إذا كان الإسلام من ثوابت الأمة المغربية المسلمة فعلى من تقع عليهم مسؤولية صيانتها إلجام المتجاسرين عليه
كعادته عمد االعلماني الطائفي المدعو أحمد عصيد إلى استغلال حادث احتجاج إحداهن على رفع الأذان بمكبر الصوت ليفرغ من مخزون حقده على الإسلام وعلى من لهم صلة به ، ومن سوء حظه أن الشعب المغربي كله له صلة به ، وهو يعتقد واهما أن المغرب قد صار بلدا علمانيا كما يريد هواه وقد جاء في مقاله المنشور على موقع هسبريس تحت عنوان : " أبواق المساجد بين مرجعيات الدولة والسلوك المدني " العبارة الآتية : " حدود ممارسة الشعائر الدينية في ظل الدولة المدنية الحديثة " هكذا بكل وقاحة صارت لممارسة الشعائر الدينية حدود بالنسبة إليه، لأنه يخيل له أن المغرب المسلم شعبه قد أصبح بلدا علمانيا يحد الحدود للذين يمارسون الشعائر الدينية وكأنهم قلة والعلمانيون أغلبية . ومن هذه الحدود في نظره خفض رفع الصوت بالأذان للصلوات عبر مكبرات الصوت حتى لا تزعج من ينزعجون بها .
وكعادته وللتمويه على أهدافه المبيتة التي لم تعد خافية على الرأي العام الوطني، عمد إلى الاستشهاد بدليل الخطيب والواعظ الصادر عن الوزارة الوصية على الشأن الديني كدليل على صواب رأيه بخصوص الحد من ممارسة الشعائر الدينية في ما سماه الدولة المدنية التي يقصد بها دولة غير دينية تحديدا وحصرا باعتبار قناعته العلمانية التي لا يخفيها .
ومعلوم أن رفع الأذان بمكبرات الصوت اقتضته ظروف العصر بسبب اتساع جغرافيا الحواضر والذي لم يعد بالإمكان معه إيصال النداء للصلوات دون هذه المكبرات . ومن الطبيعي أن يكون النداء للأذان بصوت مرتفع حتى وإن كان دون مكبر صوت، لأن القصد هو إيصاله إلى أقصى ما يمكن أن يبلغه .
ومعلوم أنه ليس في نداء الأذان ما يسبب الإزعاج لأنه عبارة عن تكبير ، وتوحيد الله عز وجل ، ودعوة إلى الصلاة والفلاح . ولا يمكن أن يوجد من في قلبه مثقال ذرة من إيمان من يستثقل عبارات الأذان أو ينزعج منها إلا إذا غلبت عليه شقوته.
وليس الأذان مشرقيا ولا مغربيا من حيث مضمونه كما زعم عصيد ، كما أنه ليس ما قصدت إليه الوزارة الوصية على الشأن الديني في دليلها هو ما اعتقد حسب ما جاء في مقاله وهو كالأتي : " صيغة الأذان في العديد من المساجد مخالفة لقرار الدولة حيث يؤكد دليل الوزارة على ضرورة أن يكون الأذان بالصيغة المغربية الأصيلة بينما تعتمد الكثير من المساجد صيغة الأذان السعودية أو المصرية مما يدل على تبعية واضحة للتيارات الدينية الوهابية والإخوانية " ، ذلك أن الوزارة حددت عدد التكبيرات في الأذان فقط ، ولم تحدد كيفية أو أسلوب الأداء الذي سماه عصيد صيغة حيث يرفع الأذان في مساجدنا بأداء مختلف مع التزام عدد التكبيرات . وليس الأذان للصلاة مشرقيا أو مغربيا أو أصيلا أو دخيلا . وقصد عصيد من هذا المقال فضلا عن ضم صوته إلى صوت المنزعجة الأخيرة من الأذان والتي كانت قبلها ،هو إقحام حساسيته المفرطة ضد تيارين دينيين تيار الجماعة السلفية وتيار جماعة الإخوان المسلمين ،علما بأن طريقة رفع الأذان في المشرق سابقة عن وجود هذين التيارين ولا يمكن بحال من الأحوال نسبتها إليهما ، ولا يزعم ذلك إلا جاهل جهلا مركبا أو صاحب خلفية ونية مبيتة كما هو الشأن بالنسبة لعصيد الذي يستشهد بقرارات الوزارة الوصية على الشأن الديني حين يجد فيها ضالته مع أنه لا يدخر جهدا في انتقادها باستمرار ، ومع ذلك لم تحرك هذه الوزارة يوما من الأيام ساكنا حين يخوض هو وأمثاله من العلمانيين في أمور الإسلام مستهدفين المساس به وبالمشاعر الدينية لشعب مسلم برمته ، ولم تر أن ذلك مساسا بثابت من ثوابت الأمة ، وهي التي لا تتساهل مع خطيب أو واعظ أو إمام أو مؤذن ، وتمارس عزلهم لأتفه الأسباب و لأكذب وشاية ، ولا تراعي لهم حرمة ، ولا سابقة بلاء في خدمة الدين . فأين هي مما يصدر عن عصيد وأمثاله من استهداف صارخ للدين ؟
وما يريده عصيد تحديدا هو تصفية الحساب مع التيار الإسلامي داخل المغرب الذي يرفض ويلفظ توجهه العلماني والطائفي ، وقد وجد في موضوع رفع الأذان بمكبر الصوت وسيلة إلى ذلك وفرصة سانحة .
ونختم بالقول إن من رحمة الله عز وجل بعباده المؤمنين ومن حكمة ودقة تدبيره سبحانه وتعالى أنه جعل الأذان في أوقات يكون فيها الخلق أيقاظا في أول النهار وآخره إلا ما يكون من شأن من يسهرون الليل الذي جعله سبحانه وتعالى سباتا فينامون في النهار الذي جعله معاشا فيكون الأذان بالنسبة إليهم مزعجا .
وما لم تنتبه الأمة المغربية المسلمة إلى من يكيدون إلى دينها ، فإنهم سيمضون قدما في كيدهم إلى أبعد الحدود، وما كيد هؤلاء إلا في ضلال .
وسوم: العدد 918