البيعة الخاصة والبيعة عامة
السلام عليكم ورحمة الله شيخنا الفاضل نحن كتائب مجاهدة في سوريا وقد اخترنا فصيلا نراه الأقرب إلى الحق وبايعناه على السمع والطاعة إلا أن القيادة تمنعنا بعد تقدم النظام من مشاركة الفصائل الأخرى في القتال على الجبهات التي تحتاج لنصرتنا ومؤازرتنا بأعذار كثيرة غير مقنعة لنا عسكريا؛ فما حكمنا؟
▫وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
وفتح الله عليكم وثبتكم ونصركم ..
هذه بيعة خاصة جائزة، لا بيعة عامة واجبة لازمة فتلك للإمام العام المفقود، ولا يجب طاعة مثل هذه القيادة في هذا الأمر، بل يحرم شرعا، ويأثم من أطاعها لعموم قول الله تعالى ﴿ولا تعاونوا على الإثم﴾ وفي الصحيح (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) وقد أجمع العلماء على أن جهاد الدفع فرض عين لا يستأذن فيه أحد أحدا، حتى الابن لا يستأذن أباه، ولا الزوجة زوجها، مع أن حقهما أوجب وأخص، فضلا عن استئذان الإمام العام، بله قائد فصيل!
وإنما يطاع الإمام العام ما دام قائما بالجهاد، كما في الصحيح (إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه)، فإذا لم يقم بالجهاد، أو لم يستطع الدفع عمن وجب الدفع عنه، فلا يسقط الخطاب في حق من استطاعه، فمن باب أولى من ليس إماما عاما، كقادة الفصائل، فإن البيعة لهم على الجهاد ما قاموا به، وأحسنوا فيه الإدارة، فإن تركوه هوى، أو عجزا، أو مراعاة لمصلحة خاصة لفصائلهم، أو لم يحسنوا في إدارة الحرب، فلا طاعة لهم، بل تحرم، وينفر المجاهدون إلى الجبهات التي يستطيعون الدفع عن أهلها، سواء وحدهم، أو مع فصائل أخرى قائمة بالدفع عن المستضعفين من السوريين الذين تجتاحهم حملة عسكرية صليبية صفوية، فمن خذلهم خذله الله، ومن نصرهم نصر الله، كما قال تعالى ﴿وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان﴾!
وقد جاء في الفتاوى الهندية لفقهاء الحنفية ٢/ ١٩٢ (في العتابية قال محمد [ابن الحسن الشيباني] - رحمه الله تعالى -: وإذا أمر الأمير العسكر بشيء كان على العسكر أن يطيعوه في ذلك، إلا أن يكون المأمور به معصية بيقين.
ثم هذه المسألة على ثلاثة أوجه:
١- إن علم أهل العسكر أنهم ينتفعون بما أمرهم به بيقين بأن أمرهم أن لا يقاتلوا في الحال مثلا، وعلموا أنهم ينتفعون بترك القتال في الحال بأن علموا بيقين أنهم لا يطيقون أهل الحرب، وعلموا أن لهم مددا يلحقهم في الثاني متى كانت الحالة هذه كان ترك القتال في هذه الحالة منتفعا به في حق أهل العسكر بيقين، فيطيعونه فيه.
٢- وإن علموا أنهم يتضررون بترك القتال في الحال بيقين، بأن علموا أن أهل الحرب لا يطيقونهم في الحال، وعسى أن يلحقهم مدد يتقوون به على قتال المسلمين، لا يطيعونه فيه.
٣- وإن شكوا في ذلك لا يعلمون أنهم ينتفعون به أو يتضررون به، واستوى الطرفان، فعليهم أن يطيعوه، وكذلك إذا أمرهم بالقتال مع العدو، إن علموا أنهم ينتفعون به بيقين، أو شكوا فيه واستوى الطرفان أطاعوه في ذلك، وإن علموا أنهم لا ينتفعون به بيقين، بل يتضررون لا يطيعونه في ذلك، وإن كان الناس مختلفين منهم من يقول: فيه الهلكة، ومنهم من يقول: فيه النجاة، وشكوا في ذلك، ولم يترجح أحد الظنين على الآخر كان عليهم إطاعته).
فإذا كان هذا حكم الأمير الذي تولى الولاية من إمام عام واجب الطاعة، فمن باب أولى من لا ولاية له شرعا أصلا، كقادة الفصائل، فإنما الدخول في فصائلهم تطوع ممن دخل معهم، والبيعة لهم جائزة، فإمارتهم كإمارة السفر الذين يختارون أميرهم منهم لتنظيم شأن جماعتهم حال السفر طواعية واختيارا .
ولا يلتفت للأعذار والمصالح الموهومة كالاعتذار بأن الفصائل الأخرى التي تدفع العدو فيها قصور وتفريط، فقد أجمع أهل السنة على القتال مع كل بر وفاجر حفاظا على المصلحة الكلية وهي حماية الأمة والدفع عن البيضة والحرمة، وعدم اعتبار شرط العدالة في القيادة حينئذ، إذ المراد من القتال هنا الدفع والنصر، فإذا تحقق فثم المصلحة، وثم شرع الله..
وفقكم الله لما يحبه ويرضاه، وألف بين قلوبكم، وأصلح ذات بينكم، وعجل نصركم آمين آمين..
وسوم: العدد 863