الرِّهانُ على سوتشي و هو يَلِجُ سَنَتَهُ الثانية
قُبيل يومين من الذكرى الأولى للاتفاق الذي وقعه الرئيسان: بوتين، و أردوغان، في منتجع سوتشي الروسي، بخصوص إدلب، التقى الرؤساء: بوتين، روحاني، و أردوغان، في قمة خامسة حول إدلب، احتضنتها العاصمة أنقرة، يوم الاثنين: 16/ 9 الجاري.
لقد كان الارتياح باديًا على مُحيَّا الرؤساء، و الوفود المرافقة لهم؛ إذْ حظي كلٌّ منهم على الحدود المقبولة، ممَّا كان يُؤمِّله من تلكم القمة، التي كان من المفترض أن تكون إدلب في مقدمة أجندتها، حسبما صرّح الرئيس أردوغان، عقب انتهاء صلاة الجمعة في استنبول، في الثالث عشر من شهر أيلول الجاري.
فمثلما أفاض الرئيس أردوغان في الحديث عن المنطقة الآمنة، و الخطط التركية لجعلها حُلُمًا ينتظره السوريون بفارغ الصبر، أفاض كذلك الرئيس بوتين في الحديث عن قرب انطلاق اللجنة الدستورية، و ما ستحمله من حلول بات السوريون في أمسّ الحاجة لها، بعد ثمان سنوات عجاف، لم تبق على أخضر أو يابس في بلدهم، لدرجة أنّها أتتْ على كامل القطع الأجنبي في الخزينة السورية، حسبما ذكرت وسائل إعلام روسية، الأحد: 15/ 9 الجاري، بأن خزينة البنك المركزي في سورية باتت فارغة من القطع الأجنبي (العملة الأجنبية)، مستندة في ذلك على تقرير منشور في موقع " روسيا اليوم "، بعنوان " تبعات الحرب بلسان الحكومة السورية: أرقام قاتمة والمركزي أفرغ خزائنه "، و هو الأمر الذي أكّده رئيس الوزراء عماد خميس، في كلمة له أمام البرلمان، أشار فيها إلى أنّ موجودات المصرف المركزي السوري تقلصت خلال السنوات الأولى جراء ما أسماها " الأزمة "، وأن إنتاج النفط اليومي انخفض من 380 ألف برميل إلى صفر برميل.
أمّا الرئيس روحاني، فلقد أفاض في الحديث عن الانتصار على المؤامرة الكبرى، التي أرادت محو سورية من الخارطة، و النيل من محور المقاومة، غير أنّ ذلك قد بات من حديث الماضي، بفضل الدعم الذي قدمته بلده إلى الجارة سورية، بدعوة من حكومتها الشرعية، و أنّه على القوات الأجنبية التي لم تأتِ بمثل تلك الدعوة، مغادرة الأراضي السورية، بما فيها القوات التركية، التي لا مناص أمامها من الالتزام باتفاقية أضنة، الموقعة بين تركيا و سورية في سنة 1998، بمساعٍ من الرئيسين: محمد خاتمي و حسني مبارك.
و لمّا وجد الرؤساء لديهم فسحة في المؤتمر الصحفي، الذي احتضنه المجمع الرئاسي في أنقرة، لم يفُتْهم التعريج على الوضع اليمني، تزامنًا مع الهجوم على منشآت أرامكو، في محطات الضخ في خريص و إبقيق، شرق العاصمة الرياض، يوم السبت: 14/ 9 الجاري.
لقد جلس السوريون في حيرة من أمرهم؛ فما وُعِدوا به على لسان الرئيس أردوغان، ليكون بندًا شبه وحيد، على طاولة قمة أنقرة، غدا من الهوامش التي تعاطى معها الرؤساء الثلاثة، من باب نافلة القول، و سدّ الفراغ في البيان الختامي لقمّة جاءت قبيل يومين من الذكرى الأولى، لاتفاق بات يعرف باسم محافظتهم.
فلم تتوقّف وتيرة القصف اليومي على قرى إدلب، في ذات الوقت الذي كان فيه الرئيسان: بوتين، روحاني يتذوقان التين من يد مضيفهم التركي، و لم يتبدّ أيّ حُلُم أمام مليون نازح يستظلّون أشجار الزيتون في الشمال السوريّ بوقف التصعيد، و لم يُعطَوا أيّ وعد جديّ بإعادة إعمار بيوتهم التي عُفِّشت حتى الفُرُش العتيقة.
يرى المراقبون أنّ ما لم يحظَ به السوريون في قمّة أنقرة، ربما يكون لهم في قمة الرئيسين: أردوغان ـ ترامب، أواخر شهر أيلول الجاري، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، أو في القمة الرباعية الثانية ، التي تضم كلًّا من: تركيا، روسيا، ألمانيا، وفرنسا، في استنبول، مطلع شهر تشرين الأول القادم.
سأل رجل ابن سيرين عن رؤية أكل التين في المنام، فقال له: ستصيبُ مالا وفيرًا، و خصبًا كثيرًا، و سيكثر نسلك، و سيعمّك الفرح و السرور، ولاسيّما إذا كان من التين الأبيض.
و سأله شخص آخر، فقال له: من رأى ورق التين وأكل ثمره في منامه، فهو دليل ندامة وحُزن وهمّ سيصيبه لا محالة.
فأيّ التعبيرين سيصدق على الأدالبة؟ هل ستكون السعادة في ثنايا الأشهر الثلاثة القادمة، كما وعدهم الرئيس أردوغان؟ أم ستكون الأخرى ممثلة بإيقاف المنحة المقدمة من الاتحاد الأوروبي للعملية التعليمية مع انطلاق العام الدراسي الجديد؟.
وسوم: العدد 842