البوطي ومسلسل "ما ملكت أيمانكم" والتنبّؤ بالخراب
عشر سنواتٍ من تسلّم بشّار الأسد الحكم قلبَ فيها ظهر المجنّ لعموم المؤسّسة الدّينيّة وللدّكتور البوطي خصوصًا بشكلٍ لا يخفى مع يسيرٍ من النّظر إذ لم يلتِقِ به لقاءً خاصًّا في هذه السّنوات العشر إلّا مرّةً واحدةً في نصفها الأوّل.
وقد شهدت محاولةً وإرادةً رسميّةً لنتفِ ما تبقّى من الرّيش في أجنحة المؤسّسة الدّينيّة عبر عدّة إجراءات منها قانون الجمعيّات الخيريّة التي تتبع لها المؤسسّات والمعاهد الشرعيّة وإلحاق هذه المعاهد والمجمعات والمؤسّسات بوزارة الأوقاف بما يشابه التّأميم، وقانون الثّانويّات الشرعيّة الذي شهد ازدواجية طائفيّة ومذهبيّة في التّضييق على التعليم الشرعيّ مع فتح المجال للتّعليم الشرعيّ الشيعيّ ممّا أنتج الوثيقة الغاضبة التي وقّع عليها مئتان من العلماء والدّعاة وكان البوطي أحد أهمّ محاور التّحشيد لها، وصولًا إلى فصل ألفٍ ومئتي معلّمةٍ من وزارة التربية ونقلهنّ إلى وزاراتٍ أخرى بسبب ارتداء النّقاب.
وبعد مرور هذه السّنوات العشر شهدت سوريا جدلًا من نوعٍ مختلف حول عملٍ فنّي مثيرٍ؛ ظاهرُه خلافٌ بين البوطي ومخرج العمل وباطنه استمرار الضّرب تحت الحزام من النّظام للمؤسّسة الدّينيّة ولشخص الدّكتور البوطي.
· البوطي ورؤياه وبياناته حول المسلسل
تواردت الأخبار عن مسلسلٍ ستعرضُه المحطّات الفضائيّة السّوريّة والعربيّة يحمل عنوان "ما ملكت أيمانكم" وكاتبته هي الدّكتورة هالة دياب، أمّا مخرجُه فهو نجدة أنزور الصّديق الشّخصي المقرّب من بشّار الأسد.
المسلسل كما هو ظاهرٌ منه يتحدّث بشكلٍ غير مسبوق عن البيئة الدّينيّة في سوريا، ويسلّط الضّوء بشكلٍ رئيسٍ على جماعة "القبيسيّات" والتحوّلات الجهاديّة عند الشباب المتديّن.
لم يكن المسلسل موضوعيًّا أو حياديًّا على الإطلاق بل كان يعمل على شيطنة ممنهجةٍ لجماعة القبيسيّات من جهة وشيطنة العمل المسجدي بوصفه المفرخة التي تخرّج الجهاديين التكفيريّين من جهةٍ أخرى، فكان من الطبيعيّ أن تتعامل معه المؤسّسة الدّينيّة بوصفه حربًا على الإسلام الوسطي الذي تتبنّاه؛ لكنّ المفاجئ لبعض دوائر النّظام وللمؤسّسة الدّينيّة على حدّ سواء كان في تصدّر الدّكتور البوطي المعركة.
لم يكن في بيت الدّكتور البوطي تلفاز لمتابعة المسلسل غير أنّ هناك من أتاه مخبرًا عن موضوعِه وعن تفاصيله؛ هذه التّفاصيل التي أثارت غضب الدّكتور البوطي فأصدر بيانًا إلى الرّأي العام ـ على غير عادته ـ ووجّهه إلى المحطّات الفضائيّة التي بلغه أنّها ستعرض هذا المسلسل، وجاء في البيان:
"إخواني وأخواتي المؤمنين بالله ورسله في شرقنا الأوسط:
إنّني لستُ متنبئًا بغيب، ولستُ من المتكهنين بأحداث المستقبل، ولكنّي أحمل إليكم النّذير الذي رأته عيني، إنّها غضبةٌ إلهيةٌ عارمةٌ، تسدّ بسوادها الأفق، هابطة من السماء وليست من تصرفات الخلائق.
