تعد كمذكرات لهتلر، اما الاقوام الاخرين فاحرقوا وهم عدد ضخم لاحتقار اصولهم العرقية بغض النظر عن ديانتهم

بينما المسلمون حرروا اليهود من عبوديتهم للقوط في الأندلس واحتووهم بكل حرية، واستقبلوا كل هارب منهم وعاملوهم كمواطنين، وهرب منهم من هرب مع المسلمين إلى إفريقيا، وكذلك فعل العثمانيون مع اليهود...

ثم جاء الصهاينة يؤذون المسلمين ويدمرون بلادهم باسم اليهودية! هذا واقع الأمر، الذي مازلنا نبحث له عن حل، إكرام المسلمين لهم ليس رحمة بهم فحسب بل لأن قبول الآخر من صلب العقيدة الإسلامية التي سعى الصهاينة وغيرهم إلى تشويهها عبر خلق نماذج مشوهه، بينما واقع المسلمين الحقيقي هو أنهم يحمون عقيدة الآخر وخياراته.

يرى الغرب ـــــــــ في أفضل تصور له أن الفلسطينيين أناس متمردون لا يفهمون غير القوة، ولا يلد منهم إلا الإرهاب والتمرّد على الكيان "الشرعي والديمقراطي"، ويجب أن ينهى هذا التمرد بمكافحته والقضاء عليه؛ والتصرف تجاه حماس ـــــــــــــ حين أتت للحكم بشكل ديمقراطي ـــــــــــــــــ يدل بوضوح على تخلي الغرب عن قيمه وحتى عن مصالحه أمام مصالح الكيان الصهيوني.

الصورة التي تراها الصهيونية:

استقطاب لفكر ديني بالشعب المتفوق الأفضل، وإحياء لفكرة أرض الميعاد، رغم أنهم علمانيون يدعمون أنفسهم بالمتطرفين دينيا، ويدركون أن الشريعة هي شريعة دين غير قابلة لمواكبة العصر، فهي مقيدة زمنيا، لأنها مفصلة بشكل أوامر إلهية صارمة لم تترك بابا للاجتهاد.

فهم يريدون إن تمكنوا دولة مستقلة تماما خالية من أي شعب آخر، وهو ما وجده بنيامين فرانكلين، وقبل أن تسمى بالصهيونية فعمم الكلام على اليهود حينها.

لكن عوامل ضعف المخططات الصهيونية في بنيتها يحول دون ذلك:

