ما قصة بناء السجون في عهد السيسي؟.. أعدادها وأنواعها
سلط حديث رئيس سلطة الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، عن التوسع في بناء ما أسماه أكبر مجمع سجون في البلاد على "النسخة الأمريكية"، الضوء مجددا على توسع السلطات المصرية في تشييد عشرات السجون بأنواعها المختلفة تضاهي ما تم بناؤه في تاريخ مصر الحديث.
ولا تشمل أعداد السجون الجديدة خلال السنوات القليلة الماضية مراكز الاحتجاز في مراكز الشرطة، التي تحولت إلى سجون صغيرة للاحتجاز والاستجواب والتعذيب والحبس، حيث تقوم السلطات المصرية بهدم مراكز الشرطة القديمة، واستحداثها بأخرى تضم ملاحق للاحتجاز.
وقال شاهد عيان \: إن وزارة الداخلية المصرية "عمدت إلى هدم مراكز الشرطة القديمة، وقامت ببناء ملحق احتجاز من خمسة طوابق في إحدى مدن الشرقية من الأسمنت والحديد المسلح فقط، أي أن جدرانه نفسها لا يوجد فيها حجر واحد".
وأوضح أن "غرف هذا المبنى الملحق بمركز الشرطة، والذي يقع على الطريق مباشرة، جدرانه كلها من الحديد والأسمنت، ولا توجد نوافذ للتهوية إلا نافذة صغيرة في أعلى الغرفة مؤمنة بأسياخ غليظة من الحديد، وهو ما لم يكن موجودا من قبل، وتحول المكان إلى أشبه بمركز الرعب".
وكان السيسي أعلن عن إنشاء "أكبر مجمع سجون" على الطريقة الأمريكية، ضمن سلسلة من النوع ذاته تصل إلى 8 مجمعات، وقال في مداخلة هاتفية مع القناة الأولى بالتلفزيون الرسمي: "إحنا إن شاء الله يمكن خلال أيام قليلة... إحنا هنفتتح أكبر مجمع سجون واحد من 7 أو 8 في مصر. احنا جايبين نسخة.. نسخة كاملة أمريكية ده فيه كل شيء".
أعداد السجون
وشكل الخبر صدمة لدى الكثير من الحقوقيين والسياسيين، خاصة أن السلطات المصرية قامت خلال العقد الأخير بالتوسع بشكل مفرط في بناء سجون جديدة، بواقع 35 سجنا تضاف إلى 43 سجنا رئيسيا قبل ثورة يناير 2011، ليصبح عدد السجون الأساسية 78 سجنا.
وتنوعت السجون الجديدة بين 26 سجنا مركزيا، و7 سجون عمومية، بينها 3 سجون شديدة الحراسة، وليمانان، بحسب آخر تقرير للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في نيسان/ أبريل الماضي عن أعداد السجون في مصر خلال الفترة الماضية.
وبحسب التقرير، شهدت الفترة بين 2011 و2016 إنشاء 18 سجنا، بينما شهدت الأعوام من 2016 حتى 2021 إنشاء واتخاذ قرارات ببناء 17 سجنًا، كان آخرها السجن المركزي التابع لمركز شرطة الستاموني بمحافظة الدقهلية، الذي صدر قرار إنشائه في آذار/ مارس 2021.
أنواع السجون
لكن ما هي أنواع السجون في مصر؛ بحسب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، هناك خمسة أنواع، الأول هو الليمان، وتنفذ فيها الأحكام الصادرة بالسجن المشدد على الرجال، ويوجد بمصر أربعة ليمانات، وهي ليمان أبو زعبل وليمان وادي النطرون وليمان طرة وليمان جمصة.
النوع الثاني؛ السجون العمومية، وتنفذ فيها الأحكام الصادرة على الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبة السجن، والنساء المحكوم عليهن بعقوبة السجن المشدد، ومن يتم نقلهم من الليمانات لأسباب صحية، أو لبلوغهم سن الستين، أو لقضائهم نصف العقوبة.
النوع الثالث؛ السجون المركزية، وتنفذ فيها العقوبة على أي شخص محكوم عليه بالحبس البسيط أو الحبس مع الشغل لمدة لا تزيد على ثلاثة شهور.
النوع الرابع؛ سجون خاصة تنشأ بقرار من رئيس الجمهورية تعين فيها فئات المسجونين الذين يودعون بها وكيفية معاملتهم وشروط الإفراج عنهم.
النوع الخامس؛ وهي أماكن الحجز الملحقة بأقسام الشرطة ومديريات الأمن ومعسكرات الأمن المركزي وغيرها من الأماكن التي أصبحت سجونًا مركزية بقرارات صدرت عن وزراء للداخلية.
تحويل مصر لسجن مفتوح
وانتقد مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان، خلف بيومي، تركيز نظام السيسي على تشييد السجون، قائلا: "ما زال بناء السجون هو الشغل الشاغل للنظام المصري، وينفق عليه جزء غير قليل من ميزانية الدولة، ونحن لسنا ضد ذلك إن كان يخفف من معاناة السجين".
وأضاف : ولكن الحقيقة أنها سجون بنيت لتستوعب أعدادا جديدة من المعارضين، فلم نر ميزانية لتأهيل ضباط مصلحة السجون، أو للصرف على تأهيل مستشفيات السجون، أو لتطوير ورش السجون، ولكن الميزانية بالدرجة الأولى لبناء السجون".
وقدّرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان عدد السجناء والمحبوسين احتياطيا والمحتجزين في مصر، حتى بداية مارس/ آذار 2021، بنحو 120 ألف سجين، بينهم نحو 65 ألف سجين ومحبوس سياسي، وحوالي 54 ألف سجين ومحبوس جنائي، ونحو ألف محتجز لم تتوصل لمعرفة أسباب احتجازهم، فيما يبلغ عدد المحبوسين احتياطيا حوالي 37 ألف محبوس.
التغزل في العم سام
لم يستغرب الناشط السياسي والحقوقي، عمرو عبد الهادي، حديث السيسي عن بناء مجمع جديد للسجون، وقال: "لا يوجد انقلاب يهتم ببناء مدارس ومستشفيات، ما يعرفه و يحتاجه الانقلاب هو السجون"، مشيرا إلى أن "هناك تخبطا كبيرا لدى نظام السيسي الذي أعلن عن استراتيجية غير مفهومة لحقوق الإنسان بعد تأجيلها لفترة طويلة، والإسراع باستضافة رئيس وزراء إسرائيل لتخفيف الضغوط الأمريكية، وفي الوقت ذاته يصرح ببناء مجمع سجون على الطراز الأمريكي".
وأضاف : "الحقيقة أن المشكلة ليست في السجون، فهي كثيرة، بل المشكلة في العقول التي تدير السجون التي تتخذ من السجون أقبية للتعذيب"، وتساءل: "في الوقت الذي يتحدث فيه السيسي عن استراتيجية جديدة لحقوق الإنسان".
وسوم: العدد 953