على الدول أن توحد جهودها للتوصل إلى لقاح أوعلاج ضد كورونا
ما لم توحد الدول جهودها للتوصل إلى لقاح أوعلاج ضد كورونا عوض سباقها المحموم بدافع الربح فستظل تهمة الاتجار بكوارث البشر تلاحقها
بالرغم من كل محاولات نفي فكرة المؤامرة بخصوص جائحة كورونا ، فإنها ستظل حاضرة في أذهان الناس إلى أن يقطع الشك بيقين . وسيبقى ما جاء في مؤلف الصحفي الأسترالي " أنتوني لوينشتاين " الذي عنوان :
" رأسمالية الكوارث كيف تجني الحكومات والشركات العالمية أرباحا طائلة من ويلات الحروب ومصائب البشرية "
عبارة عن تهمة تلاحق الدول الرأسمالية وشركاتها حتى تثبت براءتها ، وإن كان منطق العدالة هو ضمان البراءة لكل مشتبه فيه حتى تثبت إدانته .
فبالأمس تحدثت وسائل الإعلام العالمية عن وجود سباق محموم بين مختلف شركات البحوث الجرثومية في الدول الكبرى الرأسمالية والشيوعية على حد سواء من أجل التوصل إلى تلقيح أو علاج من شأنه أن ينقذ البشرية من هلاك محقق بسبب جائحة كورونا التي تسارعت وتيرة انتشارها بشكل غير مسبوق ، ذلك أن جوائح سابقة كان انتشارها في السابق يقتصرعلى أقطار معينة في المعمور، بينما انتشارها غطى مجموعه ، وأصابت الغني والفقير من شعوبه . والسباق المحموم بين شركات الأبحاث الجرثومية في العالم يجعل الرأي العام العالمي يتساءل هل هو سباق بدافع إنساني أم أنه سباق ربح واتجار بكارثة كورونا ؟
وما لم توحد الدول الرأسمالية والشيوعية على حد سواء جهودها وتعمل سويا على إيجاد تلقيح أو علاج لهذه الجائحة عوض سباق كل منها على حدة بدافع الربح ، وما لم يصل التلقيح أو العلاج حين اكتشافه إلى كل أصقاع العالم مجانا ،وبدون أعراض أخرى مضر بالبشر، فستظل تهمة الاتجار بكارثة حلت بالبشرية تلاحقها .
فالصين التي ظهر فيها الوباء، ومنها انتشر إلى باقي دول المعمور لا يعفيها من المسؤولية عن انتشاره أنها نكبت ، وفقدت العديد من رعاياها ، وهي مطالبة أمام الرأي العالم العالمي بالكشف عن سبب ظهور هذا الوباء عندها سواء تعلق الأمر بثقافة التغذية عندها أو تعلق بفكرة المؤامرة أو تعلق بفكرة خطإ في مختبراتها الجرثومية أو مختبرات غيرها والتي لها صلة بها . وهي مطالبة أيضا بدليل على اتهام الناطق الرسمي باسم خارجيتها للولايات المتحدة الأمريكية بأنها وراء تصنيع فيروس الجائحة .
والولايات المتحدة المتهمة أيضا بذلك مطالبة بدليل يقطع ببراءتها ، ويعفيها من المسؤولية .
ولا يمكن الخروج من مشكل الاتهام والنفي بين الصين والولايات المتحدة إلا بتدخل جهاز عدالة دولي تكون له صلاحية التحقيق مع نظامي الدولتين ، ويكون إلى جانب قضاته المحايدين خبراء من مختلف دول العالم في مجال علم الجراثيم والأسلحة الجرثومية للكشف عمن يتحمل مسؤولية ترويع سكان العالم بهذه الجائحة .
إن البشر في المعمور يعيشون حالة هلع كبير ، وقد فرضت عليهم قيود في منتهى القسوة حجر إلى آجال غير معلومة ، فقدان الشغل ، تعطيل الدراسة ، صعوبة الحركة من أجل قضاء المآرب اليومية ... إلى غير ذلك من المشاكل التي حلت بحلول الجائحة ، وبناء على هذا لا يمكن أن تسقط المسؤولية عمن كان سببا مباشرا أو غير مباشر عن هذا الذي حل بالبشرية .
وإذا كانت الدول الغنية تتوفر على إمكانيات من شأنها أن تخفف من وقع الكارثة على مواطنيها ، وإن كان الواقع قد كشف عن مفاجآت فيها لم تكن متوقعة ، فإن الدول الفقيرة سيكون الوضع فيها كارثيا بسبب قلة إمكانياتها ، ولهذا تقع مسوؤلية إعانة هذه الأخيرة على الدول الغنية، علما بأن الفيروس انتقل من بؤرته في الصين إلى دول أوروبا الغربية ومنها إلى باقي دول العالم بما فيها الفقيرة والغنية على حد سواء، وهي تتحمل أيضا مسؤولية عدم اعتماد أسلوب الحجر في وقت مبكر من ظهور وانتشار الوباء في بؤرته بدولة الصين ، وعدم تحذير باقي دول العالم . وما فائدة أن تنقل لنا اليوم وسائل الإعلام الدولية أن جهاز المخابرات الأمريكية كان قد حذر المسؤولين الأمركان من خطورة سرعة انتشار الوباء في وقت مبكر لكنهم لم يهتموا بالتحذير ، وهذا أمر يجب الكشف عنه بالنفي أو بالإثبات إذا ما بقي شيء من الأخلاق في السياسة الدولية .
وفي الأخير نشير إلى أن مسؤولية الهالكين بسبب هذه الجائحة تقع على الدول المتسبب في وجودها وانتشارها مهما كانت أسباب الوجود والانتشار ، كما أن مسؤولية معانات البشرية المختلفة تقع عليها أيضا . وسيأتي يوم تظهر فيه الحقيقة للعالم ، وربما يكون ذلك سببا في تغيير جذري في النظام العالمي الحالي بحيث تتغلب سيادة قيم الخير على الشر ، وحينئذ ستتحول هذه الجائحة من نقمة إلى نعمة .
وسوم: العدد 869