تونس- الكورونا والحلول المنقوصة

رغم مرور أكثر من 10 أيّام على إعلان الحجر الصّحّي الشامل  فإنّ قرارات رئيس الدولة والحكومة جاءت،في تقديري، دون المأمول ودون انتظارات شرائح عديدة من المجتمع.

بداية جاءت قرارات الحكومة إسداء "معونات ومساعدات وإعانات" مالية وعينية من قبيل المنّ على الشعب وعلى فئات واسعة من المجتمع. فرغم مرور 9 سنوات على الثورة لازالت الحكومة المنتخبة وكأنّها تسوس الشعب بمنطق "7 نوفمبر وصندوق 2626"  وبمنطق شبه استبدادي يرى الشعب وكأنّه مجموعة من المتسوّلين ينتظر الإعانات والمساعدات من حين لآخر ومن مناسبة إلى أخرى وتأتي الحكومة لتمنّ عليه ببعض المساعدات ! ! !  اعذرينا أيتها الحكومة نحن لسنا شعبا متسوّلا ولا ننتظر إعانات من أحدا. بل ننتظر من هذه الحكومة التي انتخبناها قرارات جريئة ترجع الحقوق لأصحابها.

ثانيا : لم تكن هذه القرارات في مستوى آمال وتطلّعات شرائح عديدة من المرتبطين بالمهن الحرّة والتّجارة والخدمات...  فبين عشيّة وضحاها أصبح عمّال المطاعم والمقاهي والمتاجر وغيرهم عاطلين عن العمل. وأغلب هؤلاء لا تقلّ رواتبهم عن 600 دينار التي لا تكاد تكفي لإعالة أسرهم ولا تكاد تكفي لتسديد معاليم الإيجار ! فهل يمكن ل200 دينار أن تفي بالحاجيات الضرورية لهذه الأسر في ظل هذه الأزمة الصحّية العالمية ؟ فلماذا لا تمكّن الدولة هذه الشرائح من قروض بدون فوائض(بقيمة ما يعادل راتب 3 أشهر) من مختلف المؤسسات المالية بضمان الدولة وأرباب العمل على أن يتمّ تسديد هذه الديون بعد مرور الأزمة وفي غضون سنتين أو ثلاث سنوات ؟

ثالثا : بقرار الحجر الصّحّي الشامل أصبحت الدورة الاقتصادية شبه مشلولة وتعطّلت مصالح المنتجين والعاملين في أغلب القطاعات.  فالحكومة التي أصدرت قرار الحجر الشامل لم تصدر بصورة موازية وإلى حدّ الآن قرارات تخفّف من عبئ هذا القرار  خاصّة على أصحاب المتاجر والمؤسسات الصغرى. فالحكومة لم توجد إلى حدّ الآن حلولا للشيكات التي ستكون بدون رصيد في غضون أيام وأسابيع عندما يتمّ دفعها للبنوك. فرغم مطالبة عديد النواب رئيس الحكومة بوقف العمل  بالشيكات إلى حين انفراج الأزمة فإنّ الحكومة مازالت  إلى حدّ الآن في بهتة وفي حيرة من أمرها لا تدري ما تفعل وربّما يصدق عليها المثل القائل "تعليم الحجامة في روس اليتامى". فكيف يمكن أن تكون الحكومة  مسؤولة عن صحّة المواطنين ولا تكون في نفس الوقت مسؤولة على ظروفهم المعيشية وعلى خلاص ديونهم. وبمعنى آخر لماذا تتّخذ الحكومة  قرارات لفائدة صحّة المواطن ولا تتّخذ قرارات لحماية هذا المواطن من الانعكاسات المالية الخطيرة لهذه الأزمة العالمية وتتركه عرضة للهرسلة وللتتبعات العدلية ؟

آمل أن تستفيق الحكومة و "يرجعلها شهد العقل" كما قال المرحوم الباجي قايد السبسي ذات يوم "انشاء الله يوسف الشاهد يرجعلو شاهد العقل ويرجع" وإلاّ ستجد الحكومة نفسها تغرق في أزمة اجتماعية حادّة تعصف بها في القريب العاجل. وهو ما أشار إليه الكاتب الصحفي سالم بولبابة بالقول " الأوبئة تتلوها دائما ثورة جياع و انتفاضات شعبية و نخشى اليوم حدوثها قبل نهاية  الوباء مما سيجعل الكارثة محدقة بالبلاد و العباد" .

وسوم: العدد 871