إنّها زمجرةٌ ربانيّة عاتيةٌ تكمن وراء مسلسل السّخرية بالله وبدين الله، الفيّاض بالهزء من المتديّنين من عباد الله، إنّه المسلسل الذي أبى المسؤول عنه إلّا أن يبالغ في سخريته بالله وبدينه، فيقتطع من كلام الله في قرآنه عنوانًا عليه، ويسميه ساخرًا: (وما ملكت أيمانكم).
أمّا سوريا فقد تبرأت إلى الله منه ومن الاعتراف به، ومن بثّه، وأمّا الإخوة القائمون على المحطات الفضائية التي تبثّ في محيطنا الإسلامي، فإنّ سبيل صرف هذه المصيبة المرعبة عنّا، أو إنزالها بلاءً ماحقاً علينا، رهن بموقفِهم من هذا المسلسل الإجرامي المُهلك.
إنّني أناشدهم الخوف من مقت الله، والرّحمة بإخوانهم عباد الله، أن لا يتورّطوا في بث شيء من هذا المسلسل.
إنّ الغضبة الربّانية التي رأتها عيني، معلّقة الآن بالأفق، فاصرفوها جهدَ استطاعتكم عن محيطنا، ولا تكونوا سببًا في إطباقها علينا.
الّلهم اشهد أنّي قد بلغت، الّلهم لا تحرقني ولا من يلوذون بي، ولا بلدتنا المباركة هذه ولا القائمين عليها في ضرامِ مقتك هذا".
الواضح من هذا البيان أن الدّكتور البوطي يتحدّث عن رؤيا رآها وقرنها بالمسلسل، وهي ليست رؤيا مناميّة تمامًا كما بيّن في مواضع أخرى عديدة بل هي رؤيا كان فيها بين اليقظان والنّائم، وأمّا تفاصيل هذه الرؤيا فقد فصّلها بقوله في حوار صحفي بتاريخ 18/8/2010م:
"كل ما أملك أن أقوله أنّه كان بين يقظة ونوم، وكان الذي رأيته وباء نازلًا من السماء بمظهر ماديّ مرعب، ذي بقع سرطانيّة حمراء تبعث على التّقزّز والاشمئزاز، ومع هبوطه السريع نحو الأرض أخذت تنفصل منه حيوانات كثيفة وكثيرة طائرة راحت تنتشر وبسرعة فوق دمشق، وقد علمت أنها جراثيم لوباء خطير متجه للتّغلغل داخل البلد".
وعند سؤاله: ما الذي جعلكم تقررون أنه مظهر للسّخط الإلهي بسبب هذا المسلسل؟ وهل تعتقدون أنّ هذا الوباء مقبلٌ وواصلٌ إلينا؟ أجاب:
"هكذا استقرّ في ذهني، ولم يكن لي في ذلك أي اختيار، والأيام أو الأشهر القادمة هي التي تجيب عن سؤالك، وإنّي لأسأل الله تعالى أن يجنّب بلدتنا المباركة كل مظاهر السّوء وأنواعه".
ومن الواضح أنّه كان واثقًا من عدم عرض القنوات السّوريّة للمسلسل، وفعلًا فقد تواصل الدّكتور البوطي قبل إصدار هذا البيان مع عددٍ من المسؤولين في الدّولة، فأكّد له بعضهم أنّ هذا المسلسل لن يعرض على أيّة محطّة سوريّة وكان هذا أيضًا ما أخبره به محمّد عبد الستّار السيّد وزير الأوقاف وهو يؤكّد له أنّ القيادة ترفض هذا المساس والإساءة لدين الله تعالى.
وما هي إلّا فترةٌ وجيزة حتّى بدأ عرض المسلسل على الفضائيّة السوريّة وكان عرضه في التّاسعة مساءً أي وقت الذّروة للمشاهدة، وعندما حاول الدّكتور البوطي فهم ما يجري كان الجواب يأتيه: "عرض المسلسل تمّ بأوامر وتوجيهات عليا".