فالصهيونية تسعى للتطبيع ليس للاندماج بالمجتمع العربي المحيط بكيانها، وإنما تطبع علاقات اقتصادية وتجارية فهي لا تستطيع الاستمرار بغير هذا، وما يرافق ذلك من فساد، فالضعف والفساد يتيح لها الاختراق ويهيئ لها بيئة صالحة لما تريد، وهذا يشكل خطرا بنيويا على المحيط لا يمكن أن يتحمله أحد، لهذا فهو أحد حتميات نهاية هذا الكيان وبما يخطط ويدبر له، وهو نقطة ضعف بنيوية وإن بدت الآن مظهر علو وقوة، لأنه في حقيقته امتصاص الدماء بقانون حالة طارئة. إن الصهاينة من مجتمعات متعددة ويحملون ثقافات مختلفة ومتناقضة وإقصائية، لهذا فهم يشكلون تجمعات متنافرة داخل المجتمع الواحد، فكل أتى من منطقته ولم يخضع لنظام طبقي، وهنالك رفض واضح بين المكونات لبعضها البعض، وهناك قلق بين هذه الكيانات، وهناك هجرة معاكسة، وظهور التضليل في ركائز الفكرة الصهيونية بين الإسرائيليين أنفسهم بعد التوسع المعلوماتي والتقني ووسائل التحقيق، واليهودي إن لم تغلبه الأيديولوجيا، فهو إنسان يتأثر بما يتأثر به أي انسان من مظاهر الظلم والتعاطف مع المظلوم، في الانتخابات الأخيرة والتي ارتسمت عليها علامات الفشل هي صورة للخلافات الجدية بين مجموعة من الرؤى المتضاربة والتي ظهرت عندما تبين أن الخطر من المحيط زال نسبيا، وهم كأي مجتمع لا تجمعه إلا أوهام قومية أو دينية يصل مرحلة التفكك الذاتي الذي سيتطور إلى اقتتال داخلي بطريقة أو بأخرى ويصبح مجرد تشكيل حكومة انتصارا كبيرا. الجيش الذي يدرك الصهاينة انه عبئ إذا حصلت ثورة فلسطينية وربما عربية لاحقا أو حتى إسلامية شعبية رفضا لهذه السلوكيات المستغلة، والتدهور وعدم الاستقرار والفوضى التي تصنعها، الجيش الذي لا يقهر اسطورة أدرك الصهاينة أنه ليس حقيقة، وأن الفساد مستشري فيه، وأن أكبر فرقه تدريبا وفتكا لا تقف أمام سلاح بدائي لمقاومين، فأضحى كل عمل عسكري أو قصف بالطائرات وعن بعد يخلق بركانا من الكراهية التي ستقفل يوما ما أية فرصة لبناء سلام حقيقي أو صبر على الوضع القائم، وقد يأخذ هذا وقتا لكنه لا محالة كارثي النتائج، والكاتب كمسلم فهو لا يريد أن يؤذى أي إنسان كرّمه الله وإنما إصلاح فعله(فشل الجيش المعنوي والنفسي، وفقدان العقيدة القتالية، ونتيجة طبيعية لانتشار الفساد المالي والإداري في القيادات العليا والاختلاسات والرشا، وهذا لا يؤثر على الجيش فقط وإنما على الدعم الشعبي لفكرة المدينة الفاضلة التي صورتها الصهيونية لهم، وبالتالي السؤال لِم يقاتل؟ وهو ممكن أن يعيش محفوظ الكرامة مع العرب وغيرهم إن زالت أسباب الظلم والاحتلال. الدول الداعمة للكيان معرضة للانشغال بنفسها، واتباع مصالحها، وإن حصل التطبيع فلن تكون مصلحة الكيان مع أي طرف خارج المنطقة او داخلها حتما، وبالتالي سينعزل الكيان ويبدو جسما أكثر وضوحا للضرر لأنه سيضطر ان يبدو على حقيقته وليس مستعينا بمصالح الاخرين، فالولايات المتحدة تتحمل اليوم جزء من الكراهية المتولدة، كذلك أوربا وبالذات بريطانيا وفرنسا لتدخلاتها السلبية وإن كان البعض يظن أنها ليست واضحة. نظام الكيان البنيوي يعتمد على التحدي والخوف غالبا والشك بالمصير ما يجمع شتات متباين عقديا مما هو معروف دينيا أو علمانيا، وهذا سينفرط إن استتب الأمر دون خوف مع ذات الكيان الزمكاني. حل الدولة اليهودية كما يدعون إليه هو هروب إلى الأمام ولن يستمر هذا الكيان إلا ويصبح الخطر من داخله، وحلّ الدولتين يصل بذات النتيجة، فلا يمكن أن يزعم وجود تهديد بعد اتفاق.

الصورة التي تراها الدول العربية ثم الإسلامية:

النظرة العربية تجاه القضية الفلسطينية بشتى أوصافها بدعوى القومية العربية، وفشلهم في تحقيق أي شيء من وعودهم عمدا أو ضعفا، وتغيرت القضية الفلسطينية في الخطاب لهذه الدويلات الفاشلة حقيقة، نتيجة طبيعية لفقدان البوصلة، والأصل الهش الذي قامت عليه هذه الكيانات، التي لم تنتج حتى أثرا لفكرة الأمة القومية الواحدة.

في البدء كان التحرير وإخراج الدخلاء وإعادتهم إلى أوطانهم. ثم "المطالبة" بعودة اللاجئين إلى أراضيهم، وتشكيل دولتين مستقلتين، وهذا الواقع به إشكالية منطقية أصلا، فكيف يمكن الرضا بالتقسيم ثم تكوين دولتين وإعادة الفلسطينيين إلى أرض أصبحت لغيرهم؟ أسئلة كثيرة أثارتها الفكرة السابقة وترك جوابها للحيز الوطني، فالناس باتت تطالب بأراضيها التي احتلت بعد 67، و73 في مصر والجولان. التحرك السري والعلني للتطبيع والاعتراف بالكيان الصهيوني بدأ تدريجيا مع مفاوضات لا معنى لها إلا إفساد المقاومين وإشغالهم بلعبة المال والأعمال. الانتقال الأخير إلى الدعوة وترديد التأييد لخطط غير واضحة، ودون تخويل من أحد، بل أصبح البعض من الذين قمعوا شعوبهم خوفا من التآمر على "القضية" ولأنهم حماتها، فهم من ينادون بأكثر مما يطمح به الكيان أو على الأقل من تقدم جدوله الزمني لتحقيق الأهداف.

