أضواء وأفكار على تعليق/دعوة الباحث الأستاذ "عبد الرضا حمد جاسم"
لأهمية تعليق/دعوة الباحث البارع الأستاذ "عبد الرضا حمد جاسم" الذي أرسله إلى أسرة موقع الناقد العراقي (ونشره كتعليق في الموقع وفي موقع مؤسسة المثقف أيضا على مقالتي "بمناسبة ذكرى رحيله: علي الوردي.. النهضوي المغدور.. موجز بفتوحاته الفكرية الريادية عراقيا وعربيا وعالميا") في ذكرى رحيل المفكر الكبير الدكتور علي الوردي وارتباطا بحلقتي ملف الموقع الأخيرتين عن منجز الوردي ، ارتأت أسرة موقع الناقد العراقي نشر هذا "التعليق" وهو دعوة مهمة شافية في حقل المقالات بالإضافة إلى حقل التعليقات لكي تحظى هذه الدعوة باهتمام وتركيز ومناقشة السادة الكتّاب والقرّاء لما تحمله من التفاتة مهمة لا تخص تراث الراحل الكبير الدكتور علي الوردي فحسب بل الثقافة الغراقية كاملة.
لقد كتبتُ عشرات المرات داعيا إلى أن تقوم المؤسسات الرسمية والمهنية باحتضان ورعاية وجمع تراث أي رمز ثقافي عراقي يرحل ويغادر عالمنا. والرحيل من سنن الحياة ولكن ما هو ليس من سننها أن يضيع تراث الراحل وتتناهبه الأيدي لأي سبب من الأسباب الكثيرة الدقيقة التي شخّصها الأستاذ عبد الرضا حمد جاسم. وعلى سبيل المثال كتبتُ قبل سنوات أن الأديب الراحل "عبد المجيد لطفي" قال في آخر لقاء له نشرته مجلة "آفاق عربية" في الثمانينات أن لديه أكثر من (80) مخطوطة لكتب لم تطبع (صارت هذه المعلومة ضمن "إشارة" ملف موقع الناقد العراقي عن عبد المجيد لطفي). رحل عبد المجيد لطفي فأين صارت هذه المخطوطات وفي حيازة مَنْ؟ ومن هو المؤتمن عليها؟ ومثل ذلك كتبته عن "مكتبات" الراحلين من رموز الثقافة العراقية وبشكل خاص عن مكتبة الدكتور علي الوردي بعد رحيله والتي قال لي أحد الأخوة ممن لهم علاقة وثيقة بالوردي أنها كانت تضم 25 ألف كتاب!!! ومهما كان الرقم فهذه المكتبة –وتضم مخطوطات مهمة حسب رأي الباحث الأستاذ سلام الشماع – ليست ملكا لأحد وليست قابلة للامتلاك الفردي فهي ملك الراحل وعلى الدولة امتلاكها مع مكافأة ورثة الوردي عليها لأنها ملك ثقافة البلاد وتاريخها وأجيالها.
صرنا بحق بلاد الكنوز الضائعة من كنوز سومر العظيمة حتى اليوم (عُثر على كثير من ألواح ملحمة جلجامش في دول أجنبية والآن يوجد أكثر من 120 ألف لوح سومري وأكدي وبابلي وآشوري في المتحف البريطاني وحده وهناك الكثير في متحف شيكاغو ناهيك عمّا نُهب بتخطيط الأمريكان الغزاة في عام 2003. (وبإشراف مباشر من رامسفيلد وراجع الأجزاء 28 و29 و39 من موسوعة جرائم الولايات المتحدة الأمريكية لتطلع على الوثائق والصور المؤلمة).
إن الدعوة التي يطلقها الأستاذ عبد الرضا حمد جاسم هي دعوة وطنية أصيلة كان على الدولة العراقية أن تجعلها منهجا راسخا ومدروسا يصبح تقليدا منذ عقود طويلة. والآن نستطيع على الأقل "الحفاظ على ما تبقى" ، والانطلاق من هذه الدعوة في حملة مدروسة هادئة ومنظمة تتحمل فيها الدولة مسؤوليتها والمنظمات الثقافية المهنية التي كانت مشغولة بالأمسيات وصارت غارقة في الأصبوحات وبيانات توديع الراحلين دون سعي جاد للحفاظ على تراثهم أيضا.
وفي ما يتعلق بتراث الراحل الكبير الوردي أعتقد أن ثمة إجابات مهمة يمكن أن تقدمها عائلته الكريمة في هذا المجال حول مخطوطاته ومكتبته هي التي تحملت الكثير في حياته وبعد مماته.
ولعل في دعوة الأستاذ عبد الرضا إلى تخصيص صفحة في الصحف لفكر الوردي ركيزة مهمة وابتدائية يمكن أن ننطلق منها إلى تأسيس "مؤسسة أو مركز الوردي للدراسات الاجتماعية" .. (ولموقع الناقد العراقي ملف مستمر عن الوردي نشرنا فيه اليوم حلقتين كما أسلفت).
وعندما رحل الجواهري العظيم كتبتُ داعياً إلى تأسيس "مؤسسة الجواهري للدراسات الفكرية" لا تهتم بدراسة تراث الجزاهري الشعري فحسب بل دراسة التغيرات الاجتماعية والتاريخية والسياسية في العراق بل الشخصية العراقية أيضا من خلال تراثه الشعري وسيرته الذاتية الحافلة وقلت حرام أن يضيع قرن كامل من حياة العراق مع الرحيل الجسدي لهذا الرمز العملاق حتى بمتناقضاته.
