ثورة العراق الكبرى تطيح بعروش العملاء والفاسدين
زعماء الميليشيات الولائية:
عايش يا عراق بخيرك وولائي يا عراق لغيرك
انها ثورة بكل ما تعني الكلمة في التصدي للظلم والفساد ومظاهر الجوع والبطالة والفقر وازمات الماء والكهرباء وانتفاء الخدمات الصحية والتربوية والبلدية، وانتشار السلاح، وتمادي نفوذ الدولة العميقة التي يديرها الجنرال الايراني قاسم سليماني وسيطرتها التامة على القرار العراقي، بمعاونة عملائها كنوري المالكي وصالح الفياض وقيس الخزعلي وهادي العامري ومقتدى الصدر وعمار الحكيم وابو مهدي المهندس وابو جهاد الهاشمي، وبقية زعماء ميليشيات الحشد الشعبي. وهذا ما عبر عنه الثوار في رفض كل اشكال التدخل الايراني في الشأن العراقي. وهذا الرفض بانت دلائلة في المحافظات ذات الأكثرية الشيعية، سيما كربلاء والنجف خلال حرق القنصليتين الإيرانيتين، ومطالبة الحكومة بغلق بقية القنصلية السرطانية في الجسد العراقي، كذلك تظاهرة طلاب الحوزة العلمية في النجف، واغلاق المنافذ البحرية في البصرة (ميناء أم قصر)، والمنافذ البرية. علما ان وارادات المنافذ الحدودية في البصرة تقدر بحوالي (60) مليار دينار عراقي، وهي لا تدخل ضمن واردات الحكومة، بل الميليشيات المهيمنة على المنافذ كافة، بعد أن بدأ نظام الملالي يئن تحت وطأة الحصار الأمريكي، وصار أهم ما يشغل الحكومة الإيرانية كما صرح الرئيس روحاتي تقليل الصعوبات التي يعيشها الشعب الإيراني، فأوق نظام الملالي مساعداته للميليشيات الولائية وطالبها بالإعتماد على نفسها في التمويلـ فسيطرت على المنافذ البرية والجوية والبحرية، علاوة على تجارة المخدرات والرقيق الأبيض وصالات القمار والدعارة، وإمتلاك العقارات سيما العائدة للطيور المهاجرة من المسيحيين وبقية الشرائح الإجتماعية بعقود مزورة في ظل تراخي قبضة القضاء العراقي وتسيسه.
ان مطالب الثوار تتصاعد تدرجيا مع اصرار الحكومة على تجاهلها والإلتفاف عليها، فقد ارتقت من مرحلة لأخرى مثلا.
1. مرحلة محاربة الفساد الحكومي والتهميش والإعتقالات خارج القضاء وإنتهاك شرف الماجدات في سجون الحكومة، وإنتشار ظاهرة السجون السرية، علاوة على حالات الإختفاء القسري، وقد اقتصرت على المحافظات الغربية.
2. مرحلة التظاهر من أجل الكهرباء والماء الصالح للشرب، وحالات التسمم باللأف من أهالي البصرة، وحل مشكلة تعيين الخريجيين، وقد اقتصرت على المحافظات الجنوبية.
3. مرحلة إقالة الحكومة، اقتصرت في البادية على بغداد، وسرعان ما أنتشرت كالهشيم في الأشواك اليابسة، فشملت معظم محافظات العراق ما عدا إقليم كردستان المتنعم بخيرات عادل عبد المهدي.
4. مرحلة اسقاط العملية السياسية برمتها والغاء الدستور، وحل البرلمان العراقي الذي جاء تحت ظلال الميليشيات المسلحة وعمليات التزوير، وحرق صناديق الإقتراع، حيث توزيع المقاعد البرلمانية حسب المحاصصة الطائفية والقومية، مع هامش لا قيمة له للأقليات، ولا يمكن أن يعقل المرء حصول ميليشيا عصائب أهل الحق على (15) كرسي في هذه الدورة، وفي الدورة التي قبلها كان حصتها كرسي واحد فقط!!! ما الذي أنجزته؟ علاوة على المطالبة بتعديل قانون الانتخابات والغاء (المفوضية المستقلة للإنتخابات)، حيث يبدو من المثير للسخرية أن يطلق عليها (المستقلة) وجمميع أعضاء من أعضاء الأحزاب الحاكمة. واقامة انتخابات مبكرة بدون مشاركة الأحزاب الحاكمة بكل أشكالها وعناوينها. وقد شملت هذه المطالبات كل محافظات العراق ما عدا اقليم كردستان. لذلك لا يستغرب البعض من موقف الأحزاب الكردية من عادل عبد المهدي وتمسكها به الى آخر نفس، كما أعلن مسعود البرزاني بكل صراحة، واشار ابنه مسرور في حديث للواشنطن بوست عام 2016 بأنه الاكراد بعد ايار من العام نفسه " ليسوا بمواطنين عراقيين". لكن لماذا تطالبون بحصة من الميزانية ان كنتم غير عراقيين؟ وهل يمثل مسرور رأي جميع الأكراد؟
إن تزامن الثورتان العراقية واللبنانية يقلق النظام الايراني على اعتبار ان نفوذه في هذين البلدين اكثر من سوريا واليمن، سيما ان النظام الايراني يشهد افوله بعد ان فقد اوراقه في العراق ولبنان وقد انفق المليارات من الدولارات على الأحزاب الموالية له في البلدين، وبسبب ظروف الحصار الامريكي على النظام الايراني والإعتماد على العراق كرئة وحيدة لتنفس النظام اقتصاديا، فهذا يعني ان النظام سيفقد هذه الرئة.
