تحولات في الاقتصاد العالمي
تركيا تشن هجوماً على سوريا- تعمل البنوك التركية على دعم الليرة التركية – احتُجزَتْ الدولة في دورة ازدهار وانتكاس ائتمانية. منذ العام 2017، تتبع تركيا اتجاهاً مألوفاً في الازدهار والانتكاس الائتماني. في المرحلة الأولى، استخدمت الميزانية العمومية للبنوك الخاصة لتوسيع نطاق الائتمان في البلاد. تلجأ تركيا اليوم إلى دعم البنوك الحكومية لمواصلة تشغيل عملية الإقراض. مع ملاحظة التدفقات الائتمانية المقومة بالليرة التركية، فإن النتائج واضحة. أي أن البنوك الحكومية التركية هي المسؤولة عن هذا الشحن. تقوم البنوك الحكومية الأن بالإقراض بمعدل أعلى من السابق، الموضوع الذي تم التحدث عنه كثيراً خلال فترة الانتخابات البلدية في الربع الأول من عام 2019.
لا شك أن هذا التوسع الائتماني يساعد الاقتصاد التركي في المدى القصير (بالنظر إلى إشارة الرئيس التركي أردوغان إلى زيادة نمو الناتج المحلي الإجمالي لتحقيق مكاسب سياسية)، إلا أن هذا النموذج من النمو ليس مستداماً بالنسبة لتركيا ببساطة. علاوة على ذلك، فإن هذا النموذج يُضعف الليرة التركية، والتي ستحتاج بعد ذلك إلى دعم كبير من السلطات المركزية على المدى القصير.
يساعد تحليل أحدث البيانات في توضيح المخاطر المستقبلية. خلال أزمة الليرة التركية في العام 2018، واجهت البلاد مخاطر جيوسياسية متزايدة، ونمو ائتماني مفرط، وضغط شديد على الحساب الجاري للبلاد. بينما يعد ميزان مدفوعات أنقرة اليوم(BoP) في حالة أفضل بكثير مما كان عليه قبل عام (وإن كان في اتجاه المزيد من التدهور).
يبدو أن هناك تغير في موقف البيت الأبيض، بعد أن أعلن أنه لا يوجد التزام أخلاقي بدعم الأكراد لأنهم لم يساعدوا الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية وإنزال النورماندي (ولا يمكن أن يضيف ترمب حصار بوسطن عام 1775)، كما هو متوقع (ولحسن الحظ)، تم رفض إعلان ترمب الأخير الذي يدفع إلى فرض عقوبات على الاقتصاد التركي من قبل حزبه. سيؤدي ذلك إلى مضاعفة المشاكل التركية المتواصلة بالتأكيد. تجدر الإشارة إلى أن الليرة التركية هي أسوأ العملات أداءً في الأسواق الناشئة منذ الاجتماع الأخير لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في 18 سبتمبر. حصل البيزو الأرجنتيني المضطرب على أداء أفضل من عملة أنقرة خلال هذه الفترة.
في الوقت ذاته، يبدو أن البنوك الحكومية التركية تدعم عملة البلاد. تشير التقديرات أنه تم إنفاق ما يقارب 3.5 مليار دولار في أسبوع واحد، أي منذ إعلان الرئيس أردوغان عن العملية العسكرية. بالنظر أن تركيا لا تمتلك مستويات كبيرة من الاحتياطيات الأجنبية (سيذكر البعض الجدل الدائر حول إجراءات البنك المركزي حول مستويات احتياطي العملة الخاصة به، والتي لا يمكن تصنيفها بدقة تحت اسم "محاسبة شفافة")، فإن استخدام احتياطيات العملات الأجنبية لدعم الليرة تجعل الاقتراح محاطاً بالمخاطر. بعبارة أخرى، نعتقد أن البنوك تعمل كوكيل للبنك المركزي التركي. لا تعد هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك، ولن تكون الأخيرة. لدى CBRT عدة طرق لتجنب الانخفاض في الاحتياطيات المذكورة. نتوقع أن تستخدم جميع الأساليب المتاحة، والأساليب الروتينية التي اعتادت اتباعها على مر السنين.
