رأس الأفعى وإمبراطوريتها..
*حكومة الظل: امبراطورية صارمة العتاد، تقع في قلب مدينة لندن. قد لا يعلم عنها أو حتى عن وجودها الكثير من الناس رغم أنها هي المتحكمة في مصائرنا الدنيوية. فالعاصمة البريطانية مكونة فعلا من مدينتين: احداهما هي ذلك المحور المدني الذي يضم عدة ملايين من السكان يقودهم محافظ محدود القدرة والسلطة؛ والمدينة الأخرى، ويطلق عليها "ذا سيتي" (The City) ومساحتها 3.16 كم مربع، هي "مؤسسة مدينة لندن"، أو "الميل المربع" (Square Mile)، وهو مقسم إلى خمس وعشرين حيّ، أربعة منها سكني والباقي مكاتب. ويقودها عمدة لورد، هو سفير حقيقي لكل الخدمات المالية و"السيتي" لها حكومة خاصة بها. وبخلاف سكانها التسعة آلاف فرد هناك اثنان وثلاثون الفا يمثلون المؤسسات المالية.*
*و"السيتي" عبارة عن دولة داخل الدولة، تتمتع بسلطة مطلقة وليس لها أن تقدم أي التزام تجاه العاصمة المدنية. ففي هذه المدينة الصغرى أو ذلك المربع الشهير، يوجد حوالي 550 بنكا ونصف سماسرة العالم. وهم أكثر من سماسرة نيويورك وباريس وفرانكفورت مجتمعين، ونصف تعاملات البورصة في العالم وحوالي 80% من الأموال الاستثمارية. واللورد الأساسي في هذه الدويلة لا بد وأن يكون من عائلة روتشيلد! ولعل هذه الجزئية تحديدا تفسر الكثير من الأمور في العديد من المجالات..*
*وقلب هذه الإمبراطورية النابض هو مجموعة من ثلاث كيانات: الفاتيكان، و"السيتي"، ومقاطعة كولومبيا في الولايات المتحدة. وقد يتساءل البعض: وماذا عن وول ستريت؟ والرد باختصار، إن وول ستريت في خدمة هؤلاء الثلاثة، مثله مثل كافة الحكومات المتناثرة حول الكرة الأرضية. وهؤلاء الثلاثة يكونون الإمبراطورية التي تتحكم في العالم اقتصاديا، من خلال المؤسسة/المدينة المالية القابعة في لندن، وعسكريا من خلال واشنطن، ودينيا من خلال الفاتيكان. وهذه الكيانات الثلاثة لا تدفع أية ضرائب، ولا تخضع لأي سلطة مدنية، ولها رايتها الخاصة بكل منهم، ولهم قوانينهم الخاصة بكل واحد منهم، ولهم البوليس التابع لكل منهم أيضا ويطلق عليهم اختصارا (The City)، وكأنه لا توجد مدينة أخرى سواهم.*
*وهذه المجموعة عبارة عن دولة ذات سيادة تضم تحت إمرتها: بنك إنجلترا بسيطرة روتشيلد، ومخزون التبادل لمدينة لندن وكافة البنوك البريطانية، وأفرع ل 384 بنك أجنبي و70 بنك أمريكي، وجرائد "فليت ستريت" واحتكارات دور نشر، والمقر الرئيسي للماسونية والمقر الرئيسي للاتحاد المالي العالمي المعروف باسم "التاج" (The Crown). وهذا المربع المسمى "ذا سيتي" يمثل جزءا من مدينة لندن أو إنجلترا أو الكومنويلث البريطاني.*
*أما الفاتيكان، فيمتلك استثمارات ضخمة مع عائلة روتشيلد في بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة ومع مؤسسات بترولية وشركات سلاح مثل شل، و Bp، وجنرال إلكتريك. كما يمتلك مخزونا من الذهب والعملات الذهبية تساوي المليارات، وهي موجودة في بنك انجلترا تحت مراقبة آل روتشيلد والاحتياط الفيدرالي الأمريكي. أي ان الكنيسة الكاثوليكية هي أكبر قوي مالية في العالم وأكبر مستودع للثروات والملكيات في الوجود، بامتلاكها من الأموال أكثر من كل البنوك والمؤسسات الكبرى والحكومات على وجه الأرض.. والبابا هو المدير "الشكلي" أو "الظاهر" لهذه الثروة. والعالم أجمع يحكمه ذلك "التاج" من خلال المستعمرات والمؤسسات الكبرى والاحتكارات.* لذلك أطلق مايكل ريڤيرو تلك العبارة الواضحة: "كل الحروب هي حروب مصرفيون" فهم يمولون كلا من الطرفين المتحاربان منذ أيام نابوليون بونابارت.. وتعني عبارة مايكل ريڤيرو ان عالم المال والبيزنس عابر القارات تسيطر عليه خطوة بخطوة ومنذ القرن الثامن عشر 13 أسرة. والتف حول هذه الأسر، العائلات الملكية الأوروبية والثمانية بنوك التي تسيطر على نظام البنوك المركزية التي يديرها بنك التسويات الدولية (BRI)، الذي مقره في مدينة بال بسويسرا.