أما المسلمون:

فقد رفع العرب عن كاهل ضمائرهم القضية، وأضحت أيضا حديث منابر، والمعلن أنهم سيوافقون على ما يوافق عليه الفلسطينيون راضين أم مرغمين.

والحقيقة أن الأمة متراجعة، والنظم تخوض صراع وجود مدعوم من الخارج مع شعوبها، تلك الشعوب التي تحاول عبثا نيل الحرية والتخلص من القيود، بهوية أو بدون هوية.

لكن هذا الصراع، أبرز هشاشة الوضع الاقتصادي والسياسي، وتدني مستوى القيادات وتنمرها على الضعفاء وركوعها أما "الأصدقاء".

العرب والدول المسماة بالإسلامية فشلت في القضية وميعتها، بل إن هذه النظم إن نجحت فقد نجحت بأن تلعب دور الفزاعة التي تخلق جوا حارا في محيط النسيج الغير المتجانس من الصهاينة القادمين من الشتات بثقافات متعددة وربطت حرارة الخوف المزعوم بين هذه المتباينات والمتناقضات رغم أنها لم تنصهر بعد ولن تنصهر.

فهذا الشعب وترابطه سينتهي ليرى حقيقة الصهيونية التي تدعو إلى دولة يهودية إنها ليست حقيقة يهودية ولا تعمل لليهود وإنما لعالم المال والأعمال، وأنها رأس الحربة للسيطرة على اقتصاد المنطقة فحسب، وأنها تغامر بهم من أجل فكرة ليست محكمة، ففلسطين خيارا أخيرا لهذه الصهيونية ووجدت به ثغرة دينية وسعتها فحسب، وإلا كان الكلام عن إقامة هذا الوطن في أمريكا اللاتينية ثم في سيناء.

البلاد العربية تقاد من أناس منقطعين عن التاريخ، همهم الكرسي، يركعون للخارج وشعوبهم جائعة ليدفعوا الجزية ظنا منهم أنها وسيلة لبقائهم، فالبلدان العربية خارج دائرة التأثير وإنما هي مصدر تمويل لمشاريع الآخرين، يعيشون احترام ولا تقدير، فهي كيانات هلامية قلقة، لهذا فهي لا تستحق ضمن الاعداد الزمني لهذا المقال أن تدخل المعادلة بأكثر مما هي عليه واقعا وضمن خطة يرتضيها الغرب.

القضية ما بين المطروح من حلول والحل

الحلول المطروحة ظاهرة وباطنة، لكنها ترتكز على أوهام ولا منطق، فحالة شاذة وجسم غريب لا يمكن أن يكون في البدن إلا جسما غريبا ما لم يتماه ويندمج ضمن النسيج المجتمعي.

حل الدولتين يعارض من قبل الكيان، وليس مقبولا لديه إلا تكتيكا، فلا تقسيم جغرافي ولا حياتي ممكن أن تحققه هذه الفكرة القدس لا يمكن أن تكون مسألة يتنازل عليها كل الأطراف إلزام الكيان نفسه بحدود لا يمكن أن يقبلها إلا تكتيكا ولن يرافقه سلام أبدا، فهنالك أمورا عالقة لا يمكن تجاهلها. الشعوب في الدويلات العربية، وإن كانت مقموعة، فإن رافضة لهذا الكيان بل حاقدة لان ما يحرض عليه وذلك أنه يساعد المستبدين في قمع حركات التحرر. الكيان يدرك أن توقيعه أي اتفاقية مع الحكام العرب لا تساوي شيئا، وأن هنالك دوما وسائل جديدة ستندفع للقضاء عليه كجسم غريب. المتسرب مما يسمى بصفقة القرن، هو في الحقيقة هروب إلى الأمام وليس حلا، بل سيخلق مشكلة أخرى مع المصريين، والأردنيين، وإحباط تام للفلسطينيين، لأنها تلغي وجودهم وتوزعه بين دولتين، والمشكلة قائمة الآن مع العرب في جزيرة العرب لأنهم يتعرضون إلى ضغوط وارتدادات لم تظهر حتى الآن، لكنها ستنعكس سلبا ومحتوى تلك الصفقة سيكون مادة لها.

إذن لابـــــــــــــــد من الاتفاق، والاتفاق يجري أولا بين الكيان والفلسطينيين وبطريقة شفافة، وبموافقة على الفكرة دوليا.

