معركة بيع طائرة إف 35 للإمارات وقطر والحقيقة المغيبة في دخانها
كثيرة هي المعارك الوهمية أو الحقيقية المضخمة التي تُسحَب إليها الشعوب العربية والإسلامية ، ومفجر هذه المعارك أميركا والغرب الأوروبي وإسرائيل ومن يأتلف مع هؤلاء الأعداء من أتباعهم العرب . والهدف من هذه المعارك شغل الشعوب العربية والإسلامية عن الأخطار الحقيقية الكبيرة التي يهددها بها هذا التحالف من الأعداء . أحدث هذه المعارك معركة بيع طائرة إف 35 الأميركية للإمارات وقطر . جدل وهياج وبيانات ومشاريع قوانين تتطاير في جو هذه المعركة تضخيما وتهويلا لها . أول من تقدم لشراء هذه الطائرة هي الإمارات نوعا من المكافأة لها من إدارة ترامب لتطبيعها مع إسرائيل . هبت إسرائيل تعارض بيع الطائرة معارضة يحار المتابع لها بين هزلها و جديتها . وحجة إسرائيل التي يعبر عنها نتنياهو ورئيس الاستخبارات يوسي كوهين أنها تضر التفوق العسكري الإسرائيلي في المنطقة ، وهذا هو الهزل عاريا . الإمارات التي تتقلب في الحضن الإسرائيلي منذ ما يزيد على عشرين عاما ، وربما أكثر ، يستحيل أن تكون عدوا وتهديدا لإسرائيل ، وهي بعد التطبيع ستكون خامدة هامدة في القبضة الإسرائيلية ، وإذا تحركت ففي الجهة التي تختارها الإصبع الإسرائيلية ، وحدث هذا قبل التطبيع العلني ، وسيكون بعده أوسع حدوثا . ثم هي في كل ِشأنها أضعف من أن تهدد أحدا ، وكل ما تقوم به عسكريا وسياسيا في المنطقة يشبه تطاير ذبابة واستقرارها على زجاج نافذة في حركة دائبة ، ورسم لها أميركيا وإسرائيليا في غياب الدول العربية الكبيرة التي دمرت أو قزمت . ولا ينسى أحد ارتعادها وارتعابها ونقص حيلتها في مايو 2019 حين ضربت جهة مجهولة عدة سفن قرب ميناء الفجيرة . لم تمنحها الأمن 320 طائرة مقاتلة يملكها سلاحها الجوي الذي يشرف عليه الضابط الأميركي المتقاعد ستيفن توماجان براتب شهري قدره 30 ألف دولار . القوة العسكرية الرادعة ليست بتكديس الأسلحة ونوعيتها المتفوقة فحسب ، إنها منظومة متكاملة من مكونات كثيرة هي في جوهرها خلاصة لقوة وحيوية وخبرات وتطلعات مجتمع من المجتمعات . والأسلحة المتطورة مع كيان مثل كيان الإمارات يشبه القلم الجيد في يد تلميذ ضعيف ؛ لن ينفعه في إنجاز إجابة جيدة في اختباره . وينفي الجنرال غيورا آيلاند الرئيس الأسبق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي في مقال في " يديعوت أحرنوت " أي إضرار لحصول الإمارات على الطائرة بالتفوق العسكري الإسرائيلي ، ويوافقه رأيه في مقال في " معاريف " يعقوب بيري رئيس الشاباك الأسبق . والهزل الكبير الذي أثار استغراب كثيرين في العالم هو مشروع القانون الذي قدم إلى مجلس النواب الأميركي لتشريع إلزام الرئيس الأميركي بالتشاور مع إسرائيل قبل عقد أي صفقة سلاح مع أي دولة في المنطقة ، وبالمشروع يتخلى مجلس النواب عن صلاحيته التشريعية ويسلمها إلى دولة أجنبية ، وتظل أجنبية مهما اشتد تبني أميركا لها . وما يُقَلْ عن الإمارات في شأن بيع إف 35 يُقَلْ عن قطر . مهما كبر سلاحها الجو عددا وتفوق نوعية فلن يأتيها بأي حماية استراتيجية ذاتية . وفي الأخبار أن نوعا متدنيا من الطائرة سيباع للإمارات ربما بعد سبع سنوات ، وقد يحدث ذات الشيء مع قطر . والبيع إذا تم سيكون لدافع تجاري مفيد لشركة لوكهيد مارتن المصنعة للطائرة ولأميركا الدولة التي سيدوم رضاها عن الدولتين وحمايتهما لها مقابل منافع أخرى إضافية تكسبها من نظاميهما . والمعركة في حقيقتها زوبعة في فنجان ، وضخمت لإخفاء الحقيقة في دخانها ، وهي شغل العرب والمسلمين عن قضية التهديد الذي يصدر عن أميركا والغرب الأوروبي الذي لم يتحرر من روحه الاستعمارية القديمة وإسرائيل ومن يأتلف معهم من الأتباع العرب الذين أمنوا عقاب شعوبهم فكشروا عن أنيابهم الحادة البشعة في عداء شرس منفلت لأمتهم ، ويشتد تهديدهم الآن اشتدادا عالي الزخم بتهاوي الدول العربية تباعا في مستنقع التطبيع مع إسرائيل ذليلة خانعة تمهيدا لهيمنة إسرائيل الشاملة عليها اقتصادا وسياسة وأمنا وجغرافيا بإقامة الدولة اليهودية من النيل إلى الفرات .
وسوم: العدد 898