عندما يتطاول الأقزام فلا يصلون لأكثر من أحذية العمالقة
تطاول الجنرال عون من خلال عدة تغريدات على موقع تويتر على الدولة العثمانية بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس لبنان، وزعم في إحدى هذه التغريدات أن "كل محاولات التحرر من النير العثماني كانت تقابل بالعنف والقتل وإذكاء الفتن الطائفية"، ويقول في تغريدة أخرى: إن "إرهاب الدولة الذي مارسه العثمانيون على اللبنانيين خصوصًا خلال الحرب العالمية الاولى، أودى بمئات آلاف الضحايا ما بين المجاعة والتجنيد والسخرة".
تطاول عون على الدولة العثمانية كتطاول الأقزام على العمالقة، لا تصل حدقات عيونهم إلى أحذية أقدامهم، فمن هذا الجاهل كي يناطح الفلك وهو يجهل ما على الأرض وما جرى ويجري فيها، ولا يعرف أن الذي يقصف لبنان هم االصهاينة وليس العثمانيون، وأن من سلخ لبنان عن سورية وجعل منها دولة هو الانتداب الفرنسي.
هذا الجنرال الجاهل الذي أصبح بفعل فاعل رئيساً لجمهورية لبنان في غفلة من أصحاب العقل والإدراك والمعرفة والوعي فيها، الذين غيبهم حزب اللات حتى لا يكونوا حجراً عثرة في طريق حسن نصر اللات، الذي يعمل على إطفاء سُرج عقول أهل الحل والعقد في لبنان وإخراسهم أو تحيدهم أو تغيبهم، إرضاءً للولي الفقيه القابع في قم إيران، وتنفيذاً لأجندته في تحويل المنطقة إلى حذاء لهذا الولي الفقيه، واستكمالاً للهلال الذي يرسمه للمنطقة التي يحلم هذا الولي الفقيه بالسيطرة والهيمنة عليها، وانسجاماً مع توجهات تحالف الثورات المضادة؛ الذي تقوده السعودية والإمارات ومصر والبحرين، مدعومين من الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وإيران، وذلك لأسباب تتعلق بدعم تركيا ثورات الربيع العربي والدعم القوي لقطر ضد الحصار الظالم الذي فرضه تحالف الشر العربي، إضافةً إلى موقفها القوي من مقتل الصحفي جمال خاشقجي، وتقديم أدلة دامغة على تورط ولي العهد السعودي في الجريمة الوحشية..
كما يأتي تطاول الجنرال عون على الدولة العثمانية تماهياً مع هجمة إعلامية شرسة يقودها تحالف الشر العربي ضد تركيا؛ حيث تعتمد على نشر الأكاذيب وتحريف الحقائق التاريخية.
ونحن لدينا الوثائق الكثيرة التي يمكن الرد من خلالها على ما تفوه به هذا الجنرال الجاهل، ولكننا نفضل أن يتلقى الرد من اللبنانيين أنفسهم على تخرصاته وجهله، وهم يقارنون بين حال لبنان في عهد الدولة العثمانية وحاله اليوم؛ الذي يعاني فيه من التمزق والطائفية، وتنصيب الصغار أعلى مناصب الدولة.
يقول المؤرخ اللبناني، خالد الجندي، إن الدولة العثمانية (1299: 1923) طورت العمران في لبنان، وأنشأت كنائس عديدة، ولم تفرق بين الديانات والطوائف، على عكس الاستعمار الفرنسي والأوروبي عامة.
وأضاف الجندي أنه "في زمن السلطنة (العثمانية) كان يوجد تعايش بين جميع الطوائف، وكان العثمانيون يعاملون الجميع بمساواة".
وتابع: "السلاطين العثمانيون أصدروا فرمانات بإنشاء العديد من الكنائس في لبنان، بينما عمل الاستعمار الفرنسي والأوروبي عامة على التمييز والتفرقة بين الديانات والمذاهب في لبنان، وتدمير الإرث العثماني في المنطقة، ونهب كل خيراتها".
وزاد بقوله إن "أهمية وجود السلطنة العثمانية تكمن في تطوير الحياة والعمران في لبنان، بما فيها خط سكك الحديد ودور العبادة لمختلف الطوائف والمذاهب، والمدارس والمقار الحكومية والمصانع".
وقال رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية في لبنان، عماد الحوت، في بيان، إن "الدولة العثمانية هي جزءٌ من تاريخنا الذي نعتز به ونفتخر، وأقامت حضارةً احترمها القاصي والداني في تلك الأيام، فجاءتنا بالكهرباء وشبكة القطارات والمدارس والمستشفيات وغير ذلك مما نعاني من افتقاده اليوم".
وأضاف الحوت، وهو نائب سابق في البرلمان، أن "الدولة العثمانية لم تكن يومًا دولة إرهابية أو دولة احتلال، والإرهاب الحقيقي في ذاك الزمان كان الاحتلال الفرنسي، الذي انتفضت في وجهه جميع المكونات اللبنانية، فكانت ثورة الاستقلال التي نحتفل بها كل عام".
بدوره، قال المفتش العام للأوقاف الإسلامية بلبنان، الشيخ أسامة حداد: "لم تكن الدولة العثمانية دولة محتلة لبلادنا.. بل كانت تحكم هذه البلاد كونها بلادًا واحدة"، وتابع حداد: "الدولة العثمانية هي التي بنت فيها (الدول الإسلامية) الكثير من المباني والجسور والمدارس والحدائق العامة.. واليوم لا يستطيع البعض تصليح سكة الحديد التي بنتها الدولة العثمانية منذ ما يزيد عن مئة عام".
وأردف أن "عدد المسيحيين في الشرق الأوسط في ظل الدولة العثمانية كان حوالي ثلاثمائة مليون، بينما اليوم لا يزيد عن ثلاثين مليونًا فمن هجرهم؟؟ العثمانيون أم تلك الدول الغربية التي تدعي نصرة الأقليات".
ونشر نائب رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في لبنان، عبد اللطيف الداعوق، صورة عن لبنان في عهد الدولة العثمانية تظهر القطار في بيروت، وصورة أخرى عن لبنان اليوم تظهر سكة القطار العثماني وقد انهارت بسبب حادث سير.
وكتب الداعوق: "خطوط سكك الحديد الساحلية والداخلية التي أنشأتها دولة الخلافة، وبعد مئة عام، لا قطار ولا سكك وانهيار في البنى التحتية ومديونية عالية ونظام سياسي طائفي فاشل وأزمات شتى بين نفايات وكهرباء وصرف صحي"".
ونكتفي بهذا القدر رداً على الجنرال الجاهل، ونتمنى عليه لو يتنحى عن الحياة السياسية ويخلي منصب الرئاسة الذي لا يليق به والذي لا يصلح لمثله وهو الجاهل وفاقد للرؤيا والبصيرة.
وسوم: العدد 841