متى سيحين الوقت الذي تقاضى وتحاسب فيه الدول الأوروبية عن احتلالها للبلاد العربية
متى سيحين الوقت الذي تقاضى وتحاسب فيه الدول الأوروبية عن احتلالها للبلاد العربية وعما اقترفته من جرائم ضد شعوبها وعن تداعيات ومخلفات ذلك ؟
عرفت الآونة الأخيرة حدثين أحدهما في المشرق العربي ، والآخر في بلدنا المغرب ، أما الحدث الأول فهو اندلاع معركة جديدة من معارك المستمرة للحرب الدائرة بين الشعب الفلسطيني والمحتل الصهيوني ، و أما الحدث الثاني فهو وقوع توتر بين المغرب والجارة إسبانيا على خلفية استقبال رأس عصابة الانفصاليين الضالع في الإجرام بطريقة مريبة تنم عن نفاق السلطات الإسبانية التي تريد استغلال علاقتها مع المغرب من أجل مصالحها ، وفي نفس الوقت تخطب ود الجزائر طمعا في بترولها وغازها الطبيعي ، وهي بذلك تعتبر نفسها في منتهى الذكاء والشطارة .
والذي يصل الحدث الأول الذي وقع في فلسطين المحتلة بالحدث الثاني الذي عرفه المغرب هو ماضيهما الاستعماري حيث كانت فلسطين محتلة من طرف المحتل الإنجليزي ، كما كان المغرب محتلا من طرف المحتل الإسباني في شماله وفي صحرائه، فضلا عن احتلال باقي مناطقه من طرف المحتل الفرنسي .
وما حدث في فلسطين أن المحتل الإنجليزي لم يرحل عنها إلا وقد سلمها للعصابات الصهيونية التي حلت محله وبدعم منه عسكريا وسياسيا ، وبذلك خرجت فلسطين من احتلال بريطاني إلى احتلال صهيوني كان من نتائجه ومن مخلفاته وتداعياته .
وما حدث في المغرب مشابه تماما لما حدث في فلسطين حيث حاول المحتل الإسباني أن يحذو حذو المحتل البريطاني بحيث يغادر أقاليمه الصحراوية ليسلمها إلى عصابات انفصالية كالعصابات الصهيونية إلا أن المغرب بحنكة قيادته ، وإرادة شعبه فوت عليه الفرصة من خلال تنظيم مسيرة سلمية خضراء إلى ربوعه في الصحراء ليتم تحريرها وعودتها إلى حظيرة الوطن .
وأمام خيبة المحتل الإسباني في استنبات كيان انفصالي في الصحراء المغربية واعتمادا على أسلوب النفاق السياسي الذي درج عليه ، أوعز إلى الجارة الجزائر الفضولية النيابة عنه في تحقيق ما كان يريده ،والتي تبنى نظامها العسكري الشمولي العصابات الانفصالية طمعا هو الآخر في الحصول على واجهة على المحيط الأطلسي كالمغرب من شأنها أن تسهل وصوله إلى الأمريكيتين من جهة ، ومن جهة أخرى وصوله إلى دول غرب إفريقيا التي لا يمكنه الوصول إليها إلا بشق الأنفس عبر مفاوز صحرائه .
والمسكوت عنه في العالم لحد الساعة بالنسبة لدولة فلسطين والدولة المغربية، هو غض الطرف عن احتلال دولتين أوروبيتين هما بريطانيا وإسبانيا لبلدين عربيين ترتبت عنه معضلتان هما معضلة حلول المحتل الصهيوني محل المحتل الانجليزي في فلسطين ، ومعضلة اختلاق كيان انفصالي وهمي فوق التراب الجزائري بإيعاز من المحتل الإسباني الطامع في المقدرات المغربية ، والمقدرات الجزائرية على حد سواء ليصنع رفاهية شعبه على حساب الشعبين المغربي والجزائري .