نعم؛ فمن الواضح والظّاهر أنّ هذا المسلسل لم يتمّ ابتداءً دون موافقةٍ عليا على مضامينه وتفاصيله، وبالتّالي على عرضه وبثّه، والأوامر العليا هي أوامر بشّار الأسد الذي كان وما يزال تربطه علاقة صحبةٍ واستثمار مع نجدة أنزور فقد استخدمه في العديد من الأعمال لتكريس توجّهات النّظام السياسيّة الدّاخليّة والخارجيّة في العديد من الأعمال الفنيّة.
· التّراجع خطوة بل خطوات إلى الوراء
بعد بثّ المسلسل في الفضائيّة السوريّة جرت حملةٌ إعلاميّة واسعة من المقابلات مع نجدة أنزور للدّفاع عن مسلسله وقد كان في عموم لقاءاته يعمل على تكريس فكرة الاستهداف الشّخصي له.
ثمّ جرى لقاء قيل إنّه بمحض الصّدفة بين نجدة أنزور والدّكتور البوطي وتحادثا فيه، ولم يكن مفاجئًا لي أبدًا أنّ الدّكتور البوطي كان مقتنعًا أنّ اللقاء حصل بمحض الصّدفة، والمهمّ في الأمر أنّ نجدة أنزور قدّم نفسه للدّكتور البوطي بوصفه شخصًا متديّنًا حريصًا على الذبّ عن الإسلام، وأنّ أمّه وأخواته محجّبات وأنّه يعتزّ بحجابهنّ، وكان هذا اللقاء هو الفرصة التي استثمرها الدّكتور البوطي للنزول عن الشّجرة التي صعدها وذلك بعد أن رأى حجم التّحشيد الرّسمي للمسلسل ولنجدة أنزور، فسحب بيانه الأوّل عن موقعه وأصدر بيانًا جديدًا فيه لهجة تصالحيّة واعتذاريّة إلى حدّ ما، معلنًا تأجيل إصدار الحكم على المسلسل إلى حين الانتهاء تمامًا من عرضه، وجاء فيه:
"كثرُ السّائلون عن مستندي في الحكم على هذا المسلسل.
وأقول: إنّني لا أتابع المسلسلات ولا أيًا من البرامج التلفزيونيّة، ولكنّي اعتمدت في حكمي هذا على تقرير رسميّ صادرٍ من لجنة أعرف صدق أفرادها وأثق بمستواهم الثّقافي.
غير أنّي تعرفتُ على مخرج المسلسل الأستاذ نجدة أنزور أخيرًا في لقاء تمّ على غير ميعاد، عرّفني فيه على التزامه الدّيني والتزام أسرته، وذكّرني بدفاعه عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم تطاولت بعض المؤسسات الأوروبية عليه، في مسلسل عنوانه (سقف العالم) وأنفق على إخراجه من حرّ ماله.
وأكّد أنه لم يهدف من مسلسله الأخير هذا إلّا إلى دعم القيم والأخلاق الإنسانية الفاضلة والتّحذير من الانخداع بدجل المتسترين بالفضيلة، وإنما يتبيّن ذلك لمن تابع المسلسل كله.
وأكّد أن اللّجنة التي أصدرت التّقرير الذي اعتمدته لم تشاهد إلا بعض الحلقات، وأنّ ما انتهت إليه غير دقيق.
قلت له: إنّني، وقد وقعت بين هذين النّقيضين، أعدك ــ كما هو شأني ــ أن أتخلّى عن سائر تصوّراتي التي تجمّعت لدي من التّقرير الذي قرأته ومن كلامك الذي سمعته، لأعود واقفًا عند نقطة الجهل بتقويم هذا المسلسل منتظرًا نهاية عرضه، ولسوف أعتمد عندئذ في قراري على أشخاص أثق بصدقهم وعلوّ ثقافتهم، رأوه من أوّله إلى آخره واستوعبوه بجملته وتفصيله، وسأُدْلي عندئذ بحكمي انطلاقًا من الرؤية التي يرونها والقرار التي يتخذونه".
