لماذا يستهدف المستوطنون شجرة الزيتون؟
مع حلول شهر تشرين الأول/أكتوبر من كل عام يبدأ فلاحو فلسطين (والمنطقة العربية) بالاستعداد لقطاف ثمار موسم الزيتون، في تكرار لإرث ضارب في أعماق التاريخ، ويفيض هذا الموسم عن كونه نشاطا زراعيا واقتصاديا فالشجرة الشهيرة هي أيضا جزء من الإرث الطقسي والديني لأديان المنطقة والعالم، ولكنه، ومنذ عام 1967، حين احتلّت إسرائيل الضفة الغربية لفلسطين، صار إطارا للعنصريّة الفائقة والكراهية الإجرامية والإرهاب ضد البشر والشجر والحجر.
حسب رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية فإنه منذ عام 1967، حين احتلت إسرائيل الضفة الغربية لنهر الأردن، حتى الآن، اقتلع مستوطنو إسرائيل أكثر من 2.5 مليون شجرة من أراضي فلسطين، وقد خصّوا شجرة الزيتون بجلّ كراهيتهم حيث بلغ عدد أشجار الزيتون المقتلعة 800 ألف شجرة.
تتفوّق، في هذا المجال، ثقافة التطرّف والكراهية والإرهاب على نفسها، فالمنطق البسيط للكائنات على الأرض، بمن فيها البشر، أن المحتلّ الذي يعتقد أن هذه البلاد هي الأرض التي وعده بها الخالق (وبريطانيا العظمى!) لا يمكن أن يقوم بإحراق وتدمير وقطع شجرها، لكن الحال، في ظاهرة إسرائيل ومستوطنيها، يعادي هذا المنطق البسيط.
تتميز أشجار الزيتون بالقدرة على التكيف والعيش طويلا وفي ظروف قاسية، فهل لاحظ المستوطنون شبها بينها وبين الفلسطينيين؟
الزيتون أيضا من الأشجار المباركة في الدين الإسلامي حيث ورد ذكرها في القرآن الكريم سبع مرات، وأوصى النبي محمد (ص) أمته بأن تأكل من زيتها ويدهنوا به، فهل عداء المستوطنين لها أيضا عداء لمعناها التاريخي والحضاري؟
يعتبر الزيتون، والزراعة عموما، مصدر الدخل الأكبر للفلاحين الفلسطينيين، والأشجار هي ذخيرة الأمان لهم، ومصدر رزقهم الوحيد في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، فهل مطلوب من زعران المستوطنين تدمير اقتصاد الفلسطينيين فلا يعود لديهم ما يؤودهم ويقوتهم؟
لا يكتفي المستوطنون بالتدمير والقلع والحرق بل يقومون أيضا بسرقة أكياس الزيتون ممن قاموا بالشغل عليها طوال سنة، كما يقومون بوضع كمائن للمزارعين ويضربونهم ويهددونهم ويرشقونهم بالحجارة ويسرقون منهم ما يحملونه من مال أو هواتف.
خلال هذه الملحمة المستمرة بين الفلاحين الفلسطينيين والمستوطنين، تتابع دولة الاحتلال مصادرة الأراضي وتجريفها، ويقوم جنودها بالحماية المباشرة للسرقة والتعدي والتدمير، وبهذا المعنى فإن المستوطنين لا يفعلون غير متابعة الاجتهاد الإجرامي المفتوح على نهج دولتهم ويجسّد عداؤهم للشجرة خلاصة معنى إسرائيل نفسها.
وسوم: العدد 952