زواج المسلمات من اليهود

كاظم فنجان الحمامي

كاظم فنجان الحمامي

[email protected]

مما لا ريب فيه ولا خلاف عليه أن المذاهب الفقهية الإسلامية كلها أجمعت على تحريم زواج المسلمة من غير المسلم, وليس في هذا الحكم القطعي أي تعديل أو تبديل أو تحريف أو تخفيف منذ فجر الرسالة وحتى يومنا هذا, بل كان ثمة حرج لدى البعض في زمن التعصب الفقهي أن يزوج الحنفي أبنته لشافعي. .

لكننا شهدنا مؤخرا خروج الشيخ الدكتور حسن الترابي على الأمة بفتوى تجيز زواج المسلمة من غير المسلم, فاعترض عليه الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي, وشن عليه هجوما عنيفاً, على هامش زيارته للقاهرة في الملتقى العالمي لخريجي الأزهر, وقال: ((إننا نرفض هذه الفتوى, لأنها ضد إجماع الأمة, وأن جميع المذاهب الإسلامية السنية والشيعية والزيدية, سواء المتبوع منها والمنقرض, تستنكر هذه الفتوى وتؤكد مخالفتها للشرع الإسلامي))(1), بيد أن القرضاوي نفسه أكد مؤخراً في رحلته الأولى إلى جنوب أفريقيا, حين سُئل أثناء إلقائه عدة محاضرات عن بقاء المسلمة مع زوجها غير المسلم طمعاً في إيمانه, فذكر أنه ظل زمنا يعارض هذه الفتوى, وكان يرى عدم جوازها, لكنه اكتشف بعد البحث والمناقشة, أن لا ضير من بقاء المسلمة مع زوجها غير المسلم طمعاً في إسلامه, ولما قد يكون بينهما من أولاد ومودة (2), فأحدثت تصريحاته هذه هزة كبيرة في الأوساط الإسلامية, ورفضتها المذاهب كلها جملة وتفصيلا. .

ليس الغرض من هذا التحقيق هو البحث في الأدلة الشرعية عن حرمة زواج المسلمة من غير المسلم بقدر لفت النظر إلى واقع أصبحنا نعيشه في مجتمعنا, ولنلقي الضوء على ما حذفته علينا الصحافة الإسرائيلية والأوربية من بلاوي جديدة لا تخطر على بال الأبالسة. .

لقد نشرت تلك الصحف قبل مدة التفاصيل السرية  لنشاطات وحدة التجسس التابعة لجهاز الأمن الداخلي (الشين بيت), الذي أرسل عناصره من الصهاينة المتنكرين إلى المدن العربية منذ أكثر من نصف قرن للعيش والاستقرار في مدننا متسترين بالإسلام, فتزوجوا من نساء مسلمات, وكونوا عائلات, وأنجبوا أطفالا من أب يهودي وأم مسلمة, وربما اقترنوا بأكثر من امرأة مسلمة, واختلطوا بأكثر من أسرة(3). .

تعود جذور هذه الخروقات المتكررة إلى حقبة الخمسينيات من القرن الماضي. هناك مئات القصص والحكايات المأساوية المتناظرة عن هذا الزواج الموسادي الغامض, فقد اكتشفت السيدة (مليكة) وهي من الجزائر أن زوجها يمارس الطقوس اليهودية في السر, وكانت تعرفت عليه بعدما أقنعها واقنع أسرتها, أنه تونسي وجد الاستقرار في الجزائر, وقرر أن يقترن بها أصولياً, لكنها اكتشفت متأخرة أن زوجها يمارس طقوسه باللغة العبرية, فأخبرت أهلها, ولجأت إلى القضاء طالبة الانفصال والخلع, وفوجئت ان القاضي يقول لها: (أنه لم تكن الديانة عائقا في يوم من الأيام أمام المحبين), فلم تصدق ما قاله القاضي المعتوه, فقررت فسخ الزواج الباطل رغم أنف القاضي. .

لقد أدركت بعض البلدان العربية خطورة هذه الخروقات الفقهية, وصنفتها كمشاكل أمنية, فسجلتها ضمن الظواهر المريبة الآخذة بالانتشار, والمؤدية إلى ازدياد الأنشطة التجسسية والأغراض الاستخباراتية المعادية للعرب والمسلمين.   

من الطريف أن نذكر هنا أن الزوج الثالث للفنانة الراحلة تحية كاريوكا كان ضابطا أمريكياً يهودياً اسمه (ليفي) تظاهر بأنه مسلم, لكنها انفصلت عنه لتتزوج من رجل أعمال مصري. .

أما الغريب في هذا الموضوع فأن صحيفة (الخبر) الجزائرية نشرت في عددها الصادر في 22/12/2010 تحقيقا تناولت فيه هذا الموضوع من زاوية عجيبة, إذ أبدت الصحيفة تذمرها من زواج الجزائريات من الأكراد, وكأنها لا تدري أن القومية شيء والديانة شيء آخر, ولا تعلم أن الله جل شأنه خلق الناس شعوباً وقبائل ليتعارفوا, وإن أكرمهم عند الله أتقاهم, فليتق الله من يسمع ويقرأ قول ربه: ((إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم)), وليعلم المسلم أن من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه.

نسأل الله أن يعيذنا من أخلاق أهل الجاهلية, وأن يرزقنا التأسي برسوله صلى الله عليه وسلم في جميع أمورنا. .

والله يستر من الجايات

               

(1) القرضاوي يهاجم الترابي بشأن زواج المسلمات من غير المسلمين, تحقيق بقلم محمد خليل, نشرته جريدة الشرق الأوسط بعددها 10000 الصادر في 16 ربيع الأول 1427 الموافق 15 أبريل 2006. . http://www.aawsat.com/details.asp?issueno=9896&article=358344

(2) فتوى القرضاوي ببقاء المسلمة مع زوجها غير المسلم, تحقيق كتبه عنتر السيد, ونشرته مجلة سيدتي الصادرة في 12/مايس/2010.

(3) Shen Bit

(4)                 60 years later, spies lives revealed, Israel News, by Akiva Novick, 20th Feb 2011. http://www.ynetnews.com/articles/0,7340,L-4031176,00.html