وبعد انتهاء المسلسل لم يصدر الدّكتور البوطي أيّ موقفٍ تجاه المسلسل سوى أنّه أحال الأمر إلى الشّعب السّوري بطريقة دبلوماسيّة بعيدة عن اتّخاذ موقف واضح، فعندما سئل عن موقفه الذي وعد بإصداره بعد انتهاء عرض المسلسل قال:
"أعتقد أنّني أحلتُ القرار بشأنه إلى متابعيه من أفراد الشّعب السوري ممثلًا في الصّفوة ذات الوعي السّليم والحياد الفكري والإخلاص للقيم والوطن، وأعتقد أنّ من اليسير الآن معرفة موقف هذه الصّفوة من خلال الاستبيانات الكثيرة التي أجاب عنها الكثيرون ومن خلال المواقع والتّعليقات الوفيرة، ولا ريب أنّني مؤيد وتابع دائمًا لهذه الصّفوة".
· ما سرّ غضبة البوطي الكبرى من المسلسل؟
يبدو من الطّبيعيّ أن تكون غضبةَ الدّكتور البوطي من المسلسل بهذا الشّكل الساخط حرقةً على الدّين ورفضًا لتشويه جماعةٍ من أقرب الجماعات إليه وهي جماعة "القبيسيّات" التي تربطه بهنّ علاقة عميقة فزوجته أميرة التي ما فتئ يعبّر عن حبّه لها وتعلّقه بها على الرّغم من مرور سنوات طوال على وفاتها وزواجه من بعدها كانت من القبيسيّات، كما كانت تربطه علاقة بالغة التميّز مع الآنسة منيرة القبيسي مؤسّسة الجماعة، وقد قال في الذبّ عنهنّ ردًا على المسلسل عقب انتهاء عرضه:
"أحبّ أن أنبّه إلى حقيقةٍ يجب أن لا نتيه عنها، وذلك بقطع النّظر عن هذه المناسبة وغيرها، وهي أن النّشاط النّسائي الإسلامي في سوريا وخاصة المعروفات باسم (القبيسيات) يمثّل في الحقيقة الإسلام الحضاري والوطني والواعي البعيد عن الغلوّ المترفع عن النفاق.
وقد عرفت سوريا مدى أنشطتهنّ الثقافية المتنوعة، المتسامية على التدافعات السياسية والحزبية وتياراتها، وقد نشأ بفضل جهودهنّ التربويّة لا جيل واحد بل أجيال من الفتيات اللائي يتمتعن بالعمق الثقافي والسّمو الأخلاقي والاعتزاز بالقيم والانتماء الوطني والوسطية الدينية السليمة.
تفيض هذه الحركة بالمثقفات وصاحبات الاختصاص المتنوع: طبيبات، مهندسات، جامعيات، متخصصات بالعربية والعلوم الشرعية. وإن مما يبعث على الاعتزاز حقاً أن فيهنَّ كثيرات يحفظن اليوم عن ظهر قلب صحيح الإمام البخاري كله سندًا ومتنًا وصحيح الإمام مسلم أيضًا سندًا ومتنًا، وهي مزية فريدة لم تتحقق من الأزمنة كلّها إلا في هذه العصر، ولم يحتضنها من الأمكنة إلا سوريّا!
وإنها لظاهرة مشرّفة لا تكاد تصدَّق لولا الواقع المشاهد الخاضع للتحقيق والاختبار. ومنذ أكثر من خمسة عشر عامًا أخرجت ثلّة منهنَّ أدقّ موسوعة ظهرت في السّيرة النبوية إلى اليوم، ذات ستة مجلدات من القطع الكبير باسم "الجامع في السيرة"، ويرقى هذا الكتاب الجامع في توثيقه إلى درجةٍ عاليةٍ متميزةٍ لم يسبق إليها.
وقد رغبت إليَّ الآنسة منيرة القبيسي آنذاك تقديم هذا الكتاب الفريد إلى السيد الرئيس حافظ الأسد رحمه الله، ولما تشرفت بلقائه وقدَّمت إليه الكتاب أخذ يقلّبه وقد شدَّه إليه الإعجاب بالطريقة الفريدة والميسّرة في التوثيق والتنظيم والإحاطة بكل أحداث السيرة النبوية ومتعلقاتها، ثم قال لي: بلّغ شكري للآنسة منيرة وجميع مؤلفات الكتاب، واطلب منهنَّ الدعاء لي شخصيًّا ولسوريَّة عمومًا.
