الشَجى يَبعث الشَجى .. والشيء بالشيء يُذكر!
مايجري في ليبيا ، يذكّر بما يجري في اليمن .. وما يجري في اليمن ، يذكّر بما يجرى في سورية .. وما يجرى في سورية ، يذكّر بما جرى ، ويجري ، وسيجري.. في العراق ومصر.. وما يجري في كلّ قطر ، من الأقطار المذكورة ، يذكّر بما يجري فيها ، جميعاً ، مجتمعة .. وبكلّ مايجري ، في كلّ منها ، على حِدة !
إنها الدوّامة ، التي تلفّ الجميع .. بل العاصفة ، التي تعصف بالجميع .. بل الوباء ، الذي يهلك الجميع .. بل المحنة ، التي تذهل الجميع ، وتتركهم حيارى ، في بلدانهم، بل تترك الحُلماء ، في حيرة قاتلة !
كلّ عاقل ، في كلّ قطر، من الأقطار المذكورة ، ومثيلاتها ، والمرشّحة ، لأن تكون من مثيلاتها .. كلّ عاقل : هنا ، وهناك ، وهنالك ، وثمّة .. حين ينظر في الجهات الأربع ، لأمّة العرب ، ويرى مايجري فيها ، من ويلات ومآس .. وعبث دامٍ ، يمارسه الأخ ، تجاه أخيه ، في :الوطن ، أو العقيدة ، أو الإنسانية.. يتذكّر قول متمّم ابن نُوَيرة ، الذي رثى أخاه مالكاً ، كما لو أن مآسي البشر، اجتمعت في قتل مالك :
فقالت : أتبكي كلَّ قبر رأيتَه لِقبرٍ ثَوَى ، بين اللِوى فالدَكادكِ
فقلت لها : إنّ الشَجى يَبعث الشَجَى ذَريني ؛ فهذا كلّه قبرُ مالكِ
لقد قُتل مالك ، في حروب الردّة ، وهو يقاتل المسلمين ! ومَن يعرف عقيدة الإسلام، في قتل المؤمن ، في محاربة الكفَرة ، وقتل الكافر، في محاربة المسلمين .. يَعرف مامعنى أن يَنوح متمّم ، على مالك !
زيد بن الخطاب ، قُتل ، في معركة اليمامة ، ضدّ مسيلمة الكذّاب ، فحزن عليه أخوه، الفاروق ، وقال لتمّم : لوددت ، لو أنك رثيت زيداً ، أخي ، بمثل مارثيت مالكاً ، أخاك ! فقال : يا أبا حفص .. والله ، لو علمت ، أنّ أخي صار، إلى ماصار إليه أخوك ، مابكيته ! فقال عمر: ماعزّاني أحد ، بأخي ، بمثل هذه التعزية !
وإذا كان الشجى يبعث الشجى .. والحالة تُذكِر بالحالة .. والسؤال يلد السؤال .. فإن السؤال المطروح ، هنا ، بكلّ قوّة الإيمان ، وروح الإسلام ، وإنسانية الإنسان .. السؤال المطروح ، هو: عَلام يُقتل القتلى ، في هذه الديار ،كلها ، بأيدي إخوانهم – ونتناسى ، مؤقّتاً، أيدي أعدائهم -؟ وعلامَ يَقتل القَتلةُ إخوانَهم ، أبناءَ العقيدة الواحدة، والوطن الواحد ، والعنصر الإنساني الواحد ؟ وهل يُعزّى أهالي القتلى ، بما عُزّي به الفاروق ، أم بما يَعرفه متمّم بن نويرة ، عن مصير أخيه؟
وسوم: العدد 876