إيقاف التطبيع مع الكيان الإماراتي..
مما يسترعي الانتباه والاعتبار، أن أول خطوة عملية جاءت مباشرة عقب الإعلان عن التطبيع الرسمي بين الكيان الإسرائيلي والكيان الإماراتي، هي الزيارة التي قام بها رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) وفريقه إلى أبو ظبي.
وهذا يعني بوضوح أن الجهاز الاستخباراتي اليهودي هو المعنيُّ الأول بعملية التطبيع الإماراتية، وهو مهندسها وقائدها، وهو الذي يتولى صهينة الإمارات وتأهيلها للعهد الجديد. وهو ما يعني أيضا أن الكيان الإماراتي في – وضعه الجديد – سيصبح مرتعا ومعبرا وأداة للتجسس المباشر والاختراق المباشر لمجمل الدول والمجتمعات والمنظمات والسخصيات العربية. ومعلوم أن جهاز “الموساد” الإسرائيلي هو جهاز اغتيالات وانقلابات، مثلما هو جهاز تجسس واستخبارات.
طبعا هذا لن يكون شيئا جديدا بين إسرائيل الكبرى وربيبتها الصغرى، فالعلاقات بين الطرفين موجودة ومتخفية منذ سنوات، ولكن الأمر بعد الآن سيصبح أكثر ارتياحا وانسيابا واتساعا، خاصة مع توقع التحاق بعض الدول العربية – التي تعاني من هشاشة النظام وهشاشة العظام – بهذا المسار الإماراتي البئيس. فالإمارات ستكون قاطرة للمهرولين نحو الردة والخيانة وخدمة بني إسرائيل. وقد صح في الحديث النبوي الشريف: (ومَن سنَّ في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها مِن بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء).
ومهما تكن الرؤى والمواقف والتحليلات لما جرى ويجري بين الكيانين الصهيوني والنهياني، فإن ما لا شك فيه ولا اختلاف حوله: هو أن هذا المسلك الإماراتي يعدّ أكبر خدمة وأعظم دعم سياسي واقتصادي ودعائي تحصل عليه إسرائيل من بلد عربي إسلامي، منذ تأسيسها وإلى حين زوالها.
وهذا معناه بوضوح تام: أن الكيان الإماراتي قد أصبح في صف العدو الصهيوني وجزءا منه، وأصبح محاربا للشعب الفلسطيني ولقضيته العادلة، وحقوقه المشروعة. والله تبارك وتعالى يقول لنا {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} [فاطر: 6].. فمن اختار معاداتَـنا، فقد فرض علينا معاداتَـه بالضرورة..
والحقيقة أن موقف عامة العرب والمسلمين قد أصبح – ومنذ سنوات – يتسم بالسخط والازدراء للنهج الشيطاني العدائي التآمري، الذي تسير فيه الإمارات تجاه الإسلام والمسلمين عموما، وتجاه القضية الفلسطينية خصوصا. وقد عرف هذا الموقف الشعبي التلقائي تصاعدا شديدا في الأيام الأخيرة بعد الإعلان الرسمي عن ضم إسرائيل للإمارات وانضمام الإمارات لإسرائيل.. وبذلك يمكن القول: إن الموقف الشعبي، العربي الإسلامي، قد دخل فعلا في مرحلة “إيقاف التطبيع” مع الكيان الإماراتي.
- ومن هذا الباب أيضا: الاحتجاجاتُ الشعبية التي عبرت عن بالغ السخط والغضب تجاه السياسة الإماراتية ورمزها محمد بن زايد، الذي أُحرقت صوره وديست بالأقدام، في عدد من الدول العربية.
- وقد احتشد عدد من الحقوقيين المغاربة أمام السفارة الإماراتية بالرباط للاحتجاج، ولتسليم رسالة في الموضوع إلى السفير، وإذا بهم يفاجأون بجنود الشركة الأمنية الصهيونية (جي فور إس) يخرجون إليهم ويشرعون في تصويرهم وتفريقهم ومنعهم حتى من تسليم الرسالة..
- ومن ذلك أن عددا من المفكرين والمثقفين العرب أعلنوا انسحابهم من التعامل مع الإمارات الجديدة، وقطعَ علاقاتهم الثقافية معها.
- وهذا وغيره سيتواصل لا شك.. وسيتم – في كثير من الأحيان – دون أي إعلان عنه بسبب الخشية من الانتقام والبطش.
- وأما على الصعيد الرسمي، فأول خطوة في إيقاف التطبيع مع إمارات ابن زايد، هي سحب السلطة الفلسطينية لسفيرها من أبو ظبي، معتبرة الخطوات الإماراتية الأخيرة طعنة غادرة في ظهر الشعب الفلسطيني، وأنها خروج عن الصف العربي الرسمي والشعبي.
- كما أدان البرلمان الماليزي – بإجماع أعضائه – إقدام الإمارات على التطبيع الرسمي لعلاقاتها مع إسرائيل، وأكد وقوف ماليزيا بجميع مكوناتها مع الشعب الفلسطيني.. وسلمَ وفدٌ من البرلمان الماليزي مذكرة إلى مكتب الأمم المتحدة، يطالب فيها بطرد إسرائيل من المنظمة الأممية، لخرقها السافر والدائم لمواثيقها وقراراتها..
- وفي الكويت: وقَّعَ أربعون نائبا برلمانيا – من أصل خمسين – عريضة إدانة للإمارات، وأكدوا رفضهم للتطبيع مع دولة الاحتلال.
- وهذه الخطوات الشعبية والرسمية السريعة، إنما هي بداية ينبغي مواصلتها تلبية لنداء الواجب، الذي يملي على جميع المسلمين إيقاف كل تطبيع وتعامل يخدم الكيان الإماراتي، المارق المنشقّ، الذي اختار الاصطفاف الرسمي التام مع العدو الصهيوني الغاصب، دعما له وتثبيتا لاحتلاله وعدوانه..
وسوم: العدد 890