من القياصرة إلى البلاشفة، ومن أفغانستان والشيشان إلى الشام.. سبعة قرون من حروب للروس لا تهدأ على المسلمين والإسلام !!
أكتب لنا ...
من القرن الخامس عشر إلى القرن الحادي والعشرين لم تهدأ المعارك، بين الإسلام والمسلمين وبين الروس . وذهاب بوتين لطلب البركة من البطريرك الروسي " كيريل" إنما كان لتأكيد أن حربه على سورية والسوريين هي حلقة في سلسلة حروب الدولة الروسية، بكل ممثليها، ضد الإسلام والمسلمين. وفي هذا السياق يجب أن نفهم تصريح لافروف " لن نسمح لأهل السنة أن يحكموا سورية " . بعضنا يظن أن ذلك التصريح، كان فلتة ، وفي الحقيقة لم يكن لوزير خارجية دولة عظمى، أن يفلت منه تصريح.؛ ولاسيما وأن المعنى نفسه قد تكرر مرارا، وإن بأسلوب أقل حدة. الحقيقة أن التصريح كان موجها لقوم آخرين - غير السوريين- وكان مطلوبا توظيفه أمام الشعب الروسي المحقون بالكراهية على مدى قرون ضد الإسلام والمسلمين. كما كان موجها للكنيسة الكاثوليكية ، أن الكنيسة الأرثوذكسية أيضا تحوز شرفها في إعلان الحرب على الإسلام والمسلمين، والمتاجرة بعقائدهم وبدمائهم..
ولا ندري لماذا كلما ذكرت الحروب بين المسلمين والنصارى،، يتوجه بصرنا تلقائيا إلى تلك الحروب التاريخية بين القرنين الثاني عشر حتى الرابع عشر، والتي سميناها " حروب الفرنجة" وأصر مديروها على أن ينسبوها إلى الصليب.!! تلك المعارك التي شكلت نوعا من الغزو الهمجي ضد قلاع التحضر والتمدن الذي كان قد بلغ ذروته في بلاد المسلمين ...وكانت بلاد الشام عقر دائرة هذه الحرب من الرها وانطاكية حتى حلب ودمشق والقدس وفلسطين..
ربما يكون هذا التوجه - توجه التوجس من الغرب الأوربي - مفهوما في بلاد الشام عموما حيث ابتلي أهلها بغزو الفرنجة من الفرنسيين والانكليز وبشكل أقل من الألمان. وكان من ضريبة الولاء لبابا الفاتيكان أن يشكل ملوك الغرب حملاتهم، ويمولوها ، وان يشاركوا فيها أحيانا بأنفسهم، كم فعل لويس التاسع، الفرنسي المأسور في المنصورة والمحبوس في دار ابن لقمان. وريتشارد قلب الأسد، الملك الانكليزي الذي وقع أسيرا في يد صلاح الدين ، بعد معركة حطين. بينما اكتفى الامبراطور الألماني بإرسال شقيقه على رأس حملته والذي حاصره وجيشه الملك العادل - شقيق صلاح الدين ، وظل يرسل لهم طعام يومهم طوال أيام حصارهم ...!!
ولكن أمر إدارة الظهر للحروب التي شنها الروس القياصرة ومن بعدهم البلاشفة على بلاد المسلمين، بقيت عموما في الظل بل في العتمة ينساها الوعي الجمعي ، والذاكرة الجمعية للشعوب المسلمة على مر التاريخ .. والمستعمرون عندنا فقط هم اللبريطانيون والفرنسيون وأحيانا الاسبان والبرتغال والإيطاليون ..وننسى، ويا لفداحة ما ننسى !!
قريبا من ثماني عشرة موقعة كبرى خاضها القياصرة الروس ضد الدولة العثمانية، ليس ضد الدولة، بل ضد الإسلام والإنسان معا. كانت المعارك تدور للسيطرة على القوقاز " الجغرافيا والديمغرافيا " وكذا على البحر الأسود وعلى المضائق في البسفور والدردنيل.
ربما من المؤلم أن أنقل عن المؤرخين، أن هذه المعارك حسمت في أكثرها لمصلحة الروس المعتدين !! وأن العثمانيين الذين كانوا يحققون الانتصارات غربا، كانت خاصرتهم الشمالية أكثر رخاوة. وبعد الحرب العالمية الأولى سقطت في العالم امبرطوريتان: الامبوراطورية العثمانية، التي كان سقوطها حقيقيا ومدويا، لأنه كان سقوطا من داخلها وعلى يد نخبة من الضباط الفاشلين، الذين يعاد تقديمهم اليوم كأبطال مؤسسين!! رجل أحرق على قومه الدار واستبدل بها خيمة ، ويظلون يبالغون في المديح.
