خرافة الهولوكوست تتسلل إلى الوعي العربي
في أسبوعين ، حدثت في العالم العربي واقعتان لهما صلة بخرافة الهولوكوست أو المحرقة التي يقول اليهود كذبا وتزويرا إنه قتل فيها 6 ملايين منهم ، في حين أن تقديرات منصفة ، يشارك فيها يهود ، تقول إن العدد لا يتجاوز نصف مليون . الواقعة الأولى حدثت في بلدة آيت فاسكا في ضواحي مدينة مراكش ؛ حين قامت جرافة تابعة للإدارة المحلية للبلدة بتجريف مشروع بناء يتكون من متحف ، ونصب ل " تكريم اليهود المثليين الذين قتلوا في معسكرات الاعتقال الأوروبية على يد النازيين " . والمنظمة المقيمة للبناء هي منظمة " بيكسل هيلبر " الألمانية ، وجرت عملية الهدم استجابة للغضب العارم الذي أبداه المواطنون المغاربة الذين عارضوا المشروع . والواقعة الثانية كانت في جامعة عين شمس المصرية بعرض مسرحية تتناول موضوع المحرقة ، قدمها عدد من طلاب الجامعة . وحيا ليئور بن دور مدير إدارة مصر والمغرب في الخارجية الإسرائيلية الذين قدموا المسرحية مشجعا لهم : " برافو عليكم ! كل الاحترام " . الواقعتان من العلامات الكثيرة على مواصلة اليهود منظماتٍ وجماعاتٍ ، وإسرائيل كدولة ، احتكار مآسي الحرب العالمية الثانية ابتزازا للعطف العالمي ، وتسويغا لاغتصابهم وطن الفلسطينيين ، وتبريرا لكل الجرائم التي يقترفونها يوميا ضد الشعب الفلسطيني من استيلاء لا يتوقف على ما تبقى في حوزته من أرضه ، ومن قتل واعتقال ومداهمات ، وهدم بيوت ومحلات ، وأسر أكثر من 7 آلاف من الجنسين ، ومن مختلف الأعمار ، في سجون إسرائيل . واشتد احتكار اليهود أولا ، وإسرائيل لاحقا لمآسي الحرب العالمية الثانية حتى ترسخ في وعي كثيرين في العالم أن تلك الحرب لم تنفجر إلا لقتلهم ، وبدا أن العالم نسي أن 50 مليونا هلكوا فيها ، وأن نصيب اليهود الحقيقي من الهالكين لا يتجاوز نصف مليون ، وأن الاتحاد السوفيتي هلك من مواطنيه فيها 20 ملونا لم تحظ بلادهم أو أقرباؤهم بأي تعويض ، إضافة إلى مآس إنسانية لم يسلم منها إلا قلة من دول العالم . ويجب أن نضيف إلى هذه المآسي الهائلة مأساة الشعب الفلسطيني في سرقة وطنه تعويضا لليهود وتأمينا لهم . نحن الأبرياء من الحرب التي أوقد الأوربيون مسيحيين ويهودا أوارها الضارم العارم ندفع من حياتنا ودمائنا وعذابنا تعويضا لضحاياها القليلين من اليهود ، وتطهيرا لضمائر الأوروبيين والأميركيين ليرضوا أخلاقيا وحضاريا وإنسانيا عن أنفسهم ؛ فاليهود يرون الغرب كله مذنبا في المحرقة ، فمن لم يَقتل ، كذا يقولون ، سكت عن قتلهم ، أو تخاذل في إنقاذهم . وبعد أن أجبرونا قهرا على تعويضهم ، هاهم يصرون على أن نتقبل هذا التعويض الجبري القهري بالتسلل إلى وعينا الفردي والجمعي وإقناعنا بأن هذا نصيبنا في تعويضهم ، المساكين الأبرياء . وتوقحوا وتجرؤوا حتى طلبوا من الفلسطينيين تدريس خرافة الهولوكوست ومبالغاتها المسرفة في مناهجهم ، وفي الوقت عينه يحاربون كل ما يتصل بالنكبة الفلسطينية مصطلحا وممارسة لأي شكل من أشكال التعبير عنها فعلا أو قولا . وهذا التوقح وهذا التجرؤ مترسخان في عقليتهم وسلوكهم ، ويبلغان ذروتهما في مواقفهم وأقوالهم . قالت جولدا مائير مرة : " لن نغفر للفلسطينيين أنهم أجبرونا على قتلهم " !
وحسنا فعلت بلدة آيت فاسكا بتجريف مبنى المشروع الخاص بالمحرقة ، ويؤلمنا أن تخترق دعايتها وعي بعض طلاب جامعة عين شمس المرموقة ، وهو ما يتناقض كليا مع أصالة وطنية الشعب المصري الذي رفض كل صور التقارب والتطبيع مع عدو الأمة التاريخي الذي لا يخفي عداءه لنا بشرا ودينا وحضارة ويجاهر به في صلف وغرور .هل انحلت كل مشكلات مصر حتى لم يجد أولئك الطلاب إلا خرافة المحرقة ليقدموا مسرحية عنها ؟! إننا كلنا مسئولون عن حماية نقاء وعي شبابنا وكل مواطنينا من تسلل أضاليل وأباطيل اليهود إليه لتلويثه وتخريبه وتوجيهه الوجهة التي يريدونها .من يستولِ على وعيك يستولِ على ذاتك وتوجهاتك . وليست الخطورة في أن يُسرق حقك في زمن ما . الخطورة الكبرى أن تعترف بشرعية سرقته . إذا اعترفت بشرعية سرقته خسرته للأبد . خسارة حقنا حاليا عابرة ، نابعة من قصور قوتنا عن استرداده ، والقوة تأتي بعد حين . المهم الحاسم أن يبقى وعيك رافضا لسرقته ، منكرا لأي حق لسارقه فيه مهما تسلح بالخرافات والأكاذيب ، ومن مثل اليهود قدرة على التسلح بالخرافات والأكاذيب ، ومنها خرافة الهولوكوست ؟!
وسوم: العدد 841