التحالف الإماراتي الإسرائيلي بداية سيطرة إسرائيلية واسعة في جزيرة العرب والمنطقة
بسرعة ، انتقل المهتمون بما تم بين الإمارات وإسرائيل في 13 أغسطس برعاية أميركية ؛ من وصفه باتفاق سلام إلى وصفه بتحالف ، وهذا هو المضمون الحقيقي له . وأخذت مظاهر هذا التحالف تتسارع ، وواضح أن أسسه وضعت من قبل ، فاتفق الطرفان على تكوين 12 منظومة أمنية ، أولها مختصة بالأمن الداخلي ، وطبعا في الإمارات ، وعقدت روابط مالية بين مصرفين في البلدين ، وأنشىء مركز أبحاث خاص بمكافحة كورونا ، وانطلقت رحلة جوية مباشرة من تل أبيب إلى أبو ظبي عبر المجال الجوي لبلاد الحرمين ، واتصلت شخصية سعودية بمن في الطائرة من إسرائيليين وأميركيين متمنية أن تستقبلهم قريبا في مطار الملك عبد العزيز إلماحا إلى قرب التطبيع بين البلدين . وألغى رئيس دولة الإمارات خليفة بن زايد القانون الاتحادي رقم 15 لسنة 1972 لمقاطعة إسرائيل وما يترتب عليه من عقوبات . ومهما حاولت دولة الإمارات أن تعظم من فوائد التحالف لها فإن المستفيد الأول والأكبر منه هو إسرائيل . وأعظم ما خسرته الإمارات حتى الآن نبع من تعري حقيقتها السيئة في العمل السري ضد العرب والمسلمين ، وانهيار صورتها عربيا وإسلاميا انهيارا له توابعه العميقة والجذرية بعد هذا التعري الذي تمارس فيه دورا تخريبيا معاديا لما هو عربي وإسلامي بمالها ومرتزقتها وتخطيط أميركا وإسرائيل ممارسة لا تناسب أقل مناسبة حجمها الحقيقي الضئيل الذي لا تملك فيه سوى المال ، ودفعها جنون عظمتها المرضي إلى المشاركة في الحرب في اليمن وفي ليبيا ، وإلى التظاهر بمناطحة تركيا بالاشتراك في مناورة بحرية وجوية مع اليونان . إسرائيل من جهتها ستعتصر التحالف المنعدم التكافؤ قطرة بعد قطرة لمصلحتها الاستراتيجية في المنطقة ، فهذا التحالف حلم لم تتخيله ، ودعنا من مجانيته التي يهلل الإسرائيليون بها سرورا مبينين الفرق بينه وبين اتفاقاتهم مع مصر والأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية . وأول ثماره أنه سيفتح لها جزيرة العرب بأوسع الأبواب . وقبل إشهار التحالف أسست متواطئة مع النظام الإماراتي جالية يهودية في دبي من 3000 فرد ستكون في رأينا نواة استيطان يهودي في جزيرة العرب ، وامتدت الذراع الإسرائيلية إلى اليمن جهارا بعد أن امتدت إليه سرا بالتعاون مع الإمارات والنظام السعودي ؛ إذ أورد موقع " ساوث فرونتي " المختص في الأبحاث العسكرية والاستراتيجية أن الإمارات تنوي مع إسرائيل إقامة مرافق عسكرية واستخبارية في جزيرة سقطرى ذات الموقع الاستراتيجي الهام في جنوب شرقي اليمن . وستأخذ السيطرة الإسرائيلية في جزيرة العرب مداها الواسع المفتوح على كل التطورات المبشرة لإسرائيل بعد التطبيع المتوقع بقوة مع النظام السعودي الذي يتحرق بلهفة له ، ويراه ولي العهد محمد بن سلمان منقذا لحياته ، وطريقا مأمونا إلى العرش في مواجهة الأخطار التي تهدده