والمهم بعد هذا ما ينبغي أن يكون معلومًا من أنَّ النّشاط النّسائي الإسلامي، ومن ضمنه هذه الفئة، غدا اليوم جزءًا من النشاط الثقافي والتربوي الكلّي الذي ترعاه الدولة، وذلك بانضباطه تحت جناح وزارة الأوقاف، وبالتنسيق مع رسالتها الدّينية والثقافية والوطنية، لذا فإنّي أعتقد جازمًا أن افتراض الأخطاء والانحرافات الشنيعة في صفوف هؤلاء الفتيات (وكلّ بني آدم خطّاء) ثم تكبيرها وتسليط الأضواء عليها وإشاعتها في الأوساط ابتغاء انتزاع الثقة بهنَّ من أفئدة الناس لن يكون لمصلحة هذه الأمة ولن يعود إليها ولا إلى الوحدة الوطنية ولا إلى القيم الإسلامية والدينية عموماً بأي خير.
ولو سلكنا هذا المسلك مع فئات الناس وطبقاتهم على اختلافها لعاد المجتمع أنكاثاً تسوده الاتهامات والخصومات، ولتبادل الناس المهاترات بدلًا من التحيَّات".
هذا الدّفاع في معرض الردّ على مسلسل ما ملكت أيمانكم ردّ حقيقيّ يؤمن به الدّكتور البوطي وينسجم مع قناعاته العقليّة ومشاعره القلبيّة تجاه القبيسيّات، وهو جزء رئيسٌ من أسباب غضب الدّكتور البوطي من المسلسل لكنّني أرى أنّه ليس السبب الأوّل ولا الأكبر.
بل السبب الأكبر في احتداد هذه الغضبة كان يقين الدّكتور البوطي أنّ المسلسل يستهدفه شخصيًّا ويستهدف أسرته بغية تحطيمها معنويًّا في أذهان النّاس بما يشبه الاغتيال المعنويّ، ولم يكن الدّكتور البوطي يصرّح بهذا إلّا في نطاقات ضيّقة.
ومن يشاهد المسلسل يعلم جيّدًا أنّ الدّكتور البوطي كان مستهدفًا بشكل شخصيّ في هذا المسلسل إلى جانب استهداف جماعة القبيسيّات.
وممّا يؤكّد هذا أنّ شخصيّة العالم والشّيخ التي مثّلها زيناتي قدسيّة في المسلسل اسمها "أبو توفيق" وهذه هي تمامًا كنية الدّكتور البوطي فهو أبو توفيق، والشّيخ أبو توفيق في المسلسل يقدّم دروسه في جامع الإيمان بدمشق ويتمّ تصويره فيه، وهو المسجد ذاته الذي يقدّم فيه الدّكتور البوطي "أبو توفيق" دروسه الأسبوعيّة، كما أنّ شخصيّة توفيق في المسلسل يمثّلها مصطفى الخاني على أنّها شخصيّة عصبيّة وانفعاليّة وغاضبة، وتلبس الجاكيت الطويل على البنطال تمامًا في صورة تكاد تكون مطابقة لصورة توفيق ابن الدّكتور البوطي في شكله ونحافته ولباسه وغضبه وانفعاله وعصبيّته.
كلّ هذا لا يمكن أن يكون محض صدفةٍ في مسلسلٍ يخرجه نجدة أنزور عن المؤسّسة الدّينيّة في سوريا، ويؤكّد أنّ هناك إرادة عليا من رأس النّظام ومختلف أركانه لشيطنة الدّكتور البوطي والعمل على هدم صورته ممّا سيسهّل هدم صورة بقيّة أركان هذا المؤسّسة، وشيطنة الجماعات النّسائيّة الفاعلة كونها تحافظ بشكلٍ ما على صورةِ التديّن في المجتمع السّوري
كانت سوريا على مسافة أشهر من الثّورة التي ستغيّر كلّ شيءٍ بما في ذلك إعادة التموضع بين النظام والمؤسّسة الدّينيّة وتغيّر النهج تجاه الدّكتور البوطي، وسيرى كثيرون أنّ رؤيا الدّكتور البوطي في طريقها للتحقّق وسيكون لها تأثيرُها في محاولة تسويغ شرائح معيّنة لمواقفهم من الثّورة المقبلة.
وسوم: العدد 936