الاختطاف الفنّ القديم المتجدّد ، أبداً، وأهمّ أسئلته : مَن يختطف ماذا؟ ولماذا؟
الاختطاف : سلوك قديم ، لدى البشر، وغيرهم من المخلوقات الحيّة ! وهو مختلف الأنواع والأساليب والأهداف ، ويشمل أشياء كثيرة ، جدّاً ، منها المادّي ومنها المعنوي .. منها العظيم القيمة ، ومنها التافه الذي لاقيمة له ، أو له قيمة ضئيلة ! ومن أنواعه :
اختطاف الأشياء المادّية : الصغيرة ، أو الكبيرة .. العظيمة أو الحقيرة ! وهذا ممّا يشترك فيه البشر، مع سائر المخلوقات الحيّة ! مثل : اختطاف اللصّ محفظة يد ، أو جهاز هاتف ، من شخص ما ، في الشارع .. واختطاف هرّ قطعة لحم ، في بيت أو حانوت .. ونحو ذلك ، ممّا تكثر صوره وأساليبه !
اختطاف البشر، ومن أمثلته : اختطاف عصابة ، شخصاً ما، للحصول على فدية من أهله! ومن أمثلته ، أيضا ،ً ماكان يمارسه تجّار الرقيق ، من اختطاف الأشخاص ، لبيعهم في سوق النخاسة ! ومن أهمّ ما يُذكر، في هذا الباب : ماكان يفعله تجّار الرقيق ، من سرقة الناس ، في إفريقيا ، وشحنهم ، مقيّدين ، في السفن ، إلى أمريكا ، حين كانت بحاجة ، إلى أيد عاملة، ليُباعوا ، لرجال الأعمال ، عبيداً ، يعملون في الزراعة ، أو الخدمات المختلفة !
اختطاف الإبداعات : كثيرة هي سرقات الإبداعات ، من وراء ظهور أصحابها ، أو من بين أيديهم! ومن الإبداعات ، ماهو علمي ، ومنها ماهو أدبي .. ونحو ذلك ! ومن طرائف خطف الإبداعات ، ماروي عن أحد الشعراء ، في العصر العبّاسي ، أنه سمع بيت شعر، من أحد الشعراء ، فقال له : أنا أولى بهذا البيت منك ! فاختطف البيت ، من حيازة صاحبه ، ونسبه إلى نفسه ، مع تغيير بسيط ، في صيغة البيت ! فراج البيت ، بصيغته المعدّلة ، وخَمل البيت الاصلي !
اختطاف السلطات والصلاحيات : بعض المغامرين ، من العسكر، في الجيوش الوطنية ، يسرقون السلطات ، من حكومات منتخبة، عبر انقلابات عسكرية ، ويفرضون سلطاتهم الخاصّة، بعد أن يعطّلوا دساتير البلاد ، ويعتقلوا خصومهم ، أو يقتلوهم أو يشردوهم !
اختطاف الأضواء : راج مصطلح (اختطاف الأضواء) ، في بعض الأوساط ، وبعض البيئات ! ومن أمثلة ذلك : أن تكون لشخص ما ، شهرة معيّنة ، في مجال ما ، فنّي ، أو أدبي .. فيأتي من هو أبرع منه ، في هذا المجال ، فيحظى بشهرة ، تغطّي على شهرة الأوّل ؛ فتتّجه نحوه، عدسات التصوير الإعلامية ، وتهمل الأوّل ، فيقال : فلان سرق الاضواء ، من فلان !
اختطاف الشعارات والمبادئ والأفكار: أمّا هذا النوع من الاختطاف ، فكثير من ناحية ، وخطير من ناحية ثانية ! لكن ، لايمارسه ، إلاّ أناس من طراز معيّن ، في مستوى معيّن من التفكير! وقد مارسه بعض الناس ، قديماً وحديثاً ، في تاريخ أمّتنا ، مثل : شعار (لاحُكم إلاّ لله) ، الذي رفعه بعض الخوارج ، في وجه خليفة المسلمين، عليّ بن أبي طالب، وهم يقصدون، من ورائه، تجريد الخليفة من سلطاته ، والاستئثار بها ، لأنفسهم ، وأتباع منهجهم في التفكير! فقال عليّ: هذا كلام حقّ يراد به باطل !
وقد اختطف بعض الأحزاب ، في العصر الحديث ، شعارات معيّنة ، ليسرقوا بها السلطة ، من أصحابها ، المنتخبين من قِبل شعوبهم ! ومن هذه الأحزاب : حزب البعث ، الذي رفع شعار الوحدة والحرية والاشتراكية ، فنفّر الناس ، بممارساته السيّئة ، من هذه الشعارات ، التي ارتبطت في الأذهان ، بالزيف والدجل، والخداع والظلم! كما أن اختطاف بعض مغامري الكرد وشذّاذهم، لشعارات تتعلق بحقوق الكرد ، والمتاجرة بها ، وارتكاب الجرائم باسمها .. يُعَدّ من الأمثلة الواضحة ، لهذا النوع من الاختطاف !
وسوم: العدد 846