رهاب التصريحات المهددة يتمكن من اللاجئين هل بدأت مرحلة شيطنة اللاجئين السوريين

منذ أكثر من عام والشيطانان بوتين ولافروف يحملان ملفين سوريين يجوبان بهما العالم وهما : إعادة اللاجئين وإعادة الإعمار .

في الرؤية السياسية فإن هذا تعبير عن انتصار روسي في سورية بطريقة غير مباشرة ، يريد بوتين القول : أنا انتصرت ، وكل شيء انتهى . وسورية أصبحت آمنة فليعاد اللاجئون ، وانتهى عهد الحرب والتدمير فليبدأ عهد التعمير !!

وعلى الرغم من أن دعوات بوتين ولافروف في جولاتهما حول العالم لم تلق الاستجابة " المباشرة " أو المناسبة ؛ ولكن يبدو أن الذين ما زالوا يلعبون على دم الشعب السوري قد التقطوا الرسالة جيدا ، وبدأت ماكينة كذبهم التي التقطت التعليمات بشكل جيد بالعمل الجاد المنظم والمنهجي لخدمة هذا المشروع .

لقد مرت الثورة السورية على مدى سنواتها العشر تجارب مماثلة من عمليات التشويه الممنهج وأبرزها تحويل الأخطاء الفردية إلى جماعية ثم إلى حالة . وأحيانا اصطناع الأخطاء ثم رصدها وتضخيمها . تذكروا " العلوي على التابوت والمسيحي على بيروت " وغيرها وغيرها كثير .

ثم تذكروا ضرب مكونات الأجسام السياسية السورية أو مكونيها ببعضهم . تذكروا حكايات السفراء الذين كانوا يصرحون لكل من لاقاهم أنهم معجبون بخطابه وأدائه وأنه يمكن أن يكون معتمدهم .

ثم نتذكر اللعبة الأخطر في تدعيش الثورة - وليس أسلمتها - لعبة التدعيش التي اشترك فيها كل دواعش العالم في مواقع القرار الدولي .

العجيب اليوم أن بعض السوريين عن سذاجة بالغة ، أو ادعاء طهورية كاذبة ، أو عن علم وقصد مبيتين ؛ يشتركون في عملية تشويه أنفسهم ، والنيل من ذواتهم ، ولكل من هؤلاء طريقته وأسلوبه ..

الحملة المتمادية التي نتابعها اليوم حول العالم وحول الإقليم ضد اللاجئين السوريين ليست فقاعة في هواء . بل هي حملة ممنهجة يقودها القابعون في جحور الشر العالمي في كل مكان . والأعجب فيما أرصد أن إعلام دول لم يكن لها حظ كرامة في استقبال لاجئ سوري واحد " بصفة " لاجئ تدخل على خط الشكوى والأنين . ومنها دول كانت مرتعا لشبيحة الأسد ولغسل كل قذارات أسرته وتحطب في غابة عودة اللاجئين.

ابدأنا نشعر أن بعض الناس بدؤوا يكتشفون اليوم أن اللاجئين " يشهقون ويزفرون " وأن زفيرهم ربما يوسع من ثقب الأوزون فوق بلادهم !!

بالأمس أقرأ خبرا عابرا في أحد المصادر : سقط غصن شجرة فأصاب ثلاثة أشخاص وسوري . مصداقية الخبر أو دلالته ستنقص لو قال صاحب الصياغة أربعة أشخاص . بل لعل خصوصية الجاذبية التي يحدثها السوري هي التي جذبت الغصن فخر مغشيا عليه !!

تصريحات التخويف والتحذير المبالغ فيها باتت توجد نوعا من الرهاب والقلق عند عموم اللاجئين وخصوصا عند الفتيان والفتيات من اللاجئين ، وبات هاجسهم : كيف يسترضون الزملاء والزميلات من العرق الأبيض في الحي وفي المدرسة ماداموا كلهم موضوعين كما توحي التصريحات تحت المجهر خشية أن عينا لهم تطرف. الرهاب الذي تحدثه هذه التصريحات لا تقل وقعا عن رهاب القصف المتوقع بالبراميل المتفجرة في المناطق الموسومة بخفض التصعيد البوتيني .

وزاد من تصعيد أزمة الرهاب المذكور أن دولة عربية أقدمت منذ أيام على تسليم ثمانية مواطنين مصريين إلى جزارهم . تذكرت يوم تحول شعب هذه الدولة بمن فيهم أميرها إلى لاجئين . وللعلم ما كل اللاجئين فقراء. والفقر ليس عيبا .

والأمن في الدار نعمة شكرها بالإحسان إلى من حرم منها . ومدح ربنا قوما آووا ونصروا فقال : ( يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ ).

طبعا لا أحد يريد أن يداري على خطأ لاجئ . وبالطبع كانت منذ البداية أخطاء في استراتيجية التشجيع على الهجرة , وفي إدارة ملف المهجرين . والأخطر في هذا السياق أن أجهزة الخوف الأسدية لم تتوقف عن أن تدس في صفوف اللاجئين من يسيء إليهم باسمهم .

الأخطاء لا تصحح بالأخطاء . وعلى السوريين السوريين أن يبادروا ..

وعلى الذين يديرون دولاب بوتين اللئيم أن يتذكروا أنهم يعبثون بمشاعر بشر مستضعفين يألمون ويألمون ..

السوري دخل الإسلام منذ 1400 عام . ولم يولد حاملا خطيئة على عاتقه . بل هو أسلم وحين أسلم تعلم أنه ( لاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ).

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 833