تقارير معاناة الأطفال السوريين لم تنقذ أحدا

تقارير معاناة الأطفال السوريين لم تنقذ أحدا

رأي القدس

لا يمر يوم وعلى مدى الاعوام الثلاثة الماضية، الا وتبث لنا وكالات الانباء العالمية وقنوات التلفزيون صورا ومشاهد مأساوية من سوريا، سواء لعائلات تهرب من نيران المدافع والصواريخ أو لمناطق كاملة مهدمة، بما في ذلك مساجد وكنائس ومدارس ومستشفيات، واكثر ما يثير الاشمئزاز صور الضحايا من الاطفال. فهذه صورة لرضيعة يتم انتشالها من تحت الركام، وتلك لطفل يرتعد بردا بالعراء أو لطفل غطاه غبار الركام، أو لآخر لا يتعدى عمره السبعة اعوام يتصبب عرقا وهو يعمل في احد المصانع، أو لآخر انتفخ بطنه من الجوع وسوء التغذية، أو طفل بتر احد اعضائه… واذا ما نظرت في عيون هؤلاء الاطفال، فلا ترى لا الطفولة ولا البراءة، بل الهم والحسرة والغضب واللوم للعالم. وللتذكير فان الكثير من الصور والمشاهد يتم حجبها لبشاعتها وخوفا على مشاعر المشاهدين.

ليس من المستغرب في سوريا ان تعكس هذه الصورة حجم مأساة ومعاناة الاطفال، خاصة ان الاحتجاجات بدأت منذ نحو ثلاث سنوات باعتقال اطفال في مدينة درعا كتبوا على الجدران عبارات تنادي برحيل النظام، وكان ما فجر الثورة اعتقالهم وتعذيبهم واهانة اهاليهم.

الاطفال في سوريا يدفعون ثمنا باهظا للحرب، ومن كان منهم محظوظا ونجح بالفرار مع عائلته الى المخيمات في الدول المجاورة يواجه حياة قاسية جديدة. فأكثر من مليون طفل من اللاجئين في الاردن ولبنان وتركيا يواجهون اخطارا جسيمة، حتى مع وجودهم بعيدا عن القصف والسجون والزنازين، اضافة الى الاضطرابات النفسية، حرم معظم هؤلاء من المدارس، وبدأ بعضهم العمل في ظروف قاسية وباجور زهيدة من سن السابعة.

وبعد مرور ما يقارب الثلاث سنوات على الثورة، أصدر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون تقريرا حمل فيه قوات النظام في سوريا مسؤولية أعمال القتل والتشويه والتعذيب والاعتقال والاحتجاز التعسفي للاطفال. 

تعذيب الاطفال في السجون السورية، حسب تقرير الامم المتحدة، يشمل التعرض للضرب بالاسلاك المعدنية والسياط والعصي وبالصدمات الكهربائية، بما في ذلك الاعضاء التناسلية، ونزع الاظفار والاغتصاب أو التهديد به وتعليق الاطفال من معاصمهم أو أقدامهم وتعذيب اقاربهم امام اعينهم. كما حمل التقرير جماعة المعارضة المسلحة مسؤولية تجنيد واستخدام الاطفال في القتال فضلا عن القيام بعمليات عسكرية في مناطق مأهولة بالمدنيين. التقرير الذي اصدره الامين العام للامم المتحدة يعكس الصورة القاتمة التي وصل اليها الوضع في سوريا، لكن للاسف مثل هذه التقارير والبيانات لم تنجح بانقاذ طفل واحد، ولا بايصال معونة أو ادوية لمناطق الحصار، ولا بوقف البراميل المتفجرة فوق رؤوس المدنيين.

هذه البراميل اعتبرها وزير الخارجية الامريكي جون كيري في تصريح له امس تذكيرا ببربرية النظام السوري الذي لا يجب ان يقبل الشعب ابدا شرعية اي حكومة تضم رئيسه بشار الاسد، متجاهلا تقاعسه وتقاعس حكومته ورئيسه باراك اوباما عن وضع حد لهذه المهزلة والمحرقة الجديدة، بل على العكس من ذلك، فان الموقف الامريكي هو ما أطال عمر النظام. وهذا ما أقر به مدير المخابرات الامريكية جيمس كلابر في افادته امام جلسة للجنة المخابرات في مجلس النواب حين أكد أن الاتفاق الذي سعت له الادارة الامريكية للتخلص من الاسلحة الكيميائية جعل بشار الاسد في وضع اقوى مما كان عليه، وبعد هذا الاتفاق لا فرصة تذكر فيما يبدو لأن تتمكن المعارضة من حمله على ترك السلطة قريبا.