تهمة معاداة السامية ذريعة واهية مكشوفة للتمويه على جرائم صهيونية عنصرية في أرض فلسطين
لقد صار التلويح بتهمة معاداة السامية في وجه كل من يفضح أو يستنكر الجرائم الصهيونية العنصرية في أرض فلسطين المحتلة . ويتعمد من يلوحون بهذه التهمة إخراجها عن سياقها التاريخي المرتبط تحديدا وحصرا بفترة الحكم النازي العنصري .
ومعلوم أن الأمة العربية التي تشارك اليهود في انتمائهم العرقي السامي، لم تكن في يوم من الأيام معادية لساميتها ، الشيء الذي يسقط اتهامها بهذه التهمة الباطلة والملفقة ،علما بأن الصراع العربي الصهيوني لا يمكن أن يصنف بأنه معاداة لسامية اليهود ، وسيبقى صراعا سياسيا طالما ظل الاحتلال الصهيوني العنصري لأرض فلسطين قائما دون حل عادل كما يتعمد المحتل ذلك ، وهو يصدر في موقفه عن عنصرية عرقية تستغل الديانة اليهودية لتكريسها وإضفاء القداسة الدينية عليها ، وقد هجر من جميع أنحاء العالم كل الفئات المتعصبة لها ووطنتها خصيصا في مستوطنات أقيمت فوق أراض فلسطينية هجر سكانها الأصليون الفلسطينيون .
ومع كثرة الحديث عن تهمة معاداة السامية التي يراد بها حصرا اليهود ، لا وجود لحديث عن معاداة السامية العربية التي هي واقع ملموس من خلال التصرفات العدوانية للصهاينة في أرض فلسطين المحتلة . فلماذا تغيّب معاداة السامية العربية بهذا الشكل الفاضح خصوصا في الدول الغربية الداعمة للكيان الصهيوني بلا حدود ، والساكتة سكوت الشيطان الأخرس على جرائمه التي ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية .
ومن المفارقات أن طوائف تدين بالدين اليهودي تعترض على فكرة إقامة وطن لليهود في أرض فلسطين ، وتعتبر ذلك إلتزاما صحيحا بتعاليم دينها خلاف طوائف أخرى ترى أنه من صميم تدينها إقامة هذا الوطن على حساب أصحاب الأرض الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين ، فهل يعقل أن تتهم الطوائف الرافضة لفكرة الوطن القومي لليهود معادية للسامية ؟
ولو كانت في بلاد الإسلام خصوصا في الوطن العربي معاداة للسامية لما عاش اليهود لقرون طويلة فيه آمنين كما هو الحال في بلدنا المغرب على سبيل المثال أوفي غيره كاليمن أيضا ، ولم يسجل التاريخ أبدا أي شكل من أشكال معاداة اليهود لساميتهم بل كانوا دائما في كنف سامية عربية كساميتهم .
ولا يوجد في البلاد العربية مسلم أو مسيحي يكن العداء لدين اليهود ، ولم يثر موضوع هذا العداء سوى الكيان الصهيوني العنصري الذي احتل أرض فلسطين عقب خروج المحتل البريطاني منها ، والذي يتحمل تاريخيا مسؤولية عدوان هذا الكيان على الشعب الفلسطيني الذي طرد أكثره خارج أرضه ، وهو يعيش حياة الشتات ، وينتظر أن تنصفه في يوم من الأيام العدالة الدولية ليعود إلى وطنه .
إن دين الإسلام ينص على احترام كل الأديان ، وقد نهى القرآن الكريم عن سب حتى من لا دين لهم من الكفار، فكيف يسمح بسب ديانات سماوية أقرها ، وقد جاء الإسلام لتتميم ما جاء فيها من شرائع إلهية ؟
ومعلوم أن مصدر العداء الذي قد يكون ضد اليهود إنما هو الحركة الصهيونية العنصرية التي تستغل الغلاة المتطرفين من المتدينين اليهود وتوظفهم لممارسة الكراهية ضد الفلسطينيين مسلمين ومسيحيين كما تنقل ذلك وسائل الإعلام نقلا حيا يوميا وعلى مدى عقود .
والعالم بأسره يعرف أن الذي قدح شرارة الصراع الحالي إنما هو إقدام هؤلاء الغلاة بتشجيع من الكيان الصهيوني العنصري على تهجير سكان حي الشيخ جرّاح من مساكنهم على غرار تهجير غيرهم من مختلف أحياء مدينة القدس وغيرها من المدن والبلدات الفلسطينية قصد تهويدها بالكامل . وما تدخلت المقاومة الفلسطينية إلا باستغاثة من سكان هذا الحي إلا أن الكيان الصهيوني يرى أن ما قام به ضد هؤلاء إنما هو دفاع عن النفس ، وأن عدوانه على قطاع غزة هو أيضا دفاع عن النفس خصوصا وقد أقره الغرب الداعم له بلا حدود على ذلك ، في حين لا يعتبر دفاع الفلسطينيين عن أنفسهم دفاعا عن النفس ، بل يعتبر عدوانا وإرهابا ، وهذا لعمري ازدواجية في المكيال من الغرب الذي يعتبر عدوان الجلاد دفاعا عن النفس ، بينما يعتبر دفاع الضحية عن نفسه عدوانا .
إن ما يحدث الآن في فلسطين من تقتيل لأهلها بوحشية جرائم حرب بامتياز ، لا ينكر ذلك إلا متحيز للكيان الصهيوني العنصري الذي تنكر للعالم بأسره ، وصار يتصرف كما يشاء دون رادع يردعه عن ارتكاب تلك المجازر الرهيبة والفظيعة في حق المدنيين العزل أطفالا ونساء وشيوخا إنسانا وبنيانا وصحافة وإعلاما.
ولقد حان الوقت لتغيير الوضع فوق الأرض الفلسطينية من خلال تمكين الشعب الفلسطيني من حقه في الحرية فوق أرضه عوض مسلسلات السلام الزائفة والكاذبة التي تتخذ غطاء لتهويد أرض فلسطين تمهيدا لتوسعها كما جاء ذلك في بروتوكولات صهيون المشئومة الصادرة عن تعصب ديني وعرقي يرى أصحابه أنهم أسمى عرق فوق كل الأعراق البشرية .
وما يحدث اليوم من تأييد للشعب الفلسطيني عبر مختلف أرجاء العالم يعتبر مؤشرا على استيقاظ الضمير العالمي الذي لم يعد يطيق السكون عن السلوك الصهيوني العنصري فوق أرض فلسطين . وعلى العالم أن يدرك مدى خطورة هذا الكيان العنصري على السلام والأمن في كل ربوع العالم، لأن استمراره في سياسته العنصرية العدوانية من شأنه أن يجر العالم بأسره إلى كارثة حرب عالمية ثالثة مدمرة لكل بني البشر لا قدر الله . فهل سيتدارك عقلاء هذا العالم ممن بأيديهم القرار الموقف قبل حدوث ما لا تحمد عقباه ، ولا ينفع بعد حدوثه ندم ولات حين مندم .
وسوم: العدد 929