لبنان وهروب الدولار الأمريكي (المتوقع). يواجه لبنان حالة هروب كبيرة للدولار الأمريكي إلى الخارج. يعد الوضع الذي يواجه لبنان طبيعياً عند النظر في حالة الاضطراب الشديد التي غمرت البلاد بكاملها منذ سنوات. عند النظر في البيانات، نجد أن العامل الوحيد الذي يمكن أن يعكس الوضع الحالي هو إجراء إصلاحات كاملة. ومع ذلك، السؤال المطروح هنا: هل هناك أي أسباب تشير إلى حدوث هذه الإصلاحات قريباً؟ إذا كان هناك دليل تاريخي، فلا يبدو أن هناك العديد من الأسباب للتفاؤل حول إجراء هذه الإصلاحات.
يروي تواتر المؤشرات العالي في لبنان قصة واضحة: السياحة هي القطاع الوحيد الفعّال في البلاد، وسيُثبت الارتباط الليرة بالدولار أنه أكبر من أن يتحمله دون حدوث تحسن في الحساب الجاري للبنان.
يبدو أن لبنان متمسك بفكرة أن قروض CEDRE (بقيمة 11 مليار دولار) والمساعدة "المعتادة" من دول الخليج يمكنها أن تشتري بعض الوقت للبلاد. ولكن كم من الوقت يمكن أن تقدمه مساعدة الدول الأجنبية للبلاد؟ وكم مرة أخرى ستقدم هذه الدول المساعدات إلى لبنان؟.
كان لبنان يتبع صيغة قاسية للهندسة المالية لفترة زمنية طويلة. كانت هذه هي الطريقة الوحيدة التي تصلح لدعم البلاد، بالنظر إلى أن المؤسسة الوحيدة التي تشبه السلطة هي البنك المركزي الذي كان يحمل كامل تطور الأمة على عاتقه. لكن عامل الثقة هو أساس اللعبة، يمكن للبنوك المركزية أن تصنع شيئاً وليس كل شيء. لن يتغير الوضع دون وجود إصلاحات سياسية.
هدنة في الحرب التجارية؟ أقرب لكونها صفقة تجميلية، في الوقت الراهن على الأقل. كما تكرر سابقاً، لم يكن السؤال أبداً ما إذا كان يمكن التوصل إلى صفقة تجارية بين الولايات المتحدة والصين عاجلاً أم آجلاً. كانت الصفقة ضمن البطاقات الموجودة على الطاولة، ومع ذلك، كانت المشكلة (ولا تزال) عن كيفية توقيع صفقة نوعية. بمعنى آخر، كيف يمكن التوصل إلى اتفاق لا يعتمد فقط على المكاسب السياسية المحلية، بل على العكس، اتفاق قادر على تحقيق شيء ما في العلاقة الصينية الأمريكية التي تهيمن عليها كل من المعضلة الأمنية ومصيدة ثوكيديديس المستمرة بين البلدين.
بعد التفاخر عدة مرات بأنه لن يقبل بصفقة لا توصف بالـ"ضخمة والرابحة"، قبل الرئيس ترمب بصفقة جزئية. وقد تم تصميم الصفقة مع مراعاة الاعتبارات السياسية. المستفيدون الرئيسيون هم المزارعون، الذين دعموا الرئيس ترمب خلال الانتخابات الرئاسية للعام 2016 وحصلوا على هدية حملة انتخابية رئاسية تصل إلى حوالي 50 مليار دولار من شركة China Inc. بالإضافة إلى ذلك، وافقت الولايات المتحدة على تعليق الزيادة المتوقعة بنسبة 5٪ على المنتجات الصينية بقيمة 250 مليار دولار، والتي كان من المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ يوم الثلاثاء القادم. مع ذلك، يغطي التعليق الـ 5 ٪ فقط، ولا يتعلق بالرسوم الجمركية الأمريكية الأخرى. وكما ذكرت بعض التقارير، إذا تمت إضافة اتفاق العملة إلى الصفقة، من المتوقع أن تقبل بها الصين بكل سرور، لأن استقرار العملة سيقلل من هروب رأس المال ويؤدي إلى آثار إيجابية على النمو على المدى المتوسط.