كما ان خيار استخدام القوة ضد المتظاهرين اعطى نتائج معاكسة لتصورات الحكومة وميليشياتها، فقد عزز عزيمة الثوار على تحقيق مطالبهم المشروعة. كما ان المراهنة على الوقت، وقدوم الشتاء فقدت بريقها امام قوة اندفاع الثوار وثباتهم وصمودهم الإسطوري. والدليل على ذلك ان أكثر من مليون عراقي توافدوا على ساحة التحرير في يوم الثلاثاء المصادف 10/12/2019 من جميع المحافظات العراقية. كما ان الزعم بوجود مندسين ماعاد ينفع الحكومة، فالمندسين كما بينت مجزرتا الناصرية والنجف هم من عناصر الدولة العميقة التي يديرها الجنرال سليماني، سواء كانوا من القوات الأمنية او الميليشيات الولائية، فكلاهما من مخرجات بالوعة الملالي.
كما ان التوصيفات التي أطلقها بعض السياسيين والدجالين من رجال الدين بأن المتظاهريم من البعثيين، فهذا تعظيم للبعث من حيث أدركوا او لم يدركوا، لأنه ان كان البعث بعد (15) عشر عاما من سقوط النظام بهذه القوة والفعالية والقدرة على تسيير الملايين في تظاهرات ضد الحكومة، فهذا إعتراف من الحكومة العراقية بفشلها، وان محاولات إجتثاث البعث باءت بالفشل، كما أن غالبية الثوار هم من مواليد عام 2003 وما بعده، والبعض الآخر كانوا اطفالات ولا يعرفوا شيئا عن حقبة النظام السابق، فكيف يطلق عليهم وصف بعثيين؟ فعلا الحماقة لا دواء لها.
ان ما أفرزته التظاهرات العملاقة:
1. تزايد الهوة ما بين الحكومة والبرلمان من جهة والشعب من جهة اخرى، فلم تعد الجماهير تثق بالحكومة والزعماء السياسيين الحاليين، بمعنى جميعهم في مكب النفايات بلا إستثناء سياسيين وبرلمانيين ورجال دين.
2. فشل الإصلاحات الترقيعية التي وعد بها البرلمان والحكومة، لحد الآن البرلمان عاجز عن إنجاز أي قانون، واي قانون ستتم صياغته سيخدم الأحزاب الحاكمة وليس الشعب، بمعنى ان قرارات البرلمان سيكون مصيرها أيضا مصير البرلمان شلع قلع في مكب النفايات. وما تصدره حكومة تصريف الإعمال من قرارات لا قيمة لها، سيكون مصيرها أيضا مكب النفايات، وللتذكير هذا ما فعله جزار العراق عادل عبد المهدي بإلغاء قرارات سلفه الجبان المتردد الخائب حيدر عبادي، عندما كانت وزارة الأخيرة تحتضر، وفي نفسها الأخير.
3. تشنج العلاقة ما بين السلطة القضائية وصنمه المدعي العام ولجنة النزاهة من جهة والشعب من جهة أخرى، فالجميع يتراقصون على مسرح الفوضى بعد هز الثوار الأرض التي يقفون عليها، ولا يعرفوا كيف يمتصوا غضب الثوار، وما يفعله القضاء وهيئة النزاهة عن إصدر مذكرات قبض عن بعض المسؤولين دون ذكر اسمائهم لا قيمه لها، الجميع يعرف ان القضاء ولجنة النزاهة تسرب أخبار مذكرات إلقاء القبض الى المتهمين أنفسهم، وبعد أن تتأكد من هروبهم الى الخارج مع ملايين الدولارات تصدر أوامر القاء القبض عليهم، اي بعد ان يهرب الثعلب وبين فكيه الدجاجة.
