عندما يفقد العرب بوصلة القدس!
ما فتئ القادة العرب في عصرنا يعلنون عن أشياء لكنهم يعملون عكسها تماما في كثير من الأحيان، وإذا درأنا عنهم تهمة النفاق وحملنا أعمالهم على أحسن المحامل؛ فسنجد أنهم قد فقدوا البوصلة السليمة!
فقد ارتكبوا أكبر الموبقات والجنايات وهم يظنون أنهم يُحسنون صُنعاً، وفي هذا السبيل رأينا زعماء عربا يشنون حروباً ضد بلدان عربية شقيقة بحجة أنها الطريق الأمثل وربما الأوحد نحو القدس، كما فعل حافظ الأسد ضد لبنان والمنظمات الفلسطينية، وصدام حسين رحمه الله ضد الكويت.
ومن أجل القدس وتحرير الأقصى شنت المنظمات اليسارية الفلسطينية حربا في السبعينات ضد الجيش الأردني، الذي رد على طريقة ذلك الأعرابي الذي قال:
ألا لا يجهلنْ أحدٌ علينا
فنجهل فوق جهل الجاهلينا!
حيث قام باجتثاث جميع المنظمات في ما عرف بأيلول الأسود!
وشن حافظ الأسد مع حلفائه المباشرين وغير المباشرين حروبا عديدة ضد الفلسطينيين في لبنان، ولا سيما في مخيمات تل الزعتر وصبرا وشاتيلا، وأخرج ياسر عرفات من بيروت ثم من طرابلس بعد أن حاصره من البر بينما حاصرته إسرائيل من البحر. وصدّرت ما كانت تعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية التخريب والعنف والإرهاب إلى الشطر الشمالي من اليمن وإلى سلطنة عمان في طريقها نحو تحرير القدس، وتسببت كل تلك الحروب وأعمال العنف في سفك دماء غزيرة وضياع طاقات هائلة، ولم تصل إلى القدس قطرة دم واحدة!
ومن أجل القدس أغلقت الجزائر حدودها مع المغرب منذ بضعة عقود وأغلقت العراق وسوريا البعثيتان آنذاك حدودهما في وجهيهما، وأغلق شطرا اليمن أبوابهما في وجوه بعضهم البعض، وكان انتقال اليمني من صنعاء أو دمشق أو الجزائر إلى أبعد نقطة في الدنيا أسهل من الانتقال إلى عدن، وكذلك الحال بالنسبة لبغداد ودمشق، وبالنسبة للجزائر والرباط، وكل أسوار العداوة هذه وخنادق الأحقاد من أجل عيون القدس التي أصابها العمى دون أن يصلها قميص يوسف
وفي سياق العمل من أجل استعادة استقلال سيناء وتحرير القدس احتلت مصر مثلث حلايب السوداني، وصدّر القذافي الأسلحة إلى جبهات تخريبية في عديد من البلدان العربية ومنها اليمن، ثم ذهب للبحث عن القدس في تشاد!
وفي الوقت الراهن وصلت البوصلة العربية ذات الصلة بالقدس، إلى أبعد ما يمكن تخيله من خطأ، حيث يتسابق الأعراب للتطبيع مع الصهاينة من أجل القدس التي ينبغي أن تعيش في سلام، ويحاول كثير منهم ذبح حماس من أجل الأقصى!!
وسوم: العدد 884