الاقتران العقلي والمنهجي بين صحيفة قريش القاطعة الظالمة والدعوة إلى مقاطعة البضائع التركية !!
وحين يئست قريش من رسول الله أن يرجع عن دعوته بكل ما قدمت له من إغراءات المال والزواج والسلطة ، ويئست من بني هاشم ومن أبي طالب أن يسلموا رسول الله أو أن يخذلوه ؛ كتبوا صحيفتهم القاطعة الظالمة أن لا يجالسوا بني هاشم ولا يحادثوهم ولا يواصلوهم ولا يبيعوهم ولا يبتاعوا منهم شيئا ولا يُنكحوهم ولا ينكحوا إليهم ، ومضى الحصار الخانق الذي فصلت بنوده في صحيفة كُتبت ، وعلقت على الكعبة المشرفة ..
فكان اللجوء إلى هذه الطريقة من أول أمره عنوانَ يئس وخذلان وقنوط .
وتوجت قريش صحيفتها الظالمة القاطعة " باسمك اللهم .." !!!
وهكذا يفعل الطغاة والجبارون والمزيِِفون ...وأخنع ما في الأمر أن ترى الشيطان يذكر اسم الله ...وأخبث ما تخفى به الشيطان على مر التاريخ طيلسان كهنوت ..
ليس من السهل على متأمل غير متابع ، أن يكتب عن حجم تأثير مثل هذه المقاطعة - لو نجحت - على الاقتصاد التركي ، ومدى ما قد تحدث من ضرر نتيجة هذه الدعوة الآثمة المنكرة..ولكننا نقول : إن هذه الدعوة المجردة وحدها تنبي عن خلفيات العقول والقلوب التي تنتمي قفزا عبر التاريخ إلى أبي جهل عمرو بن هشام ، وإلى أمية بن خلف وأكابر المجرمين من أئمة الشرك الجاهلي .. ولا شيء أشد على قلوبنا وعقولنا أن نرى بعض السفهاء يُخربون بيوتهم بأيديهم ، ويدلون على سفالتهم بألسنتهم ...
فهذا العقل المتردي بالمجاهرة بالسوء في بيداء الضلالة ..لم يلُح له للحظة أن سلاح المقاطعة ، قد يكون سلاحا ناعما ومؤثرا في نصرة المسلمين الإيغور .. أو المسلمين في أركان أو المسلمين حيث يخيم الظلم والإثم والعدوان !! ,,
قلوب أصحاب هذه الدعوة ..قلوبهم " المربادة مثل الأكواز المجخية ، لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا إلا ما أشربت من هواها ." .. هي التي تستدبر اليوم قبلتها ، وتولي وجوها ، أشبه بالقفا ، قبل مشرق أعداء ومغربهم ، تبتغي النصرة من عدو ، والعزة من مستعبِد ، وتكرر القول الآثم الأثيم : كذاب قومنا أحبُّ إلينا من صادق مضر ...!!!
الدعوة التي يروّج إليها بعض السفهاء لمقاطعة " الصناعات والمنتجات التركية " لا تُنمى حين تُنمى إلى دين ، ولا إلى رشد ، ولا إلى مروءة ..ولا إلى خُلق ولا إلى مصلحة رقمية حسابية ..وإنما تنمى إلى غل وحسد وحقد وتنبت قطيعة وعداوة أول المتضررين بها أصحابها ..فيا أيها الحمقى الذي ابتلينا بحماقتهم : لا تنشروا غصنا تجلسون عليه ، ولا تقطعوا شجرة تستظلون بظلها ..
ونقول للأخوة الأتراك في الدولة والمجتمع : ( لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى )
ونؤكد القول على الأخوة الأتراك في الدولة والمجتمع ولا يمثل دعاة الفتنة هؤلاء في سواد العرب والمسلمين إلا حطب الأثافي الذي تعلمون ..
ولقد علمنا من كتاب ربنا ، ومن تجارب دهرنا ؛ أن الإخوة الحقيقية التي تجمعنا عربا وتركا وكردا وهندا وفرسا وأمازيغ وقوقازيين هي الباقية ..وأن كل ما عداها ..أباطيل وأسمار ..
أفلست قريش الشرك والجاهلية فدعت إلى المقاطعة ، وكتبت صحيفتها . وأفلس هؤلاء من كل قيم الخير والمروءة فأطلقوا في هذه الدعوة الخبيثة المريبة ألسنتهم ..
ثم النداء إلى كل مسلم واع وإلى كل حرّ أبي ..
أطب لقمتك ...
أيها المسلم ..أيتها المسلمة ..
قوانين المقاطعة والمواصلة لا تصدرها الدول ، ولا تعمل على إنفاذها إدارات الجمارك ، بل ينشئها ويفرضها وازع الإيمان وحب الخير والوصل في ضمير كل مسلم ....
هل الدرهم الذي سيربحه زارع السلعة أو صانعها سيكون عونا على البر والخير والمعروف أو دعما لمشروع الذين يفسدون ولا يصنعون .. وما أكثر الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون ؟؟
وليكن في رأس اهتمامنا منذ اليوم عندما نتسوق ونتقضى أن ننظر إلى " صنع أين .. وأنتج أين .. وليست دعوة ملفوفة للتعصب ، ولكنها دعوة مبصرة لئن لا نكون أعوانا للظالمين ولاسيما المغتصبين للحقوق منهم والقتلة المجرمين.
وسوم: العدد 900