باغتيال أبي العطا .. هل قررت إسرائيل تسخين جبهة غزة ؟!
لا يمكن اعتبار جريمة اغتيال إسرائيل لبهاء أبي العطا قائد المنطقة الشمالية في حركة الجهاد الإسلامي ؛ جريمة عابرة ، والتقدير أنها قد تكون بداية لتسخين جبهة غزة . إسرائيل تعلم أن حركة الجهاد وغيرها من حركات المقاومة سترد على جريمة بهذا الحجم ، وحتما هيأت إسرائيل نفسها لهذا الرد ، وما قد يؤدي إليه من تطورات تالية . وردت الجهاد بعد ساعات قليلة من جريمة الاغتيال التي وقعت في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء ، فاستهدفت تل أبيب برشقة صاروخية كبيرة ، وأصيب 6 مستوطنين ، وامتدت صواريخها إلى مدن وقرى أخرى في غلاف غزة ، وأصيب منزل في سديروت إصابة مباشرة ، والأحداث تتسارع ، وأكتب هذه السطور ضحى الثلاثاء في جو انطلاق صواريخ المقاومة ، وهدير الطائرات الإسرائيلية . وكل شيء يقنع أن إسرائيل أرادت أمرا أبعد من اغتيال القائد أبي العطا ، وهو أول جريمة تنفذ في ولاية المتطرف نفتالي بينت لوزارة الدفاع الإسرائيلية .
لماذا تسخن إسرائيل جبهة غزة ؟!
بعض الأسباب :
أولا : طبيعة نفسية إسرائيل التي لا تتناغم مع استقرار الأحوال في المنطقة .
ثانيا : ما تنتجه أجواء الحرب والخوف من تلاحم بين مكونات المجتمع الإسرائيلي المشحونة ببذور القابلية للتحلل والتفسخ ، والتي ألفنا أن تطل برأسها الأشعث عند أي استقرار في المنطقة
ثالثا : طمأنة الإسرائيليين على سلامة قدرة الردع لدى جيشهم بعدما انتابهم من خوف وقلق على اهترائها .
رابعا : الأمل بأن تعين أجواء الحرب على الإسراع في تأليف حكومة وحدة وطنية تنقذ إسرائيل من الاستعصاء الحالي الذي ينذر بالتوجه إلى انتخابات ثالثة لا يريدها معظم الإسرائيليين الذين ضاقوا صدرا من الانتخابات الثانية ، فكيف إذا اضطروا للثالثة ، ثالثة الأثافي ؟!
خامسا : رغبة نتنياهو في إقناع الإسرائيليين بقدرته على أن يفعل لهم ما لا يستطيع أن يفعله غيره ؛ بهدف إطالة عمره السياسي ، والإفلات من معاقبته على التهم المنسوبة إليه ، فهو يتوسع في التطبيع مع الدول الخليجية ، وها هو يغتال أحد قادة حركات المقاومة ، بل هو قادر على تسخين جبهة غزة .
سادسا : قد يكون هذا التسخين بداية متعمدة لحرب شاملة على محور المقاومة تشترك فيها أميركا والنظام السعودي .
وتظل مشكلة إسرائيل ، أو عقدتها ، أو مصيبتها العميقة أنها دولة شاذة لا تعيش إلا في أجواء التوتر والحرب ، وهي مشكلة غريبة جذرية تشبه وسواسا قاهرا غلابا يطارد روح هذا الكيان الشيطاني الذي استنبت خطأ وباطلا ، فظل مطاردا متعقبا من هذا الخطأ وهذا الباطل . وفي الحين الأخير ، كثرت داخله الأحاديث عن قرب نهايته . تحدث عن هذه النهاية مايكل أورن سفير إسرائيل السابق في واشنطن متخوفا من حرب مع إيران ، وتحدث عما يشبه هذه النهاية الجنرال شاي أبيكال القائد الأسبق لوحدة سييرت متكال ، وحدة النخبة في الجيش الإسرائيلي ، محذرا من أن الفلسطينيين " قد يقفزون إلى الجدران العالية المحيطة بمدن الضفة الغربية ، ويأتون إلى إسرائيل بمئات الآلاف ، سيزيلون الأسوار القائمة بيننا وبينهم ، وحينها ماذا سنفعل ؟! كم سنقتل منهم ؟! سوف يبقون داخل إسرائيل ويعلنون : نريد حلا " .
ولن تحل الحروب مشكلة إسرائيل ، أو مأساتها المستعصية ولو انتصرت فيها كلها . مشكلة إسرائيل في نوعية نشأتها ، وزوالها هو الحل لكل الذين استجلبتهم من اليهود إلى فلسطين ، وهي تظهر مثل بطل المسرحيات المأساوية الإغريقية الذي يتعقبه الموت الحتمي الذي فرضه عليه قدر قاهر غلاب بكيفية محددة صارمة يستحيل عليه الإفلات من شراسة قبضتها ، ويكون موته في ما حسب فيه نجاته . وتسخين جبهة غزة ، واحتمال هذا التوسيع على بقية جبهات المقاومة لن ينقذ إسرائيل من موتها الحتمي .
وسوم: العدد 850