مذبحة القطارات في مصر
رضي الله عنك يا عمر يا ابن الخطاب يا خليفة المسلمين وأنت القائل: (لو عثرت بغلة في العراق لخشيت أن يسألني الله تعالى عنها: لِمَ لم تمهد لها الطريق يا عمر؟)، حكمت يا عمر فعدلت بين رعيتك مسلمين وغير المسلمين، فنمت قرير العين هانيها، آمناً مطمئناً مستريح البال والضمير أمام رب العالمين.
الآن يا عمر ليست قصة البغلة التي عثرت، بل هي قصة شعب يذبح بواسطة قضبان سكك الحديد المهترئة في كنانة العرب مصر، التي يمكن تسميتها بنعوش الموت، إضافة إلى اعتقال وقتل للأبرياء وتنفيذ أحكام إعدام دون النظر إلى حرمة الشهر الفضيل رمضان، وهذا يحدث في كل مكان في مصر منذ تسلم حكم مصر عبد الفتاح السيسي عبر انقلابه على الشرعية، إضافة إلى سحل وتعرية للمواطنين دون شفقة أو رحمة أمام قصر هذا الحاكم المتجبر، وعلى مسمع ومرأى منه.
مصر أم الدنيا باتت حياة أهلها مسلسلا من الرعب في أهم مرفق حيوي للمواصلات فيها، إنها قطارات الموت وسكك الحديد المهترئة، والتي لم تر منذ سنوات عديدة أي تجديد أو تحديث لها، وستظل على ما هي عليه ولسنوات قادمة اعتماداً على تصريحات السيسي (ورداً على احتياج نظام الإشارات الكهربية لمبلغ 10 مليارات جنيه لتطويره، قال السيسي في 14 مايو/ أيار 2017: "العشرة مليارات دول لو حطيتهم في البنك هاخد عليهم فايدة 2 مليار جنيه في السنة، ولا بد من رفع سعر تذكرة القطارات، لتمويل هذا التطوير، ولو المواطن يقولي أنا غلبان أديك منين، هاقوله ما أنا كمان غلبان!".
وعليه فقد أقر مجلس الوزراء زيادات كبيرة في أسعار تذاكر القطارات، من دون أي تحرك في تطوير قطاع السكك الحديدية، بغرض تطبيقها اعتباراً من أول يوليو/ تموز المقبل، بنسب بلغت 200% للقطارات العادية (يرتادها ملايين الموظفين ومتوسطي الدخل والفقراء يومياً)، و40% لقطارات الدرجة الأولى (مكيفة)، و60% للدرجة الثانية، و20% لقطارات (VIP).
السيسي الذي أكد في كلمته عدم الاهتمام لأرواح مئات الضحايا الذين تسببت قطارات الموت في قتلهم أو تشويه معالم أجسام ركاب هذه القطارات والذين غالباً ما يكونون من بسطاء الناس والعمال الذين يفدون على المدن للعمل من الأرياف الفقيرة.
وقعت 5 حوادث للقطارات في نحو 23 يوما، وذلك منذ حادث تصادم قطارَي سوهاج، الذي وقع الجمعة 26 مارس/آذار الماضي، وأسفر عن سقوط ضحايا ومصابين.
منذ أربع سنوات، بدأت مصر خطة طموحة لتطوير السكك الحديدية تم تخصيص مليارات الجنيهات لتنفيذها، بعد حوادث مأساوية راح ضحيتها المئات.
لكن حادث قطار طوخ الذي أودى، الأحد، بحياة 11 شخصا على الأقل وإصابة 98 آخرين، أثار الكثير من التساؤلات حول قيمة الخطة، خاصة وأنه وقع في مكان تم تطويره منذ عام وأصبح تحويلة إلكترونية لعدد من المسارات، وخرجت في الحادث ثماني عربات من القطار الذي كان متجها من القاهرة إلى المنصورة الواقعة على مسافة 130 كيلومترا شمال العاصمة، عن السكة في مدينة طوخ بمحافظة القليوبية.
وأظهرت تسجيلات مصورة انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي انقلاب العربات وهروب الركاب إلى مناطق آمنة على طول خط السكة الحديد.
والحادث هو الثالث من نوعه في أقل من شهر، فقد خرجت عربتان من قطار يحمل الركاب بين القاهرة والدقهلية عن السكة الحديدية، ما تسبب بإصابة نحو 15 شخصا.
وفي 15 مارس/آذار الماضي، توفي 20 شخصا في حادثة تعرف باسم "قطاري سوهاج"، حيث اصطدم قطاران قرب مركز طهطا بمحافظة سوهاج، ناهيك عن خسائر مادية تقدر بـ 26 مليون جنيه مصري (حوالي 2 مليون دولار).
