حول الاتفاق الروسي ـ التركي بخصوص المنطقة الآمنة
في التعليق على التفاهمات: التركية ـ الروسية، التي جرى البحث في تفاصيلها في منتجع سوتشي، يوم الثلاثاء: 22/ 10/ الجاري، على مدى ست ساعات، و ما سبقها من التفاهمات: التركية ـ الأمريكية، التي جرت في العاصمة أنقرة، يوم السبت: 19/ 10/ الجاري، بعد خمس ساعات من النقاش المستفيض، نقول:
1ـ الحراك المجتمعي كأمواج البحر: موجة تلوى أخرى، و ما يفوت الموجة الأولى تأتي به التي تليها، و هلمّ جرَّ.
و عليه ليس من المتوقّع أن تنجز الثورة السورية كلّ يصبو إليه المجتمع السوريّ دفعةً واحدة، فهي الآن تغيّر بعض ملامح النظام السياسي، و تترك للبعد الزمني أن يأخذ مجراه؛ كي يستكمل عملية التغيير الشاملة، في مدى زمنيّ لا يقلّ عن عمر جيل، و عمر الجيل كما يقدّره علماء الاجتماع ( 25 سنة ).
2ـ الدول تتحرّك وفق مصالحها ابتداءً، ثم هي بعد ذلك تبحث عن التقاء مصالحها مع مصالح الآخرين، و بذلك تلقى الثورات تأييدًا من تلك الدول، و مهما بلغت درجة التعاطف مع السوريين فلن يُقدَّموا على شعوب تلك الدول.
3ـ لقد تراخى السوريون في الجري وراء مصالحهم، و انشغلوا بصراعات جانبية، و بمشاريع أضرَّت بأصل قضيتهم، متجاهلين أنّ الدول المتقاطعة معهم لديها برامج و خطط زمنية يجب الالتزام بها، بناء على الوعود الانتخابية التي قطعها الرؤساء لشعوبهم حينما أتوا بهم إلى سدة الحكم، و هم مسؤولون عن الإيفاء بتلك بالوعود للداخل قبل الخارج، و ليس بمقدروهم أن ينتظروا السنوات الطوال في انتظار أن يروق للسوريين شكل الحل المطروح على الطاولة.
4ـ إنّ ما أنجزته تركيا في القضية السورية، أمرٌ يستند ابتداءً على مراعاة مصالحها، بالتقاطع مع مصالح حلفائها في الائتلاف و الحكومة المؤقتة و الجيش الوطنيّ، و لا يمكن أن تلحق الضرر بمصالحها المتوافق عليها: سياسيًا و أمنيًا و عسكريًا، من الحزب الحاكم و المعارضة، كي يرضى السوريون و يصلوا إلى مبتغاهم، الذي فرطوا به مراتٍ و مرات.
5ـ إنّ مصالح الدول الراعية الملف السوريّ قد تقاطعت هذه المرة بشكل غير مسبوق، فحصلت تفاهمات بين الروس و الأمريكان و الأتراك على الانتهاء من الملف السوري بواقعية جلية، و رضي كلّ منهم بمساحة النفوذ التي تحصَّل عليها، و هم غير معنيين بأن ينالوا الرضا على ذلك من طرفي الأزمة السورية: النظام و المعارضة.
6ـ بناء على ما سبق فإنّ آفاقًا من الحلّ السيتاسيّ قد لاحت في الملف السوريّ، مستندة إلى هذين الأمرين:
ـ الحفاظ على مناطق النفوذ لتلك الدول.
ـ تنظيف المشهد ممّن يعرقل مساعي الحلّ.
7ـ لقد أبغلت الأطراف المحلية بكامل هذه التفاهمات: النظام و الائتلاف و قسد، و ليس في الحسبان أن يؤخذ رأي كلّ من هو منخرط في الملف السوريّ من خارج هذه الأجسام.
وسوم: العدد 847