كما أنّ دعوة الأستاذ عبد الرضا الأخيرة إلى دراسة تراث الوردي موضوعيا بإيجابياته الفكرية وسلبياته هي دعوة منطقية وضرورية لأن الثقافة الحقيقية الحريصة على نمائها وتطوّرها تكون معادية لأي محاولة لـ"تصنيم" رموزها وتحويلهم إلى إيقونات للعبادة. كان علي إين أبي طالب العظيم يقول:
"نعوذ بالله من سبات العقل"
والتصنيم هو خطوة المنزلق الأولى نحو هذا السبات الذي ما زلنا نعاني منه أكثر من أربعة عشر قرنا!!
إنها دعوة صريحة ضرورية مباركة فلنشتغل عليها جميعا لتصبح حملة وطنية.
تحية للأخ الأستاذ عبد الرضا حمد جاسم
حسين سرمك حسن
بغداد المحروسة
تعليق/دعوة من الباحث الاستاذ "عبد الرضا حمد جاسم"
الاستاذ الدكتور حسين سرمك حسن المحترم
تحية طيبة
اقدم هذه الدعوة و املي كبير بتبنيها من قبلكم او من اي مهتم بتاريخ و تراث/ارث الراحل الوردي اطرحه هنا في ذكراه وفي مقالتك هذه لاني اعرف انك من المهتمين بمثل هذه المواضيع و من على صحيفة المثقف الغراء التي اكيد انها تهتم بمثل هذه الامور.
تراث/ارث الدكتور الوردي ذلك الذي تفرق منه او نُهب او سُرق او تُرك أمانة عند أحد او محفوظ هنا او هناك في ارشيف هذه الدائرة او تلك الجامعة او المؤسسة … بكل ما فيه ان كان مقبول لهذا او مرفوض عند ذاك ليس مُلك أحد حتى افراد عائلته الكريمة انما إرث/تراث وطني عراقي وربما عالمي. عليه من الحكمة والأمانة والاخلاص والوطنية ان يتم تكثيف البحث عنه وجمعه. مهما كان الموقف من كل طروحات الراحل الوردي.
ممن يتكون هذا المفقود او المبعثر او الواجب البحث عنه وجمعه:
المخطوطات او الكتب او المسودات او الرسائل المتبادلة مع الاهل او الأحبة او الزملاء والشهادات التقديرية التي قيل انه حصل عليها من هذا لطرف او ذاك تلك التي أشار اليها الراحل الوردي او محبي الوردي. تلك التي وعد البعض بها او التي تَوَّعَدَ بها البعض والتي أخْبَرَ بوجودها البعض او شاهدها البعض والتي أطْلَقَ او اُطْلِقَ عليها أسماء مختلفة / “سينما بغداد” أو “مذكرات” و “تكملة لمحات تاريخية “و”ريشة في مهب الريح” و “اخلاق اهل العراق”.
هذه المفقودات او بعضها أعتقد انها موجودة او بعضها عند أحدهم/بعضهم او له /لهم علماً بها او جزء منها سواء كان/كانوا من القريبين اليه/عليه محبيه ومبغضيه ” اصدقاءه واعدائه الفكريين” “المكشوفين وغير المكشوفين” من “المهتمين او غير المهتمين” بطروحات الوردي” سلباً او ايجاباً” من “المختصين و غير المختصين”…من “المُلتقين/المتقبلين او المخالفين/الرافضين” فكرياً مع نظام البعث السابق ،عناصر السلطة “التنفيذية او الثقافية” السابقة الذين سمح لهم الوردي راضياً/قانعاً او مُجبراً/مكرهاً او مُتَحَسِباً/حذراً ـ قلقاً او تمكنوا بأساليبهم من دخول محرابه وصومعته/مكتبته بحضوره او غيابه… حيث توجد تلك المخطوطات. “مجرد توقع”: …”أحدهم” هذا شخص/ اشخاص ربما لو لم تتم الاشارة الى تلك المفقودات من قبل السيد الخاقاني والصحفي الشماع لكان قد أطلقها بادعاءات كثيرة تُقبل اولا تُقبل…لكن مع تكرار الإشارة اليها من قبل من كَتَبَ عنها جعلت من سيطر او يسيطر عليها “احتفظ /يحتفظ بها” يتخوف/يتردد اليوم من إطلاقها او الاعتراف بحيازته لها /”بتحفظه عليها /حفظها” بسبب “ربما” من تبعاتها او تبعات احتفاظه بها/ سلبها /اخفائها / حمايتها. “ربما وربما ايضاً” “اقتنصها/التقطها” تحت توصيف” فاعل الخير” اقنع نفسه به وهو الان محتار بها و”ربما “اُخْتُطِفَتْ” من قبل سلطات النظام السابق عن طريق “فاعل خير” ايضاً وهي ضمن ارشيف دوائر النظام السابق الأمنية او الثقافية… وليس بغريب القول ان ذلك الارشيف تعرض للتفتيش والعبث به وسرقت جزء منه…اتمنى على الدكتور حسين سرمك حسن العمل على ذلك وهو المهتم بمثل هذه الأمور المهمة و من خلال صحيفة الناقد العراقي و يا حبذا التعاون مع صحيفة المثقف وغيرها لمتابعة مثل هذه الأمور و أتمنى ان تطلق تلك الصحف صفحة خاصة باسم الوردي تخصص لكل الكتابات التي تهتم بالراحل الوردي سواء مع او ضد لان الراحل شغل الناس كثيراً كما بحث البعض عن ابن خلدون بعد قرون فلنبحث عن الوردي بعد سنين لنبين للقارئ ما للوردي و ما عليه فهو بشر ايضاً له ما له وعليه ما عليه.
…………….
تقبل مني تحياتي و امنياتي لكم بالسلامة و تمام العافية
ملاحظة: سأعود لاواصل ما بداته تحت عنوان: الراحل علي الوردي في ميزان قريبا
وسوم: العدد 885