كان على البرلمانيين إلى جانب إنشاد النشيد الوطني ردا على إحراق العلم تشريع قانون يمنع رفع كل خرقة ذات دلالة طائفية أوانفصالية
كان على البرلمانيين إلى جانب إنشاد النشيد الوطني ردا على إحراق العلم تشريع قانون يمنع رفع كل خرقة ذات دلالة طائفية أوانفصالية مع العلم الوطني أو دونه
كرد فعل على إحراق العلم الوطني فوق التراب الفرنسي، وقف البرلمانيون تحت قبة البرلمان لإنشاد النشيد الوطني ،ولكن ردة الفعل هذه مع تثمينها غير كافية وقد أساء فعل إحراق العلم إلى مشاعر الشعب المغربي قاطبة . والبرلمانيون إنما هم ممثلو هذا الشعب قد اختارهم لتمثيله والتعبير عن همومه وقراراته ، وما كان الشعب ليرضى بمجرد إنشاد النشيد الوطني من طرف ممثليه كرد فعل على عملية إحراق علمه التي هي إهانة وإنما يريد أن يذهب المشرعون الذين يمثلونه إلى أبد من ذلك عن طريق تشريع قانون يمنع رفع كل خرقة وسخة ذات دلالة طائفية أو انفصالية مع العلم الوطني أو دونه .
وإذا كان العلم بالنسبة لجميع دول العالم على اختلاف أديانها ومللها ونحلها يمثل رمز سيادتها واستقلالها وكرامة شعوبها ، فإن الشعب المغربي المسلم يضفي على علمه صبغة القداسة الدينية لأن رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم قد اتخذ علما يرمز إلى نبوته ورسالته . ولما كان كل قول أو فعل أو تقرير صادر عنه عليه الصلاة والسلام يعتبر سنة ،أمرت الأمة المسلمة بالسير على نهجه بأمر من رب العزة جل جلاله في محكم التنزيل في قوله تعالى : (( من يطع الرسول فقد أطاع الله )) ، فلا بد من اعتبار اتخاذ علم أو راية أو لواء أو بيرق سنة من سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم .
ومعلوم أن اللواء يتخذه الإمام الأعظم ، وهو شعار الدولة ،ويعقد على طرف رمح ويلوى عليه ، أما الراية فيتخذه قائد الجيش في الحروب والمعارك . وسميت الراية علما لأنها ترفع في الأعلى ومن دلالة كلمة علم في اللسان العربي الجبل أو كل ما يرفع إلى الأعلى ويرى عن بعد، ورفعها يدل على عزة وكرامة وأنفة من يرفعها، وإذا كان العلم كبيرا سمي بيرقا .
ولم تكن الراية يرفعها في الإسلام إلا الأبطال كما حدث في معركة مؤتة حيث حملها عاليا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه بأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم وحارب دونها بشجاعة وبسالة وهو يحملها، فلما بطرت يده اليمنى حملها بشماله ، ولما بترت شماله حرص على ألا تهوي أرضا وضمها إليه ومات شهيدا وهي فوق جسده حتى رفعها غيره ، ولم تسقط أرضا حفاظا على ما ترمز إليه من عزة الإسلام ورفعته .
واقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يأمر برفع لواء أو راية أو علم أو بيرق الإسلام من الواجب المحافظة على هذه السنة ، والتعامل مع علمنا الوطني على أنه مما سنه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن له دلالة دينية إلى جانب دلالته الوطنية ، لهذا لا يمكن السماح لأي كان أن ينال منه بأي شكل من أشكال النيل من إحراق أو الدوس عليه أو تلطيخه أو وضعه أرضا أو رفعه فوق مكان مشبوه ينال من قدره أو استعماله في حالات ومواقف لا تليق به أو رفع غيره معه مما ينافسه ... إلى غير ذلك مما يمس بقداسته .
وعلى المشرعين عندنا الذين أنشدوا النشيد الوطني الذي يرافق رفع العلم ردا على فعل إحراقه الشنيع ألا يقفوا عند هذا الحد ، وهم يرون أن شرذمة من دعاة العصبية الطائفية أو الانفصال قد تعودوا حمل خرق تافهة ترمز إلى تلك العصبية ، وذلك الانفصال دون رادع أن يبادروا بتشريع قانون يتعامل بصرامة مع رفع تلك الخرق التافهة بسبب ما ترمز إليه ، ويرفعوا من درجة العقوبة على ذلك إلى أقصى حد ممكن .
وعلى الشعب المغربي المسلم الأبي الملتف حول إمارة المؤمنين ألا يقبل برفع أية خرقة مهما كانت مع علمه الوطني أو دونه وقد سالت دماء زكية من أجل هذا العلم الذي يرمز إلى كرامتهم وعزتهم في وطنهم الغالي .
وسوم: العدد 848