أمّة تدين أكثريتها بالإسلام : هل تستطيع ، أن تجتمع على الرابطة الوطنية ؟
أجل ؛ قال رسول الله ، مخاطباً مكّة ، بعد خروجه منها ، مهاجراّ إلى المدينة : إنّك لأحبّ بلاد الله إليّ ، ولولا أنّ أهلك أخرجوني منك ، ماخرجت !
وقال ، عليه الصلاة والسلام : مَن قُتل دون ماله ، فهو شهيد .. ومَن قُتل دون دينه فهو شهيد .. ومن قتل دون أهله ، فهو شهيد .. ومن قُتل دون نفسه ، فهو شهيد !
ومعلوم أن الأرض، جزء من المال، وهي تحوي:النفس والأهل ، والداروالمتاع، وسائرالمال!
ويبقى سؤال حول المآل ، الذي يؤول إليه الصراع ، بين الشعب وخصومه ، بعد سقوط الحكم الظالم : هل يبقى الرابط الوطني ، هو الجامع .. أم تختلف الفئات ، باختلاف رؤاها ، ومذاهبها السياسية ؟
والجواب ، ببساطة ، هو: لا بدّ من الاختلافات ، في المشارب والمذاهب والأهواء، بين أبناء الوطن الواحد ! لكن مادام الرابط الوطني ، جامعاً مقبولاً ، لدى الجميع ؛ انطلاقاً من سائر المناهج الفكرية .. فسيظلّ هذا الرابط ، هو المحور، الذي تدور حوله الصراعات ، أو في إطاره .. ويظلّ تقديم الخدمات للوطن ، هو المقياس ، الذي تقاس ، على أساسه ، المناهج والسياسات ! والإسلام سبّاق ، في هذا المجال ( نفع الناس ، ونفع الأوطان )! وما نحسب إسلامياً واعياً ، يفهم الإسلام ، نصّاً وروحاً ، يعارض هذا المنطق !
والمشكلة تكمن ، في خوف بعض الأقليات الطائفية ، من استحواذ الأكثرية السنّية ، على مقاعد المجالس التمثيلية ، كمجلس النواب ، وغيره ! بَيدَ أن هذا الخوف ، لارصيد له على أرض الواقع ، وليس له أسباب حقيقية ، إلاّ في أذهان بعض تجّار السياسة ، من زعماء الأقليّات ، الذين يؤثرون تمزيق الأوطان ،على اتّفاق الطوائف، كي يظلّوامحافظين ، على زعاماتهم ! وهم يرون ، أنه مادامت البلاد ، في حالة فوضى ، فستظلّ لآرائهم قيمة ، من نوع ما ، وعليهم استغلال هذه القيمة ، لتحصيل أكبر المكاسب ، السياسية والاجتماعية ، لأنفسهم ،أوّلاً ، دون النظر، إلى مصالح الطوائف ، التي يتاجرون بتمثيلها ، والدفاع عنها !
وسوم: العدد 883