من آل سعود بإجماع عريض ناقم قل إزاءه أنصاره منهم قلة واضحة منذرة بالخطر عليه . وستكون السيطرة الإسرائيلية في جزيرة العرب بداية توسع في المنطقة بمتنوع التأثيرات : استخبارية وأمنية وعسكرية واقتصادية وتجارية ومالية وثقافية . ويختصر الجنرال كوبر فاسر رئيس شعبة الأبحاث والاستخبارات الأسبق في الاستخبارات العسكرية ( أمان ) الإنجاز التاريخي الإسرائيلي في التحالف مع الإمارات قائلا : " بفضل هذه الخطوة مع الإمارات ، تخطو إسرائيل خطوة كبيرة نحو أهدافها الاستراتيجية بعيدة المدى ، أي الاندماج في المنطقة " ، ويعني اندماج سيطرة وهيمنة لا اندماج مساواة ، وكيف تتساوى إسرائيل مع من قال نتنياهو عنهم إن تطبيعهم معها جاء بفضل قوتها وحاجتهم إليها أمنيا وتكنولوجيا ، وهذا إجماع إسرائيلي يجهرون به في مختلف مستوياتهم ومسئولياتهم ومواقعهم . يقول الجنرال جلعاد رئيس الدائرة الأمنية والعسكرية الأسبق في وزارة الدفاع الإسرائيلية : " قلت دائما لنظرائي العرب إن التفوق النوعي لإسرائيل يعمق الاستقرار والسلام " . سلام إسرائيلي من موقع القوة ، واستسلام عربي من موقع الضعف . وانتظروا ويلات التحالف الإماراتي الإسرائيلي ! تحالف التابع الصغير الضعيف مع المتبوع الخبيث القوي ، وانتظروا تحالفات جديدة من نوعيته ممن يفركون أيديهم استعجالا وتحرقا لإشهار علاقاتهم القديمة الخفية مع إسرائيل بعد أن أرهقتهم سريتها وسئموها . الحب الحر الآمن في الهواء الطلق أحسن من الحب الخائف المتوجس في الغرف المظلمة أو تحت الرادار ، وهو ما نصح به الإسرائيليون الخليجيين ، فاستجابوا للنصيحة بإشراف وتوجيه أميركي .
هل يبدأ الاستيطان اليهودي في جزيرة العرب من الإمارات ؟!
بمعزل عن المضامين الأمنية والعسكرية والاقتصادية ل."اتفاق إبراهيم " بين الإمارات وإسرائيل ؛ ثمة مضمون كبير ومخيف لهذا الاتفاق الشيطاني هو أنه قد يكون بداية استيطان يهودي زاحف في جزيرة العرب . استطاعت إسرائيل في السنوات الأخيرة بتواطؤ مع النظام الإماراتي تكوين جالية يهودية في البلاد تعدادها الحالي 3 آلاف فرد يتركزون في دبي ، وبنت لهم الإمارات معبدا . والعدد مفتوح لزيادة سريعة متنامية مستقبلا بفعل الاتفاق الجديد الذي سيفتح أمام الإسرائيليين باب شراء العقارات الذي قاسي في السنوات الثلاث الأخيرة كسادا حادا خفض أسعار الشقق 30 % ، وفي إحصائية أن في الإمارات 21 ألف شقة معروضة للبيع ، و42 ألفا معروضة للإيجار . الجالية اليهودية الحالية ، وزيادتها الطبيعية ، وأعداد الإسرائيليين واليهود الذين سيأتون إلى الإمارات بأعداد كبيرة ويقيمون فيها مالكين ومستأجرين للعقارات ، وشراء الأرض وفق مخطط مدروس في إسرائيل ؛ ينذر بأن كل من سيقيم في الإمارات من اليهود والإسرائيليين ، وكلهم في النهاية يهود ، سيشكلون بداية استيطان يهودي في الإمارات سيزحف إلى بقية بلدان جزيرة العرب ، وتخصيصا بلاد الحرمين واليمن . وهذا الهدف الاستراتيجي لدى إسرائيل ويهود العالم يعلو على كل مكاسب الاتفاق الأخرى بما فيها الأمنية والعسكرية الي تتصل بإيران ، أي أن مواجهة إيران ستكون أدنى أهمية موازنة بهذا الهدف الكبير في عين إسرائيل ، وهو كبير حقا لها ، وخطير على جزيرة العرب . وإسرائيل ، ومعها الإمارات والنظام السعودي ، أسرفت في التهويل من الخطر الإيراني على الطرفين ليكون مسوغا للتطبيع بينهما لأهداف يهودية تتصل بجزيرة العرب ، جوهرها العودة إليها بادعاء حقوق تاريخية لليهود فيها . وتبدأ العودة الآن من الإمارات . ومن يعرف شيئا عن الاستيطان اليهودي في فلسطين تتضح له خطورة ما يحدث في الإمارات . بدأ الاستيطان في ثمانينات القرن التاسع عشر صغيرا ، وفي سبعة عقود صار دولة . يبدؤون من نقطة صغيرة لا تحرك انتباه أحد ، ثم يتفشون ويتمددون ويتجذرون ويصنعون حياة كاملة في خطوات مدروسة بدقة وسريعة قلما تتعثر ، وإذا تعثرت تنهض وتستقيم وتتابع مسيرتها إلى الهدف . وهم الآن يستعدون للزحف على جزيرة العرب ابتداء من الإمارات ، ومن مدينة نيوم في شمال غربي بلاد الحرمين . والترحيب بالتطبيع الإماراتي الذي باح به المجلس الانتقالي الانفصالي في جنوب اليمن ليس بعيدا عن مشروع الاستيطان اليهودي في جزيرة العرب . اليهود ، وبلا شبهة عنصرية ، يشبهون عشب النجيل ، إذا نبت في مكان شاع فيه سريعا ، واستعصى استئصاله منه . هذا ما حدث في فلسطين ، وجلب للعرب والمسلمين كل هذا البلاء الوبائي الطاغي ، والمتوقع أن يحدث في جزيرة العرب إن لم يستدرك شرفاؤها مصيرهم ومصير جزيرتهم . والعاقل الحصيف من اتعظ بسواه واجتنب مصيره القاسي . وليعلم الذين يفاخرون في بلاد الحرمين بان فلسطين ليست قضيتهم أن هذا الشعار الذي يعريهم من عروبتهم وإسلامهم وإنسانيتهم يعريهم دون أن يعوا من وطنيتهم ، ويمهد الطريق واسعة سهلة لمصير مظلم شاق لا نريده لهم . ففي الحق المبين قضايا العرب واحدة ولو جهل الجاهلون وخذل الخاذلون . وأصاب وأحسن وشرُف قدرا وعظم في عيوننا الدكتور عبد العزيز التويجري الرئيس السابق لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة ( إيسيسكو ) حين غرد : " لا تستغربوا مواقف المتصهينين من أبناء العرب تجاه فلسطين ومقدسات المسلمين فيها ، فهم قد عبروا من قبل عن مواقفهم من الإسلام نفسه ومن حضارة المسلمين وعلمائهم بالهمز واللمز والتبخيس " ، وفي تغريدة أخرى قال : " الذباب يتكاثر في المزابل ، أما النحل فيتكاثر في الحقول المزهرة . التصهين وباء " . و : " ببساطة : فلسطين قضيتي وقضية كل مسلم " . كلام يصلح لأن يعلق لوحاتٍ على جدران الحجرات في البيوت العربية والإسلامية ليدوم تأثيره في القلوب والعقول ، ويصنع المواقف الوطنية المنافحة عن وجود الأمة . " التصهين وباء " جملة من مبتدأ وخبر توجز كل المصائب والويلات التي سيجلبها المطبعون العرب على أمتهم . عظماء الرجال كلامهم عظيم .
