من الزعيم الكوري كيم ايل سونغ الى عصابة البهارزة.. وسياسة تقديس الحاكم ونسيان الوطن
اعزائي القراء
عندما قصف الله عمر كيم ايل سونغ زعيم كوريا الشمالية، لم يصدق الشعب انه مات.واثناء مرور مراسم جنازته بالشارع الرئيسي تم جمع كافة مكونات الشعب على جانبي الطريق وبشكل مرتب ، فالطلاب باللباس الموحد واتحاد العمال والفلاحين والموظفين كلهم بالالبسة الموحدة بينما افراد الجيش يقفون كالاصنام بانتظار مرور جنازة ( الاله )كيم ايل سونغ.
وصف صحفي امريكي حضر هذه المراسم والتي لم يلق مثيلاً لها اثناء تشييع رؤساء العالم ، فقال : استطعت مقابلة طالبة ثانوي واقفة مع زميلاتها باحترام وبلباس انيق موحد وتسريحة شعر موحدة وكانت كرفيقاتها وكل المودعين لايتوقفون عن البكاء ، سألتها : انك تبكين كثيراً ولاتتوقفين عن البكاء هل بإمكاني ان اعرف السبب ؟، اجابته : انا شخصياً لا اعرف ، ولكن لا استطيع التوقف عن البكاء وكل ما اعرفه ان الزعيم كيم كان لنا الهاً لايموت ثم فجأة اذاعوا خبر وفاته فلم نصدق فبدأنا نبكي عفوياً ولانستطيع التوقف عن البكاء.
اعزائي القراء
كيم ايل سونغ كان قدوة للبهارزة ، فحافظ البهرزي اخذ من حكمه نظام المخابرات وطلائع البعث وشبيبة الثورة والاتحادات العمالية والفلاحية حتى النقابات العلمية سيطر عليها ، فانسي الشعب كل شيء عن الاعتزاز بالوطنية وبالكرامة والتضحية من اجل الوطن واختزل كل ذلك بنفسه فحول نفسه الى الاله كيم ايل سونغ.فمات الوطن ليحيا الاله حافظ وبعده بشار .
ايام زمان عندما كنا طلاباً كانت الوطنية والكرامة رقم واحد في حياتنا ، فلم يكن اهتمامنا مديح الحاكم الا بمقدار ما يقدم للوطن فان لم يقدم لنا شيئا تظاهرنا ضده دون خوف او وجل.
اعزائي القراء اقتبس اليكم فقرة صغيرة مما كتبته عن تلك المرحلة من حياتنا الطلابية في مذكراتي المؤلفة من خمس وعشرين محطة و المعنونة "بمحطات صغيرة في حياة انسان عادي" لابين كيف كانت الوطنية في حياتنا وكيف اختزل البهارزة الوطن الى طقوس عبادتهم .
***
مجتزأة من المحطة رقم (3) طالب ثانوي (الجزء الثاني)
في عام 1960 إنتظمت في صف الحادي عشر أو الثاني ثانوي، كان هذا العام هو عام تكوين الشخصية المستقلة حيث بدأت في نقاش أساتذتي معبراً عن وجهة نظري ، ومازلت أذكر المداخلة التالية مع أستاذ اللغة العربية ، كان موضوع الدرس الشاعر الجاهلي إمرؤ القيس,كتب الأستاذ على السبوره:
إمرؤ القيس ولد في عام 501 ميلادي توفي في عام 544 ميلادي، ثم بدأ يشرح سيرته الشخصية قائلًا : كان ابناً لملك بني أسد المنحدرة من قبيلة كندة العريقة ،عاش عيشة الترف والمجون,أغارت على قبيلته قبائل عربية أخرى فانتزعوا ملك أبيه, هام إمرؤ القيس على وجهه مع صديقه قاصداً بلاد الروم طالباً مساعدة قيصرها لإسترداد ملك أبيه. هنا إستأذنت الاستاذ قائلاً: إستاذي مع إحترامي لإمرؤ القيس فهو شاعر فحل لايشق له غبار وأحد اصحاب المعلقات،الا أني أعتبره انساناً عميلاً، فعندما ينشد.
بكى صاحبى لمّا رأى الدّرب دونه
وأيقن أنّا لاحقان بقيصرا
فقلت له: لا تبك عينك إنما
نحاول ملكاً أو نموت فنعذرا
تابعت قائلا ً: كان الأجدر به أن ينظم صفوف قبيلته فإن كان صاحب حق فستدعمه في إسترداد ملك أبيه، أما أن يطلب مساعدة أعداء أمته من أجل إسترجاع الملك فهذا هو العار بذاته، فكيف سيكون موقفه إذا عاد حاكماً لقبيلته بفضل هؤلاء الروم سوى عميل صغير لهم مطيعاً لأوامرهم منفذاً لرغباتهم.
ابتسم الاستاذ ، وصفق الطلاب .
***
ان ثورتنا المباركة لها اهداف عديدة ومن اهدافها المحافظة على اولادنا واحفادنا حتى لا يتحولوا الى دمى شبيهة بالدمى المتحركة التي رباها الاله كيم في كوريا الشمالية يتحركون بالروموت الكونترول . فيسجدون للمجرم بكبسة زر ، ويهتفون له بكبسة زر ، ويخرجون بمسيرة بكبسة زر، ويغنون له : زادك الله ..زادك الله .بكبسة زر .
فلنكمل مسيرة ثورتنا بعزم لنكسب انفسنا واجيالنا.
وسوم: العدد 920