قد يدافع الحليف عن حليفه .. لكن أيّ حليف ؟
نماذج من الأحلاف القديمة :
حلف الفضول : كان في الجاهلية ، بين بطون قريش ، في مكّة ، في دار ابن جدعان ! وقد تشكّل لنصرة المظلومين ، الذين يُعتدى عليهم في مكّة، من قبل بعض الأقوياء ، الذين يستغلّون ضعف الغرباء ، فيأكلون أموالهم ، أو يعتدون عليهم ، وعلى أهليهم !
وقد ذكر النبيّ ذلك الحلف ، بإعجاب ، وتمنّى أن لوكان مشاركاً فيه !
بعد صلح الحديبية ، تحالف النبيّ مع قوم ، وتحالفت قريش مع آخرين ! واعتدى حلفاء قريش ، على حلفاء النبيّ ، فجهّز النبيّ جيشاً ضخماً ، فتح به مكّة ، ولم يقبل تجديد الصلح ، الذي تمّ في الحديبية ، ولا تمديده ، حين عرضت عليه قريش ذلك ، عبر زعيمها أبي سفيان!
نماذج من الأحلاف الحديثة :
حلف الناتو، وحلف وارسو: بعد الحرب العالمية الثانية ، تشكّل حلفان كبيران، هما : حلف الناتو، أوحلف شمال الأطلسي ، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ، ويضمّ عدداً من دول أوروبا الغربية ، الرأسمالية.. وحلف وارسو : الذي يضمّ عدداً من دول أوروبا الشرقية ، بقيادة روسيا، التي كانت تهيمن ، على مجموعة من الدول ، التي اعتنقت الفكر الشيوعي ، والتي سمّيت الاتحاد السوفيييتي !
وقد نشأ بين الحلفين ، صراع على النفوذ والسيطرة ، في مناطق عدّة من العالم ! وقد سمّي ذلك الصراع : الحرب الباردة ، التي دامت سنين طويلة ، ولم تنته إلاّ بعد تفكّك الاتحاد السوفييتي، في بدايات التسعينات ، من القرن العشرين ! ولكن حلف الناتو ، مازال قائماً حتى اليوم، إلاّ أنه فقد عدوّه الأوّل والأقوى ، وطفق يبحث عن عدوّ جديد ، فوجده في الإسلام ؛ كما صرّح بعض منظّريه السياسيين !
وإذا كان حلف وارسو، قد تفكّك ، وتفكّك معه الاتحاد السوفييتي ، وبقيت روسيا وحيدة ، مجرّدة من حلفائها القدماء ، فإن حلف الناتو ، حافظ على تماسكه ، وضمّ إليه دولاً جديدة ، لكن عناصر قوّته الأساسية ، من الدول الأوروبية ، ضعف شأنها ، وضعفت قدرتها على التمدّد الاستعماري ، في الدول الصغيرة والضعيفة ، ولم يبق سوى الولايات المتحدة الأمريكية ، تعربد في العالم ، وترسل جيوشها وأساطيلها ، تجوب القارّات والبحار، وتبسط نفوذها ، على دول صغيرة أو ضعيفة ، في قارّات : أسيا ، وإفريقيا ، وأمريكا اللاتينية !
تحالفات غريبة : والطريف ، أن الولايات المتحدة الأمريكية ، تسمّي بعض الدول الضعيفة والصغيرة ، الخاضعة لنفوذها ، أو لسيطرتها .. تسمّيها حلفاء ؛ للمحافظة على خداع الشعوب ، الذين نصّبت عليهم حكّاماً تابعين لها ، يأتمرون بأمرها ، وينفذون سياستها في بلادهم !
وتكفي نظرة واحدة ، إلى العالم العربي ، اليوم ، لمعرفة حال الحكذام ، وحال شعوبهم المبتلاة بهم ؛ فأمريكا تعبث بالدول العربية وشعوبها ، كما تشاء ، ولا تجرؤ الشعوب ، على رفع أصواتها ، احتجاجاً على احتلال أوطانها ، ونهب خيراتها ، لأن حكّامها أنفسهم ، مرتبطون بالقرار الأمريكي ، الذي يحفظ أمن الحكّام ، الذين يسحقون الشعوب ! وحين تجد أمريكا، مصلحتها في حكّام آخرين ، فإنها تبادر، إلى تبديل حليف بحليف ، دون أن يرفّ لها جفن، ودون أن تفكّر، مجرّد تفكير، بالدفاع عن حليفها التافه ، الذي تمتصّ من خلاله ، خيرات بلاده، ثمّ تخلعه ، كما تخلع النعل البالي !
وسوم: العدد 848