هذه الحوادث الثلاثة التي وقعت في أقل من شهر هي التي خرجت للإعلام لكن هناك حوادث أخرى مثل انفصال عربات قطار وحوادث أخرى لا يتم الحديث عنها، وهذا يدل على أن منظومة السكة الحديد في مصر أهملت لعقود طويلة.
وكان الوزير قد تسلم منصبه في 2019، بعد تكليف من السيسي، حيث كان يشغل منصب رئيس الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة، واعتبرت سابقة في حينها إذ أنها أول مرة يتم تسليم شخص عسكري هذا المنصب، حيث جاء قرار التعيين على خلفية حادث محطة قطارات "رمسيس" التي تسببت بانفجار واندلاع حريق ضخم قتل فيه 22 شخصا.
وفي أول تعليق له على الحادث، جدد وزير النقل، كامل الوزير، تأكيده بأنّ "الدولة رصدت 222 مليار جنيه (14 مليار دولار) لتطوير منظومة السكة الحديد لتقليل حوادث القطارات.
وذكر الوزير، أنّه يجري تطوير منظومة الجر من عربات وجرارات لتقليل حوادث القطارات، والعمل على تحديث نظم كهربة الإشارات ونظم الاتصالات ونظم وحدة التحكم المركزي وتجديد القضبان، وتحسين ورفع كفاءة المحطات وإعادة تأهيل وصيانة وتشغيل الجرارات وتطوير عربات القطارات القديمة بأخرى حديثة.
ورفض الوزير مقترحات توالت على مواقع التواصل الاجتماعي بإيقاف الخدمة حتى انتهاء عملية التطوير، قائلا: "من الصعب وقف السكة الحديد لحين انتهاء تحديث منظوماتها الأساسية"، مشيرا إلى أن "قطارات السكة الحديد تقل نحو مليون راكب يوميا".
"كبش فداء"
في المقابل، يخشى بعض المراقبين من أن يتم تحميل حادث قطار طوخ إلى السائق واتهامه بتناول مواد مخدرة كما حصل في حادث "قطاري سوهاج".
وقالت النيابة العامة المصرية في بيان لها، في 11 أبريل/نيسان الجاري، إن تحقيقاتها بشأن "حادث قطاري سوهاج" في جنوب البلاد، كشفت تعاطي مراقب برج الإشارات مخدر الحشيش، وتعاطي مساعد أحد القطارات مخدر الترامادول، وقيام سائق أحد القطارين بتعطيل نظام التحكم والمكابح الإلكتروني في القطار حتى يتمكن من قيادة القطار بسرعة أعلى، بالإضافة إلى وجود إهمال بين عدد من موظفي أبراج المراقبة لتأخر إبلاغ القطار بوجود قطار أمامه على السكة.
وبعد كل هذه التأكيدات من السيد الوزير أكد مصدر مسؤول بهيئة السكة الحديد خروج 8 عربات من قطار 949 القاهرة-المنصورة عن القضبان بالقرب من محطة طوخ التابعة لمحافظة القليوبية، وأسفر عن إصابة نحو 97 شخصًا، حسب بيان وزارة الصحة.
أبرز حوادث القطارات في أقل من شهر، فيما يلي:
26 مارس/آذار حادث قطاري سوهاج
شهدت محافظة سوهاج، الجمعة 26 مارس/آذار الماضي، حادث تصادم قطارَي سكة حديد، بقرية الصوامع مركز طهطا، ما أسفر عن مصرع 20 شخصًا، وإصابة 165 آخرين.
وقالت هيئة السكك الحديدية، في بيان لها، حول أسباب وقوع الحادث: "في هذه الأثناء وفي تمام الساعة 11:42 صباحًا تجاوز قطار 2011 مكيف "أسوان/ القاهرة" سيمافور 709، واصطدم بمؤخرة آخر عربة بقطار 157، ما أدى إلى انقلاب عربتين من مؤخرة قطار 157 المتوقف على السكة الحديد، وانقلاب جرار قطار 2011 وعربة القوى، ما أدى إلى وقوع عدد من الإصابات والوفيات".
2 أبريل/نيسان قطار القاهرة- أسوان
حدثت واقعة انفصال 6 عربات من قطار النوم رقم 82-المتجه من القاهرة إلى محافظة أسوان، فجر يوم الجمعة، عند قرية منقباد بمحافظة أسيوط، ولم يسفر عن أية إصابات-نتيجة حدوث كسر بالقاطرة التي تقطر العربات ببعضها خلال رحلة القطار.