بلاد الحرمين تقترب من التطبيع مع إسرائيل
يترقب الإسرائيليون متلهفين التطبيع مع بلاد الحرمين ، ويرونه إنجازا تاريخيا مصيريا يساوي كل ما أنجزوه حتى الآن في هذا المجال لما لبلاد الحرمين من أهمية دينية وجغرافية واقتصادية وسياسية . وهم ، ومن ورائهم أميركا ، لن يتركوا هذا الإنجاز الكبيريفلت من أيديهم بعد أن اقتربت منه ، وتطبيعهم مع الإمارات وما قد يتبعه من تطبيع مع دول خليجية أخرى سيظل على أهميته صغيرا إذا لم يطبعوا علاقاتهم رسميا مع بلاد الحرمين ، ويخرجوا ما يجري في السر بين البلدين إلى العلن . والنظام السعودي بقيادة محمد بن سلمان لا ينقص عن الإسرائيليين في لهفته على التطبيع ، والمسألة بالنسبة له مسألة حياة أو موت ، ومسألة وصول إلى عرش البلاد ، ولا أمل له في هذا سوى رضا إسرائيل وأميركا ، وثمن هذا الرضا هو التطبيع مع إسرائيل . والدولتان تضغطان الآن عليه للإقدام على هذه الخطوة الكبرى قبل الانتخابات الأميركية في 3 نوفمبر المقبل ، وتلحان لإقناعه بأن هذه الخطوة ستمكن ترامب من الفوز بالانتخابات ، وأن تأخره في التطبيع سيأتي بجو بايدن الذي ينوي العودة إلى اتفاق 2015 النووي مع إيران "العدو " المشترك لبلاد الحرمين وإسرائيل . واعتبر سماح القيادة السعودية لأول طائرة إسرائيلية تقصد الإمارات بالمرور من أجواء بلاد الحرمين والتحليق فوق الرياض العاصمة بشيرا بقرب هذا التطبيع . وفي مقال لسمدار بيري في " يديعوت أحرونوت " أن محمد بن سلمان ضغط على الإمارات لتتقدمه فيه ليكون تطبيعه بعدها ، ربما ، أخف وقعا على معارضيه في العالم العربي والعالم الإسلامي ، وبالتالي أقل ضررا عليه وعلى بلاد الحرمين . من يعرف الإسرائيليين يعرف أنهم لن يدعوا التطبيع مع بلاد الحرمين يفلت من أيديهم ، وهم ، الإسرائيليون ، يعرفون أن الشهرين القادمين حاسمان ، وأنه لا مفر من إنجازه فيهما وإلا قد تظهر عقبات في طريقه إذا فاز بايدن ، وذهبت إدارة ترامب ومعها مستشاره وصهره كوشنر عراب التطبيع العربي الإسرائيلي . ولن يمنع التطبيع بين بلاد الحرمين وإسرائيل ما صرح به وزير الخارجية السعودية عن ربط بلاده التطبيع بتنفيذ إسرائيل لمبادرة السلام العربية . هذا موقف ليس جادا ، وفي الأخبار أن القيادة السعودية طلبت من عباس وقف " التحريض " على الإمارات شرطا لالتزامها بالمبادرة العربية السعودية الأصل . هذا الطلب يكشف عدم جدية الربط الذي صرح به وزير الخارجية السعودية . في ضوء ما سبق يبدو تطبيع بلاد الحرمين مع إسرائيل مسألة وقت ، ووقت قريب ما لم يحدث شيء مفاجىء للسياق الحالي في تطورات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية التي يظهر بعضها صافا " على الدور " متظرا أن تفتح له إسرائيل أبواب الجنة على الأرض ، ويجهل تماما أي جحيم ينتظره وينتظر بلاده من هذا التطبيع المناقض للقيم الوطنية والقومية والأخلاقية والإنسانية . إنهم ببساطة واضحة لا يعرفون مع أي شيطان يطبعون ، إنهم يضيعون ولا يطبعون . وأنا معجب كثيرا بكل ما يكتبه الدكتور عبد العزيز التويجري الرئيس السابق لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة ( إيسيسكو ) عن تطبيع بعض العرب مع إسرائيل . قال منذ أيام : " كل المطبعين في السوء سواء "، و " التطبيع خنوع " ، وتنبه إلى أن تاريخ وصول طائرة إلعال الإسرائيلية إلى الإمارات هو تاريخ المؤتمر الصهيوني الأول في بازل بسويسرا في 30 و31 أغسطس 1897 الذي أعلن فيه المؤتمرون أن دولة اليهود ستقوم في فلسطين بعد 50 عاما ، والغريب أن هذا ما حدث بصدور قرار التقسيم في 29 نوفمبر 1947.
وسوم: العدد 892