وكل هذه المؤسسات تتبع العقيدة العنصرية لكلمة "الاكتشافات" الواردة في المرسوم البابوي (Romanus Pontifex) الصادر سنة 1455 ومرسوم (Inter Cætera) لسنة 1492. وقانون الملكية العقارية الكندي والأمريكي قائم على هذه القرارات البابوية منذ القرن الخامس عشر والتي تنص بوضوح علي: "ان أي أرض ليست ملكا للمسيحيين يجب الاستيلاء عليها باسم البابا والرب، وكل الشعوب التي تعيش على هذه الأراضي (التي ليست ملكا لمسيحيين) يجب الاستيلاء عليها وتحويل من يقيمون عليها الي نظام العبودية الدائمة"، وذلك وفقا لقرار البابا نيقولا الخامس سنة 1455.. وبالميراث انتقلت الأراضي إلى العائلات الملكية تحت مسئولية البابا، حتى الملكية الأنجليكانية البريطانية. وهو ما يفسر لماذا تقع "مدينة لندن" المالية تحت أيدي الفاتيكان والبابا. ولذلك أيضا فإن البلدان المعروفة تحت مسمى: الولايات المتحدة وكندا ليست إلا كيانات تجارية خاضعة للبابا الذي لم يدر بخلده تغيير أو إلغاء هذه الخطب البابوية لكل من سبقوه في عمليات الاقتلاع العلنية. فجميعهم مستفيد.
*ومنذ عام 2007 مع بداية أزمة الركود الاقتصادي وانفجارها سنة 2008، فهناك عالم متوازي يسري في الأعماق والخلفيات السياسية إعدادا لحكومة عالمية جديدة ونظام عالمي جديد. ولو تأملنا بعض النقاط المتفرقة كزيارة كْسي چيم ݒينج لمدينة لندن فيما بين 13 و19 أكتوبر 2015 ودخول اليوان كعملة رسمية في الاقتصاد العالمي ليصبح اليوم ثاني عملة مستخدمة لتمويل التجارة ورابع عملة مطلوبة لإتمام المدفوعات عابرة القارات، وفقا لهيئة الاتصالات المصرفية العالمية، فذلك يعني ان العالم اليوم يواجه عملية إعادة ترتيب الجغرافيا السياسية والاقتصادية والدينية، تلعب فيه الصين دورا من الدرجة الأولى. وذلك لا يعني إلغاء المنافسة اللدود بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين.*
*فلو تأملنا بعض الأحداث الخاطفة كاستقالة رئيس المجلس الأوروبي للبحث العلمي وتنبؤ الدكتور دي فاوتشي منذ فترة عن ظهور وباء فجائي في عصر ترامب، واستقالة أمين عام البحرية الأمريكية توماس مودلي بسبب إصابة طاقم حاملة الطائرات النووية روزفلت بكورونا، وقرار المسئولين عن نظام الواتسآب وتقليل إمكانيته للتواصل السريع المجاني بين الناس، وخاصة قول رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، جوردون براون "أنه يتعيّن على هنري كيسنجر أن يفكر في نظام عالمي جديد*
بمناسبة وباء كورونا، لن يكون في استطاعة أحد إعادة الاقتصاد العالمي بعد وباء كورونا بدون نظام اقتصادي عالمي جديد، وفي يوم 27 مارس 2020 قامت مجموعة حلف الأطلنطي بتدريباتها العسكرية السنوية لتستمر عشرة أيام رغم كورونا، بينما أحاطت واشنطن كل الأعضاء بزيادة الميزانيات العسكرية وأعلن بومبيو أن الولايات المتحدة طلبت من حلفائها زيادة الميزانية العسكرية التي تتعدى حاليا الترليون دولار.. وإذا اضفنا إلى كل ذلك ما يدور من ترتيبات متعتم عليها بناء على وثيقة "الأخوة الإنسانية" وإقامة الدين الواحد باسم "العائلة الابراهيمية"، وكل فريق يصلي لربه بعد نزع النصوص "الإرهابية" من القرآن الكريم، والعمل دائر لإقامة أول مجمع ديني في إحدى جزر الإمارات، عبارة عن ثلاث مباني متجاورة ومتشابهة، ينبغي أن تتم قبل سنة 2022. لو أخذنا كل ذلك أو كل ما تقدم في الاعتبار لربما فهمنا ما الذي يدور في الكواليس تحت عباءة كورونا الفضفاضة..
وسوم: العدد 874