بخلاف ذلك، إن التنازلات من كلا البلدين محدودة للغاية، ويبدو أنها إعادة تغليف للمقترحات السابقة المقدمة من البلدين على مدار عملية التفاوض الطويلة. صراحةً، يبدو أن الصفقة أظهرت أن كلا اللاعبين قدما البعض من الاعترافات المهمة: على الجانب الأمريكي، تعترف واشنطن بأن البلاد تنفذ من أهداف جيدة لتطبق عليها التعرفة الجمركية، وأن التعريفات الإضافية ستزيد من أسعار المستهلكين، وبالتالي ستعمل على زيادة مخاطر الركود نتيجة لذلك؛ أما على الجانب الصيني، تدرك بكين صعوبة إدامة المقاطعة الكاملة للزراعة الأمريكية - خاصة مع انخفاض مخزونات الصويا في البرازيل، ومع ارتفاع أسعار لحوم الخنزير الصينية بشكل كبير خلال العام الماضي، وهو أمر يضر بشدة بخطاب الرئيس "شي". يتبلور ذلك بشكل خاص عند التفكير في أن تباطؤ الصين سيزداد خلال العامين المقبلين. في السياق ذاته، يعتقد الكاتب أن أحدث توقعات البنك الدولي للناتج المحلي الإجمالي للصين متفائلة للغاية في أرقامها.
لا يعني هذا أن توقيع "الاتفاق المتوقف" لن يكون ذات أهمية. مع ذلك، يبدو أن الأسباب الحقيقية وراء الحرب التجارية قد تم تحييدها "ببساطة"، لكن لا تزال القضايا قائمة وستظهر في ما يسمى "المرحلة الثانية". بالنظر إلى أن الصين لا تريد التركيز على القضايا الحقيقية، لا تزال لدى المملكة الوسطى بعض مشتريات النفط والغاز لتقدمه للولايات المتحدة في مقابل بعض التنازلات. بصرف النظر عن ذلك، لا يرى الكاتب الكثير مما يمكن تقديمه دون أن يتطرق إلى المشاكل الحقيقية في جوهر العلاقات الصينية الأمريكية.
التسهيل الكمي من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي، دون وصفها بذلك. في خطوة فاجأت الأسواق من حيث الحجم، قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي البدء في شراء ما يقرب 60 مليار دولار من سندات الخزينة شهرياً. ستستمر عملية الشراء حتى الفصل التالي، على الأقل، والهدف من القرار هو زيادة الاحتياطيات التي تحتفظ بها البنوك في بنك الاحتياطي الفيدرالي. في الواقع، أدت ندرة هذه الاحتياطيات إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض بين عشية وضحاها - وهو الأمر الذي تمت تجربته لأسباب تختلف عن الوضع الحالي أثناء الركود الكبير. في الوقت ذاته، سيواصل بنك الاحتياطي الفيدرالي ضخ الأموال النقدية في سوق إعادة الشراء.
على الرغم من أن هذه الخطوة كانت متوقعة، إلا أن حجمها يثير الدهشة إلى حد ما، خصوصاً إذا ما أصر البنك المركزي الأمريكي على عدم وصف هذا التوجه "بالتسهيل الكمي". هذا القرار جزء لا يتجزأ من قرار رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي "جاي بأول" بإعادة بدء "النمو العضوي" للميزانية العمومية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي. قرار تخفيض ميزانية البنك المركزي لم يدم طويلاً. فصرح بنك الاحتياطي الفيدرالي بعبارات واضحة أن هذا القرار "لا يمثل تغييراً" في سياسته النقدية. ولتسليط الضوء على هذا التصريح، قرر بنك الاحتياطي الفيدرالي التركيز على شراء سندات الخزانة قصيرة الأجل، بينما خلال فترة الركود الكبير، ركّز البنك المركزي الأمريكي على برنامج تحفيز شراء السندات طويلة الأجل.
إن رسالة الاحتياطي الفيدرالي مهمة لأن البنك المركزي ليس لديه مجال كبير لخفض أسعار الفائدة في حالة حدوث ركود. بمعنى آخر، يجب أن تكون التسهيلات الكمية خطوة خاصة لزيادة آثارها إلى الحد الأقصى، وهو السبب في أن السيد "بأول" يكرر ويؤكد أن هذه الخطوة ليست تسهيلاً كمياً. ومع ذلك، بغض النظر عما يعلنه مجلس الاحتياطي الفيدرالي رسميًا، وكما يقول المثل - إذا كان يبدو وكأنه بطة، ويسبح مثل البطة، فهو على غالباً بطة، فمن المحتمل أن تكون بطة - وهذا التحرك من الفيدرالي يمثل صوت البطة.
وسوم: العدد 846