ولقد كان من المفروض أن يتحرك ضمير العالم لإثارة قضية احتلال الدول الأوروبية لبلاد غيرها سواء في الوطن العربي بشطريه الأسيوي أوالإفريقي أو في دول القارة السمراء أو في دول قارات أخرى وذلك باعتبارها دولا معتدية على سيادة غيرها وممارسة لجرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية . ويفوق المحتل البريطاني غيره من دول أوروبا الغربية ذات السجل العدواني عدوانا وإجراما بتسليمه أرض فلسطين لكيان صهيوني مختلق ، كما يزيد المحتل الإسباني عدوانا وإجراما عن غيره من البلاد المحتلة أرض غيرها باختلاقه كيانا انفصاليا ينازع المغرب في سيادته على صحرائه وهي تحت سيادته لقرون بشهادة الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية التي شهدت أمام العالم أجمع بوجود روابط بيعة ثابتة تاريخيا بين سكان الصحراء وبين الملكيات المغربية المتتالية عبر التاريخ .
وأغرب مفارقة أن كلا من بريطانيا التي سلمت أجزاء من فلسطين للمحتل الصهيوني ليتوسع في احتلاله لها بعد ذلك ، وإسبانيا التي أرادت انفصال الصحراء المغربية عن الوطن الأم بعد خروجها منها لا تقبلان انفصال بعض أقاليمهما ، وهذا من ازدواجية المكيال لديهما .
ولا زالت إسبانيا لا تخجل من استمرار احتلالها لمدينتي سبة ومليلية و بعض الجزر المغربية مع أنها تدعي الانتماء إلى حظيرة أو منتظم البلدان الديمقراطية المنادية بقيم حضارة العصر، الشيء الذي يعني أنها لم تتخلص بعد من عقدة احتلال أراضي الغير بالقوة مع أن زمن الاحتلال قد ولّى في عالم اليوم الذي لم يعد يستسغ هذا السلوك العدواني المنحط الذي هو وصمة عار على جبين كل البلاد الأوروبية التي مارسته في السابق أولا زال بعضها يمارسه دون أن يرى في ذلك ما يخدش سمعته ومصداقيته بين دول العالم .
ومعلوم أن فتح ملف الاحتلال الأوروبي للبلاد العربية وغيرها من البلاد الأخرى في العالم من شأنه أن يحقق العدالة للشعوب التي عانت من ويلات الاحتلال الأوروبي ، ومن شأنه أيضا أن يجد حلا للقضية الفلسطينية بجلاء الاحتلال الصهيوني عن أرض فلسطين ، وأن يضع حدا لمشكل منازعة عصابات انفصالية إجرامية للمغرب في سيادته على صحرائه المسترجعة من احتلال إسباني بغيض كان عليه أن يعترف بسيادته عليها مباشرة بعد انتهاء احتلاله لها عوض تسويفه وكيده المكشوف لتمديد مشكل هو الذي اختلقه ،ولا زال يرتزق ويتاجر به من أجل مصالحه على حساب مصالح المغرب .
ولو أن المغرب استقبل انفصاليا إسبانيا لأقامت إسبانيا الدنيا ولم تقعدها ولسارعت إلى رفع دعوات لدى المحاكم الدولية ضده لتسليمه لها.
وأخيرا نقول لإسبانيا كفى نفاقا وكفى تآمرا على بلد عانى ولا زال يعاني من احتلالك البغيض لأجزاء من أرضه و من تداعياته ذلك عليه .
ونقول أيضا لكل بلد غربي مارس احتلال بلاد الغير في السابق ، والذي تربطه علاقة صداقة مع المغرب أو علاقة مصالح متبادلة، والذي لا زال يقدم رجلا ويؤخر أخرى فيما يخص اعترافه صراحة بسيادة المغرب على صحرائه كفى تلكؤا وتسويفا ونفاقا .
وسوم: العدد 931