15 أبريل/نيسان خروج بوجي عربتين من على السكة
أعلنت الهيئة القومية لسكك حديد مصر أنه أثناء مسير قطار 339 ركاب (القاهرة- بنها- الزقازيق- المنصورة)، بمنطقة التجديدات بحوش محطة منيا القمح، خرج البوجي الخلفي من العربة الخامسة والسادسة من على القضبان، هذا وتعلن الهيئة خلوّ الخط الطالع وانتظام مسير القطارات عليه في الاتجاهين بسلامة وأمان، وتم الاستعانة بونش الزقازيق لرفع بوجي العربتين وإخلاء الخط.
كما تم تشكيل لجنة فنية للمعاينة والوقوف على أسباب خروج بوجي العربتين من على السكة، وأسفر الحادث عن إصابة نحو 15 شخصًا، حسب بيان وزارة الصحة.
17 أبريل/نيسان انفصال عربتَي قطار الإسكندرية الأقصر
أنقذت العناية الإلهية ركاب القطار القادم من الإسكندرية إلى الأقصر من كارثة محققة، عقب انفصال عربتين من القطار بالقرب من محطة قطارات بني سويف.
وتلقت مديرية أمن بني سويف إخطارًا من شرطة النقل والمواصلات، بانفصال عربتين من القطار رقم 158 ركاب، القادم من الإسكندرية إلى الأقصر، بمدخل محطة قطارات المحافظة.
18 أبريل/نيسان حادث قطار طوخ
وقوع حادث قطار بالقرب من محطة طوخ بالقليوبية، وأعلنت وزارة الصحة والسكان، إصابة 97 مواطنًا في حادث قطار (القاهرة-المنصورة) بمدينة طوخ محافظة القليوبية.
وقالت النيابة العامة المصرية في بيان لها، إن تحقيقاتها بشأن "حادث قطاري سوهاج" في جنوب البلاد، كشفت تعاطي مراقب برج الإشارات مخدر الحشيش، وتعاطي مساعد أحد القطارات مخدر الترامادول.
وأضاف بيان النيابة العامة، أن سائق أحد القطارين اعترف بتعطيل نظام التحكم والمكابح الإلكتروني في القطار حتى يتمكن من قيادة القطار بسرعة أعلى، بالإضافة إلى وجود إهمال بين عدد من موظفي أبراج المراقبة لتأخر إبلاغ القطار بوجود قطار أمامه على السكة.
وبحسب البيان أكدت التحقيقات ترك رئيس قسم المراقبة المركزية بأسيوط مقر عمله وقت وقوع الحادث بالرغم من مسؤولية قسمه عن مراقبة حركة القطارات بموقع التصادم، كما ثبت اخلال اثنين من المراقبين بالقسم مهام عملهما، عقب تأخر أحدهما عن تنبيه سائق "القطار الإسباني" بتوقف "القطار المميز" والخطأ في ذكر رقم القطار وعدم الاتصال بسائق القطار الإسباني لتنبيهه.
كما ذكر بيان النيابة العامة أنها أجرت ثلاثة عشر محاكاة للتصادم وفي جميع الحالات توقف القطار قبل الاصطدام باستخدام الفرامل اليدوية.
وانتهى البيان إلى أنه يجري حاليا التصرف في الدعوى الجنائية فور استكمالها.
وكان حادث اصطدام القطارين قد أسفر عن وفاة ٢٢ شخصا وإصابة ما يزيد عن مئة آخرين، وخسائر مادية تقترب من مليوني دولار.
وتشهد مصر بصورة متكررة حوادث سكك حديد ومرور مأسوية، وأكثر الحوادث دموية وقع في عام 2002 عندما لقي 361 شخصا حتفهم بعدما اندلعت النيران في قطار مزدحم جنوب العاصمة.
ونهاية شهر فبراير/شباط 2019 شهدت محطة رمسيس للقطارات في القاهرة حادثا مروعا، حين صدم قطار مسرع حائطاً عند طرف رصيف المحطة مما تسبّب بانفجار واندلاع حريق ضخم أدى إلى مصرع 22 شخصا.
اللهم احفظ مصر وشعب مصر، وهيئ لها حاكماً عادلاً رؤوفاً بشعبها، يسهر على مصالحها وعيش أهلها وحياتهم وحفظ كرامتهم وأمنهم وسلامتهم، لتعود مصر كنانة العرب كما كانت وكما يريد لها العرب والمسلمين ذلك.
المصدر
*مصراوي-18/4/2021
*اليوم السابع-19/4/2021
*التلفزيون الألماني-19/4/2021
*الحرة-11/4/2021
*العربي الجديد-1/3/2018
وسوم: العدد 927