كيف يكون شعور من يضعون القانون تاجا فوق رؤوسهم وغيرهم يدوسون عليه بأقدامهم ؟؟
من المعلوم أن عبارة " دولة الحق والقانون " تبعث الطمأنينة والأمن في نفوس المواطنين نظرا لما لكلمتي " حق " و" قانون " من وقع فيها، فهما كلمتان متلازمتان يستدعي بالضرورة وجود الواحدة وجود الأخرى ، وذلك ما جعلهما تضافان معا إلى كلمة " دولة " ويكسبانها مصداقية .
ومن أجل حصول قناعة لدى المواطنين بقيمة عبارة " دولة الحق والقانون " لا بد من أن يلمس حضورهما في الواقع على وجه الحقيقة ، لا على وجه التوهم أو التمني .
ولنأخذ على سبيل المثال القانون المنظم للسير أو المرور ، فهو قانون يصون حق الجميع في استعمال الطرق والشوارع والممرات والمسالك ... على قدم المساواة ودون تمييز بينهم . وهذا الحق لا يمكن أن يتمتع به الواحد إلا إذا اقترن بواجب يجب عليه أو يلزمه لأن حصول غيره على حق مماثل يتوقف على ذلك الواجب بالضرورة . ولنضرب مثالا على ذلك بالأضواء المنظمة لحركة السير أوالمرور داخل المدارات الحضارية وخارجها أيضا حيث يقتضي حق المرور بالنسبة للواحد واجب الوقوف بالنسبة للآخر ، والراكبون على اختلاف أنواع ما يركبون ، والراجلون سواء في ذلك .
ولا يمكن أن تكون لمدونة السير في مجتمعنا المغربي مصداقية إلا باستحضار الجميع مقولة أن حق الواحد في المرور يتحقق حين يجب الوقوف على غيره إلا أن الواقع مع شديد الأسف والحسرة يشهد بأنه لا مصداقية لها ، وهو ما يلاحظ كل لحظة مع تغيّر ألوان الأضواء المنظمة لعملية السير والمرور، ذلك أن أغلب الراكبين الذين يركبون الدراجات بنوعيها الهوائية والنارية اختلاف أحجامها وأنواعها ثنائية وثلاثية العجلات قلما يعيرون اهتماما لتلك الأضواء أو بالأحرى لا وجود لها بالنسبة إليهم، فلا الضوء الأحمر يوقفهم ، ولا البرتقالي ينبههم إلى الاستعداد للوقوف لأنهم دأبوا على حركة مرور مستمرة أو لنقل هم يتمتعون في كل الأحوال بحق المرور دون أن يلتزموا بواجب الوقوف . ولا يختلف سلوك أغلب الراجلين عن سلوك هؤلاء . ولا يختلف أيضا عن سلوكهم سلوك أغلب من يدفعون العربات أومن يركبون تلك التي تجرها الدواب .
ولا يختلف أيضا عن سلوكهم سلوك من يركبون السيارات على اختلاف أحجامها ولولا أن الغالبية منهم يحذرون الحوادث التي قد تتسبب في أضرار مادية تلحق بسيارتهم لكان تهورهم بعدم احترام قانون السير أو المرور كتهور من لا يحترمونه من الفئات التي ذكرت آنفا .
وعلينا أن نتصور كيف يكون شعور الذين يضعون قانون السير تاجا فوق رؤوسهم باحترامه وهم يرون غيرهم يدوسون عليه بأقدامهم ؟ أليس في ذلك احتقار لهم واعتداء على حقوقهم ؟
وإلى متى سيظل التاج الذي يضعه البعض فوق رؤوسهم في مجتمعنا مبتذلا تحت أقدام آخرين ؟ وعلى مثال قانون السير تقاس أمثلة قوانين أخرى لا يتسع المجال لسرد أشكال عدم احترامها .
وسوم: العدد 939