وَلَوْ أَرَادُواْ ٱلْخُرُوجَ لَأَعَدُّواْ لَهُۥ عُدَّةً

لكنهم لم يريدوا الخروج ، لم يريدوا الجهاد و هربوا منه ، بل أصبحت كلمة ثقيلة عليهم يتبرئون منها  ، لقد أرادوه دين بلا شوكة بلا سنان بلا حميّة .

فلم يعدّوا له عدة و لم يفكروا حتى في ذلك ، لقد رضوا بالدون و الصغار و الذُل و الهوان ، لقد أنِسوا إلى الدنيا و بريقها و زخرفها .

( .. وَلَٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنۢبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ ٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْقَٰعِدِينَ ) (التوبة - 46)

و لأنهم كذلك فقد كره الله خروجهم ، إنّهم لا يستحقون هذا الشرف و لا يليقون بهذا المجد أن يكونوا مجاهدين حتّى لو إنطوت سريرتهم على خلاف ذلك .

فهذا الشرف الكبير لا يناله متلوّن و لا راقص على الحبال و لا آكل على موائد الظالمين و المجرمين .

و كان العقاب  أن اقعدوا مع القاعدين في بيوتهم من النساء و الأطفال ، فهذا مكانكم في البيوت ، لا في طرقات العزة و سبل الكرامة ، مكانكم على الأسّرة لا ساحات الوغى ، مكانكم حيث بطونكم و شهواتكم  لا مصارع الرجال و الأبطال .

إنها الآية الكاشفة المحرجة لهؤلاء البؤساء الذين أختاروا القعود و البرود و التبلد و الأمة تتلظّى و الحرمات تنتهك و الدين يستباح .

فمن منكم يريد الخروج و من منكم يريد القعود ؟

اللهم ثبّتنا و لا تفتنّا و استعملنا و لا تستبدلنا و اجعلنا من أهل الخروج لا القعود .

وسوم: العدد 834