تصحيح الأفكار للتفاهم على الحقائق، والانتهاء من مسألتي الإسلام -فوبيا والهولوكوست في الغرب، وإحلال التفهم الحقيقي وليس الخوف القادم من التاريخ كانطباع دون تحقيق أو تأكيد من الإسلام وفكرة الفتوحات التي لم تقم على أساس امبراطوري وإنما لنقص التقنية ذاك الزمن والإعلام ووسائل التواصل فضلا عن أننا بحاجة الى إعطاء المجال في بلاد المسلمين لفهم الإسلام نفسه وليس هذا الفهم الذي يفهمه نسبة تفوق ال90% من المسلمين، من اعتبارات التاريخ والتعبئة المضادة لتعبئة الغرب المستمرة، فمازالت أفكار التعبئة الكنسية فاعلة في النفسية الغربية ومستمرة من القرون الوسطى، ولا تمحيص لها لأنهم لم يضطروا لذلك، لكنها تخلق في بلدان المسلمين انطباعات مضادة وخوف متبادل يغطي على دعاة الفهم الحقيقي للإسلام، بل هم يقاومون ويقمعون من قبل نظم الاستبداد وبهذا لا يجري تفاهم حقيقي مع الغرب أو الشرق في واقع افتراضي على الأرض. إن حلا موضوعيا على الأرض أفضل بكثير من بقاء الصراع، وحالة التخلف المدني والانحدار الحضاري في منطقة مليئة بالخيرات وخالية من الرفاهية والتطور الحقيقي، وبعيدة عن تقديم إضافة حقيقية للمنظومة العالمية إلا من خلال كونها طاردة للكفاءات والتي تشارك في الغرب ضمن منظومته، وهذا يقلل من كفاءتها واقعا للإنسانية بالمحصلة. لابد أن يقتع الصهاينة ويكفوا عن إهمال مصالح اليهود أنفسهم، والتفاهم على أمر صالح حقيقي وليس إسقاط الأوهام المستحيلة الديمومة، فحتى لو أتيح الاستقرار للكيان فإن محيطه المضطرب، وفقدان الانسجام الداخلي سيقوّض الاستقرار بل الوجود ذاته، وهذا ربما معروف للصهاينة فلا يميلون إلى حلول نهائية مهما كانت، إما لمعرفتهم بانه غير منطقية أو غير عملية، او لمعرفتهم بطبيعة النسيج الداخلي الذي يثبته الخوف من الخطر وإن كان وهميا.

ما نــــــــــــــــــراه حــــــــــــــــــــــــــــــلا (حـــــــــــــــل الدولة الواحــــــــــــــــــــــــــــــــــدة)

حيثيات ومقدمات:

فكرة إقامة دولة يهودية على أن اليهود قومية، فكرة خاطئة أساسا ولا تنسجم حتى مع النظام والتقسيمات المجتمعية والطبقية الحالية في الكيان، ثم إنهم يعلمون أن الشريعة اليهودية لا تصلح للحكم لأنها شريعة دين، ومقيدة بطقوس وعبادات، ومقيدة زمنيا، فهذا وهم باطل لا ينفع. ليس من مشكلة تاريخية بين اليهود كيهود وبين المسلمين، بل العكس صحيح فالمسلمون هم الذين حموهم من الإبادة التي حصلت لهم في الغرب، إان كانت ما سمي بالهولوكوست ذريعة مظلومية تربط النظام الغربي الحالي بإحساس الذنب، فإن جرائم الغرب ضدّ اليهود خاصة أكبر من الهولوكوست، والهولوكوست ومحاكم التفتيش لم تصب اليهود وحدهم بل الجميع الحقيقة بسبب جنوح فكري عند النازية المشابهة بفكرتها للصهيونية. إن فاعلية الصهيونية كفكرة خطر على السلام العالمي كأي فكرة متطرفة تجنح للاستعانة بالدين بطريقة مشوهة، فستبقى تتخادم مع عناصر الارعاب والتطرف الفكري أينما حلت فكرتها، فهي فكرة دينية متطرفة كما هنالك التطرف الزاعم للإسلام، أو الزاعم للمسيحية. والنازية فكرة لا تختلف حقيقة عن هذا التطرف المرتكز على تفوق عرقي أو قومي أو لفئة على أخرى، أو أحقية بشيء ما دون الآخر خارج حدود الوضع السليم والفكر القويم.