4. سقوط المقدس، لم يعد العراقيون يقيمون أي إحترام وتقديس للمراجع الدينية لأهل السنة والشيعة على حد سواء، بمعنى إنتهت الخطوط الحمراء التي وضعها السياسيون والطائفيون حول قدسية المراجع الدينية، فقد كانوا الركن الرئيس الذي شيدت عليه الدولة الفاسدة، ولايقل فساد المراجع الدينية عن فساد الرئاسات الثلاث، فعلى سبيل المثال أفسد مراجع الدين في العراق هم زعماء الوقفين السني والشيعي، ولم يعد المراجع تيجان على الرؤس، بل صاروا تحت أحذية المتظاهرين، ورأينا كيف داس الثوار صور الخامنئي والخميني واليعقوبي وغيرهم بأحذيتهم.
6. فشل الإعلام الحكومي الذي كان يصبغ الحكومة بفرشاة عريضة، ويلمع صورتها القبيحة، هذا الإعلام المعادي للعراقيين والذي أنفق عليه المليارات من الدولارات أثبت فشله الذريع في مواكب الأحداث بحيادية ومهنية، وتبين أن شبكة الإعلام العراقي هي شبكة إعلام حزب الدعوة، بمعنى انها تابعة للجنرال سليماني.
7. ان الكتلة الأكبر لم تعد الموضوع الرئيس في المشهد العراقي، فقد افرزت التظاهرات بواقعية ان الثوار هم الكتلة الأكبر، وبما ان الشعب هو مصدر السلطات، فالشعب سحب الشرعية من الرئاسات الثلاث التي سجلها نظام الملالي في الملعب العراقي على منافسه الأمريكي، كما اشار قائد الحرس الثوري الإيراني، كما سحبت هذه الشرعية كذلك من السلطة القضائية، والسلطة الرابعة (جحش الحكومة) العجوز.
8. أهم منجز للثورة العراقية الكبرة هو إعادة إنصهار كافة الأديان والمذاهب والقوميات العراقية في بوتقة المواطنة، وهذا التجانس سيعطي صورة مبهجة للعراق القادم، الذي سيخلو من نظام المحاصصة الطائفية والقومية التي جاء بها ماسحو البساطيل الامريكية والايرانية. العراق لكل العراقيين وللعراقيين فقط! المليارات التي أنفقها نظام الملالي لتأجيج النزعة الطائفية عبر الأحزاب والميليشيات الولائية سيما بعد قيامه بتفجير العتبات الشيعية في سامراء باءت جميعها بالفشل، وما قام به من مخططات خبيثة، وما أنفقه من مليارات خلال خمسة عشر عاما شتتها رياح الثورة العراقية خلال شهر واحد. وإعادة سيناريو تفجيرات سامراء سوف لن تجدي نفعا لأن دماء أهل السنة والشيعة امتزجت في ساحات الإعتصام، وصعدت أرواحهم النبيلة متحاضنة الى جنات الخلد، فنعم الخاتمة، إن أرواح الشهداء ستخيم على ساحات الإعتصام لتلهم الثوار على إستمرار الثورة حتى النصر، وستشد من عزائمهم، وتستحلفهم بأن يثبتوا ويصمدوا وينتصروا، لأن النصر هو الثأر لأرواحهم الخالدة. قال الشاعر:
يا له من نجم سعد أفلا أفلا نبكي عليه أفلا؟
9. أعادت الثورة العراقية للعراق هويته العربية، وإصالته الحضارية، والوجه المشرق لعراق الكرامة والإصالة، بعد ان إختطفه نظام الملالي، على الرغم من الموقف المخزي للأنظمة العربية من ثورة العراق.
10. أعادت الثورة العراقية الكبرى للمرأة العراقية مكانها الطبيعي والصحيح في المجتمع، المرأة العراقية عنوان للفخر والتباهي، هنٌ ماجدات وجديرات بأن يحملن وصف حرائر العراق، الطفلة العراقية التي تحمل العلم العراقي، والمرأة العجوز التي تهيئ الطعام لأولادها الثوار، والطالبة الجامعية التي تنظف الشوارع، والفنانة التي تخدم الثورة بالشعر والرسم والنحت والأغنية والنشيد، والفتاة التي تقرأ القرآن الكريم، وتوقد الشموع على أرواح الشهداء الأبرار، والممرضة التي تسعف الثوار، والطبيبة التي تعالج المصابين، والمهندسة التي تصنع الديكورات للثوار، والمرأة العراقية الفقيرة التي تصنع الطعام في بيتها وتأتي به الى الثوار، أقول المرأة العراقية هي تاج الرأس، وليس رجال الدين القابعين في الكهوف الحجرية. كل القبعات ترفع لتحييك أيتها الماجدة العراقية.
وسوم: العدد 855