حول مشروع قانون الأحزاب .. الذي تقدمت به من تسمى الحكومة المؤقتة
ثلاث نقاط ..
الأولى هي أن الهوامش المجتمعية ، مهما بالغنا في الادعاءات الطوباوية ، تبقى مرصوصة عند الحقيقة حول مراجعها . وهذا حق لها لا نماريها فيه . بل هو واقع لا نستطيع أن نتجاوزه .. كنت أقرأ يوما لرمز من رموز الوطنية والعلمانية والحداثية والتنويرية فقال " في الزيارة الأول صافحت رأس الكنيسة مصافحة ، وفي الثانية أخذت يده وقبلتها . لا فكاك ، ومن لم يفعل ذلك تدينا ، سيفعله سياسة ,,,
الاصطفاف الهامشي حقيقة واقعة . وعليه راهن مهندسو حزب البعث ، الذي تأخر أمينه العام الثاني " منيف الرزاز " ليكتشف أنه حزب الطوائف . وحتى عندما تشظى هذا الحزب تشظى طائفيا.. فأجهز المسيطرون عليه على " محتوياته " من أهل السنة ، والدروز والإسماعيليين ، وأبقى على من لا بد منه من كل هؤلاء .
جميل أن تسعى الولايات المتحدة وروسية وفرنسة هذه الأيام إلى توحيد الموقف الكردي مثلا ، ولكن يوحدونه ضد من ؟؟؟ وهذا سؤال جدير بالتأمل ، ولا أريد أن أزيد فيه . ولماذا لا يسعون بالسوية إلى توحيد الموقف الوطني بالطريقة نفسها ، والموقف العربي أيضا ؟؟ ؛ وهذا سؤال أطرحه لقوم يعقلون .
والنقطة الثانية فيما قرأت من مشروع القانون :
وإذا كانت الإيديولوجيا العصبوية المنتمية للدين أو المذهب أو العرق واقع لا يمكن تجاوزه ، فلماذا يكون حقا لفريق ، بحكم الأمر الواقع ، فيكون له في لبنان بطرك وفي العراق مرجع ...ولا أريد أن أزيد في التعداد لئلا أوجع ؛ ويحرم عليه في سورية أن تكون له راية يأوي إليها تدافع عن حقوقه ، وتحمل مشروعه على طريقة كل الحقوق التي يستمتع بها أصحاب الإيديولوجيات المقنّعة ...
لماذا يحرم على الشعب السوري في هوية الأكثرية الكاثرة من أبنائه أن يكون له راية أو لواء يأوي إليها في ليالي الحر والقر ..؟!
هل الوطنية والديمقراطية وحقوق الإنسان تمنع أن يكون في سورية تجمعات إسلامية تحمل مشروعها الخاص بها في ظل الدستور والقانون ؟! مشروعات وطنية حقيقية تلبي تطلعات الشهداء الذين قدموا دماءهم وهم ينادون : ما لنا غيرك يا الله ثم يأتيك من يريد أن يقصي الله عن حياة السوريين بل ينفيه ، وعلى وهج هذه الدماء ..
لماذا هذه الحرب المفتوحة على الإسلام ودماء الشهداء لم تجف بعد ؟؟؟؟ ولماذا كل هذا التجاهل لتطلعات المعذبين والمعتقلين الذين كان شعارهم الأول : الله .. سورية ، لماذا ...؟! وهذه دول العالم الديموقراطي الذي يتباهى بتقليده المتباهون لا تخلو من أحزاب إيديولوجية ودينية ومذهبية وبعضها يحكم في أعرق الديموقراطيات ..
ليس في ألمانيا وحدها ، كما يظن بعض الناس ، يحكم الحزب الديموقراطي المسيحي بل لا تكاد تخلو دولة أوربية من حزب مسيحي يحمل مثل هذه العنوان وهذه بعض العناوين لتقريب الشهود ..
ففي ألمانيا : حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي .. وحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي.
وفي النمسا : الحزب الاجتماعي المسيحي .
وفي إيطاليا : الحزب الديمقراطي المسيحي - وحزب اتحاد الديمقراطيين المسيحيين
وفي هولندا : حزب النداء الديموقراطي المسيحي - وحزب الاتحاد المسيحي
وفي السويد - الحزب الديمقراطي المسيحي
وفي النيروج - الحزب الديمقراطي المسيحي
وفي اليونان : التجمع الشعبي الأرثوذكسي
فهل يعدنا السادة المشرعون بوطنية وديمقراطية أرقى مما يسود في هذه البلدان ؟!
والنقطة الثالثة ...
ونحن أمة محطمة ممزقة ، جار علينا الزمان منذ الحرب العالمية الأولى ، فانفرط عقدنا ، وأعمل سايكس بيكو ما أعملوا فينا ....نحن جزء من أمة تجمعها عقيدة وشريعة وثقافة وهوية ومصالح ..
فلماذا يحجر علينا السادة المشرعون أن نحلم ، وأن نتواصل ، وأن نتعاون ليكون لنا حزب جامع يحمل مشروعنا ليكون لنا حزب مثل " الحزب الشعبي الأوربي " وبرلمان مثل " البرلمان الأوربي " وكيان مثل " الاتحاد الأوربي "
وبعد ..
فإنما تصدر القوانين لتعبر عن إرادة الناس ، وتنظم تطلعاتهم ، وتلبي أشواقهم وليس للقمع والاستئصال والإقصاء والنبذ والكبت والاستئثار ..إن المشرع الذي يفصل الثوب على مقاسه هو نفسه بشار الأسد ... الذي سنظل نقاومه مهما غير من العباءات والادعاءات
وإن مما ورث الناس من كلام النبوة الأولى : إن لم تستح فاصنع ما شئت.
وسوم: العدد 878