كما سقطت الدولة القيصرية، التي حلت محلها البلشفية الروسية الماركسية، بعداوة للإسلام والأديان لا تقل عن عداوة السابقين ...
قرأت منذ ستينات القرن الماضي كتابا مترجما للعربية كان حديث التأليف: عنوانه " الهلال الشهيد في ظل الأنظمة القيصرية والسوفيتية." مؤلفه ريمون شارل تحدث فيه عن الفظائع التي كانت على يد محاكم التفتيش " القيصرية الروسية " تجديد أو إنعاشا للوعي أدعو إلى قراءته شباب وصبايا الإسلام والمسلمين ، عربا وتركا وكردا وقوقازيين "
إذا أردت أن تمتح قليلا من ماء عينيك فاقرأ الكتاب، لتغرف على من يد تتلمذ بشار الأسد ومحازبوه ومحاربوه ؟؟!!
نحن استقبلنا في الشام والعراق دفقات من المهاجرين من إخواننا الشيشان والأرناؤط ، ولعلنا نتساءل : من ظلم من؟؟!! من بطش من؟؟!! هاجر هؤلاء المسلمون، كما نهاجر نحن اليوم!! وتغلق في وجوهنا الأبواب، ويقطع علينا السبيل..ألعلنا نفقه اليوم أكثر فقه " ابن السبيل" العابر للقارات خوفا على دين وعلى عرض !!
لماذا أكتب هذا المقال اليوم ..؟؟
ليس للتحريض، ولا للتثقيف، ولا لإثارة الأشجان ...!!
أكتب لأقول "لنا" جميعا وليس فقط لكم، إن حرب الروس علينا في سورية، هي استمرار لحربهم التاريخية على الإسلام والمسلمين منذ سبعة قرون!! وهم يملكون في هذه الحرب تجربة وخبرة وتراثا ،لا يمكننا أن نقفز عليه أو أن نتناساه !! وهم اليوم وقد قفزوا فوق آلآف الأميال من الجغرافيا، ليخوضوا حربهم ضدنا في الشام؛ أكتب هذا المقال لأقول "لنا" إن حروب الروس في القوقاز والقرم امتازت دائما بأنها حرب إحلال سكاني وتغيير ديموغرافي، بالإبادة والتهجير أو بكليهما معا ..يتساءل المتابعون: أين يخفي بشار الأسد نحو مائة ألف سوري معتقل وفقيد، في التجربة القيصرية البلشفية كانت مجاهل سيبريا المتجمدة كفيلة بابتلاع كل الخطاة والآثمين !!
أكتب لأقول لنا إن الروس الذين يفرضون حربهم علينا اليوم ، يملكون في حربهم هذه تراثا من الخبرة، ومن التجارب، ومن المعرفة، ولذا فعلينا، أن لا نستهين بهم، ونظنهم مجرد غزاة طارئين، ونظل ننتشي بترداد : غدا يرحلون..
أكتب لأقول " لنا " ولقد كان من كل القادة الحقيقيين أن يقترحوا "استراتيجيات جديدة" لمعاركنا الثورية، منذ أن اختلطنا بالروس والإيرانيين. وأن نحسن إدارة المعركة على أساسها الجديد..
نحن اليوم بحاجة لدراسة كل التجارب، لنعرف أكثر عن الجمهوريات الإسلامية تحت سنابك المحتل الروسي عبر قرون، وقد صرنا واحدة منها، نحتاج أن نعرف كيف تصدى الأفغان للسوفييت، كيف كانت ثورة الشيشان الأولى ضد الروس؟ وكيف قمعها الروس من بعد؟ ومن هو قديروف خائن دم أبيه وقومه ، وكم من قديروف في وطننا سيكون، بحاجة أن نعرف أكثر عن طبيعة الحرب المفروضة علينا، وعن البواعث الظاهرة أو الخفية في نفوس أصحابها .نحتاج أن نعرف أن بين الكنيستين الأرثوذوكسية والكاثوليكية اختلافات عقدية وسياسية عميقة، وأن ما يجمعهما فقط وعبر التاريخ: موقفهم منا .نحن المسلمين قوقازيين كنا أو تركا أو كردا أو عربا ...
نحتاج أن نعرف ، ونحتاج بالقدر نفسه أو نوظف ما نعرف في إدارة ما يفرض علينا من معارك وحروب...
وسوم: العدد 949