حــــــــــــــــل الدولـــــــــــــــــــــــــة الواحـــــــــــــــــــــــــدة

الحل بالدولة الواحدة، هو حل يقوم بآلية ديمقراطية وشعب واحد، يدخل في مرحلة من الانسجام والتماهي للوصل إلى صيغة تعايش إيجابي.

الحل يحتاج إلى دعم عالمي من حيث التمويل المتوقع له، وإلى تعاون دولي على صعيد احتواء من هو خارج فلسطين من العرب أو العبرانيين

فلسطين بحدودها الكلية الحالية وطن لمن يسكنها، ولن نستطيع حصر الحالات جميعها لتكوين الحل بيد أننا ممكن ان نصف نموذجا منها، وهذا المقترح حتما قابل للتعديل الإيجابي.

ماهي المشاكل المطلوب حلها والتحديات لمنظومة الحل:

clip_image002_2a876.png 

في الشكل أعلاه نموذج من المشاكل والتحديات التي لابد أن نجد مقترحات لحلها ليجتمع عليها المجتمع الدولي وقبل كل شيء ينبغي أن تقنع المعنيين مباشرة بالموضوع

المستوطنون والمهاجرون:

ضمن هذه الخطة يفتح خيار لمن يريد البقاء فلا شيء له أو عليه، أو يعود نهائيا إلى أي بلد يرغب فيه مع ضمان حياة ملائمة.

اللاجئون والمهجرون والمبعدون:

يخيرون ما بين العودة ولا شيء يضاف لهم، أو البقاء حيث هم أو حيث يختارون مع ضمان حياة ملائمة لهم.

الانسجام ومحو آثار التعبئة والتعبئة المضادة:

لمن يبقى في فلسطين من الطرفين تقام حملة مدروسة تعمل على دمج مجتمعي بين اليهود والمسلمين والمسيحيين وغيرهم كمجتمع واحد.

انطلاقة الحكم:

تقوم حكومة مؤقتة لمدة مناسبة، تجري خلال هذه المدة عملية الدمج والتأهيل لمجتمع منسجم متعايش بدون استقطاب أو محاصصة أو طائفية أو غيرها...

ثم تقام انتخابات ديمقراطية حقيقية لقيادة البلد ودمجه مع محيطه وجعله فاعلا في العالم.

هذه الامور بها تفاصيل يتولاها مختصون

إن بقاء الكيان بوضعه الحالي وما يخلقه من توتر واضطرابات ومحاولات إضعاف وإقلاق لمحيطه، لن يأتيه بالتمكين والهيمنة التي يرجوها وإنما سينتهي حتى لو تخلّص بالتطبيع من حالة يعيشها من التفكك وضعف الموارد لأنه سيضيف خطرا مباشرا على الشعوب بما لا يمكن إحصاء ما ينتج عنه؛ لذا فلابد للعالم أن يذهب إلى خطّة واقعية وليس شكلية أو تفاهمات مع أنظمة لا تمثل شرعية حقيقية وإنما واقع حال استبدادي. 

إن الفلسطينيين والصهاينة اختبروا بعضهم ويعرفون مواطن التفاهم ومن خلال معرفتهم مواطن الاختلاف بإمكانهم أن يبنوا معا مجتمعا متوازنا ونموذجا مهما في المنطقة كنموذج تعايش حقيقي، والخير يعم الجميع في منطقة ثرية إذا ما توحدت جهودها واستغلت ثرواتها وهذا ما سيفيد التنمية في العالم أجمع بدل أن تكون بؤرة فساد وتوتر ومشاكل!! والأرض المسيطر عليها الآن لن تكون مسيطرا عليها مستقبلا.

هذا المقال يعبر عن رؤية شخصية قد تكون غير مكتملة الأوجه لكنها معروضة لأصحاب الشأن بأن يجدوا أسلوبا سلميا يجعل المنطقة تعيش بسلام بلا مؤامرات ومشاكل تقلق الحياة، وربما هو صوت سيذهب أدراج الرياح مع أيدولوجيات الصراع وأوهام المعتقدات...

[1]) في المفهوم الإسلامي المغيب، ان الكراهية للفعل القبيح وليس للإنسان الذي يفعله وان تصويب الفعل واجب متى ما أصبح مؤثرا على المجتمع بالقانون الفاعل، فالأصل النصيحة ثم التقويم، لكن مع الفوضى الحاصلة في هذا الموضوع، فان ما نطرحه هو تجنب لكارثة غير معلومة الزمان، لكنها معلومة المكان.

وسوم: العدد 831