رسالة العتيبة إلى الإسرائيليين ليست أول الإساءات الإماراتية إلى فلسطين
في رأيي أن الصخب الغاضب فلسطينيا وعربيا الذي هيجه مقال سفير الإمارات في واشنطون يوسف العتيبة في "يديعوت أحرونوت " ؛ ما كان ينبغي أن يكون بهذه القوة والحدة ، لا لأن ما في المقال من إساءة لفلسطين والعرب عادي هين ، وإنما لأن هذا المقال سبقه من الإساءات الإماراتية لفلسطين والعرب ما هو أفظع منه ، وأخص العرب الشرفاء لا العرب الأتباع الذين انسلخوا عن عروبتهم وإسلامهم وقيم الإنسانية المحبة للعدل ونصرة المظلوم ، وما في عنوان مقال العتيبة " إما الضم وإما التطبيع " من إيحاء بتخيير إسرائيل بين الضم والتطبيع ليس إلا خداعا وتضليلا ، فعلاقة الإمارات بإسرائيل تجاوزت كل تطبيع ، والإمارات ستواصل التطبيع ولو ضمت إسرائيل كل الضفة . ولننظر في هذا السجل الإماراتي السي ليتبين لنا أن رسالة العتيبة إلى الإسرائيليين ليست أول الإساءات الإماراتية إلى فلسطين وشرفاء العرب :
أولا : في 19 يناير 2010 تواطأت الإمارات مع الموساد على اغتيال عضو كتائب عز الدين القسام محمود المبحوح في دبي ، وتسترت على جريمة الاغتيال ، وأقسم ضاحي خلفان نائب رئيس شرطة دبي وقتها أنه لا دور لبلاده بجريمة الاغتيال .
ثانيا : في أواخر يوليو 2014، وفي قمة تصعيد العدوان الإسرائيلي على غزة ، ضبط أمن حركة حماس شبكة تجسس إماراتية قدمت إلى غزة ممثلة للهلال الأحمر الإماراتي بزعم تقديم خدمة طبية لجرحى العدوان في مستشفى ميداني عاجل . واكتشفت مهمتها التجسسية بسرعة عند استقرارها قرب مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح ؛ حين اشتكى أحد أعضاء الوفد الخمسين من أن صواريخ المقاومة تعطل مهمة الوفد في علاج الجرحى لوجود تلك الصواريخ بين بيوت المواطنين ، فأين تقع هذه الصواريخ بالضبط ؟! ونقل مواطنٌ الشكوى والتساؤل إلى أحد أفراد سرايا القدس ، الجناح العسكري لحركة الجهاد ، ففطن الرجل بحسه الأمني الحذر إلى مدلول الشكوى والتساؤل ، وسارع بنقل شكوكه إلى جهة في حماس ، وحُقق مع أعضاء الوفد ، وتأكد أنهم جاؤوا في مهمة تجسسية لها صلة بالموساد ، وتوسلت الإمارات لحماس لكتم الفضيحة ، وغادر الوفد غزة بسرعة من معبر رفح الذي قدم منه .
ثالثا : في يوليو 2018 ، شارك طيارون إماراتيون يتدربون في إسرائيل على طائرات ف 35 ؛ في قصف غزة ، وتحدى الإعلامي الإسرائيلي إيدي كوهين نائب رئيس شرطة دبي السابق ضاخي خلفان أن ينفي صحة المشاركة الإماراتية في قصف غزة . ودائما يفضح الإسرائيليون منكرات أتباعهم العرب .
رابعا : شارك يوسف العتيبة في حفل إعلان صفقة القرن في واشنطون إعرابا عن موافقة بلاده عليها ، وافتخر بهذه المشاركة في مقاله .
خامسا : إبان عدوان 2014 الإسرائيلي على غزة قالت القناة الثانية بالتليفزيون الإسرائيلي إن الإمارات أُخبرت مسبقا بالعدوان ، فأيدته واستعدت لتمويله شرط القضاء على حماس ، ولا ريب في انها مولته وإن لم يُقضَ على حماس . فما ذا بعد هذه الكبائر من كبائر إماراتية مفاجئة تستوجب الصخب الغاضب ؟! المقال متابعة لهذا السياق الإماراتي الخياني ، وحين نتخذ هذا السياق معيارا للحكم على سلوك هذه الدويلة ، أو دولة المكتب التجاري مثلما يصنفها الكاتب البريطاني ديفيد هيرست ؛ يبدو المقال منكرا هينا بالقياس إليه ، ولا مباغتة فيه حتى بما حوى من مغالطات وتزييف مثل قوله إنه : " في جزء كبير من العالم العربي كنا نريد أن نصدق أن إسرائيل فرصة وليست عدوا " . من هذا الجزء الكبير ؟! هو يتوهم دويلته ومن ينهج نهجها من صغار العرب ممثلين لكل العرب ، والشعب العربي من المحيط إلى الخليج ، ومعه كل المسلمين ، لا يرى إسرائيل إلا عدوا لا تعايش معه بأي كيفية . وهذا الشعب يحتقر العتيبة ومباهاته بأن دولته صنفت حزب الله إرهابيا ، وشجبت تحريض حماس على إسرائيل . وبعد يوم ، يوم واحد دون زيادة من نشر مقاله ؛ عنونت "يديعوت أحرونوت " خبر تطوير إسرائيل صاروخا جديدا بأن هذا الصاروخ " قادر على إصابة مآذن المساجد " . نفس الصحيفة ترد تحيته المتذللة بما يلائمها من سوء وجحود. كل المساجد الإسلامية أسيء لها في العنوان الذي يعري هوية إسرائيل التي يتمناها العتيبة فرصة تعاون وصديقا . الإسرائيليون يقيمون العرب تقييما دقيقا ، ويعرفون حجم دويلة العتيبة وعلل تقربها منهم ، ويحترمون حماس وحزب الله وقائده نصر الله ، ويتمنون أن يكون قادتهم في لطف ذكائه ، وصلابة شجاعته ، وسمو بلاغته المبينة ، ونزاهته الأخلاقية ، ويحتقرون العتيبة ودولته وقيادتها .
الإمارات تلبس ثوبا أطول من قامتها ، وأوسع من جسدها ، وأي هبة هواء ترفع الثوب وتنفخه ، وتفضح قصر القامة ، وصغر الجسد ، ولا نستغرب منها أي منكر ، فلا أحد يتجاوز حجمه خاصة إذا استعان في محاولة التجاوز بالجمبازيات البهلوانية والمنكرات الوضيعة مثل ما نرى في الأدوار العسكرية العابثة التي تقوم بها الإمارات في المنطقة معتمدة على المرتزقة ، فينهال عليها الفشل والخذل أينما توجهت
، وافعل ما شئت فإنك مجزي به ، إن خيرا فخيرا ، وإن شرا فشرا ! وما نرى الإمارات تفعل إلا شرا لنفسها ولأمتها ولدينها ولكل ما هو إنساني نبيل ، واقتصر حديثنا على شرها في فلسطين تعليقا على الصخب الغاضب فلسطينيا وعربيا الذي هيجه مقال العتيبة ، ولم نتحدث عن شرها في اليمن وليبيا .
وسوم: العدد 881