عندما يكون لك أخ بعثي!
قصة صلاح الدين البيطار وزهير العقاد.
كان المخرج السوري مصطفى العقاد مثقفا قوميا عربيا، درس وعمل وعاش اغلب حياته في أمريكا، وكان حقاً مثال الراعي والداعم لنا كطلبة بلوس انجيليس بشكل خاص، والغيور على الجالية العربية بكاليفورنيا وامريكا بشكل عام. وكان رحمه الله قد انشأ تلفزيونا عربيا منذ سنة 1978 بلوس انجيليس على نفقته، ليساهم باستقدام الفعاليات الثقافية العربية، من نزار قباني، لصباح فخري، لدريد لحام ومسرحيات فرقة تشرين وعيرهم الكثير.
وبعيدا عن أمريكا، بسوريا تحديدا، كان أخاه زهير العقاد يعمل بوزارة الخارجية الاسدية ولاحقا سفيرا للنظام باسبانيا.
بينما كان هم مصطفى هو ان يخلد رموز أمجاد العرب بأفلامه وينشر الثقافة العربية ويحسن صورة العرب. كان هم زهير أن ينفذ أوامر حافظ الاسد ويبسط نفوذه ويحسن صورته باوروبا. وهناك الكثير ممن اشار الى مشاركته ببعض أعمال الديكتاتور القذرة.
بعد فيلم الرسالة، أنجز القومي مصطفى فيلما عن عمر المختار الليبي، وخطط جاهدا لانتاج أفلاما عن صلاح الدين وتحرير القدس، وعن معركة القادسية، وعن جمال عبد الناصر.
فماذ كان يفعل زهير وقتها؟
لنعرف أكثر عن البعثي زهير، دعونا نعود قليلا لانقلاب العسكر على مؤسسي حزب البعث واستلامهم السلطة منذ عام 1963. فبعدما تبين لصلاح الدين البيطار، أحد مؤسسي حزب البعث، أن العسكر خدعوه ورفيقه ميشيل عفلق، ابتعد الاثنان خارج سوريا. وبعد ان انقلب العسكر على العسكر سنة 1970 بحركة تصحيحية، حاول حافظ الاسد ظاهريا ان يستخدم كذبة منح الحريات الدستورية للشعب، وتدريجيا حاول استمالة واقناع بعض السياسيين المخضرمين ليقنع الناس انه يعمل لعودة الحياة الديموقراطية الدستورية. وفي سنة 1978 أصدر عفواً عن البيطار ومكنه من العودة لدمشق من منفاه الفرنسي، وحاول المقايضة باشراكه بالحكم لتدعيم سلطته وتحقيق مآربه. لكن البيطار لم يستغرق من الوقت طويلا حتى اكتشف خداع الاسد الاب، فعاد لفرنسا وهاجم الديكتاتور الاب بشراسة، وكتب مقالات عديدة يفضح خداع الاسد. جن جنون الاسد، فأعطى الاوامر بقتله، لكن البيطار كان قد تلقى عدة تهديدات جعلته دائما يتوخى الحذر ولا يلتقي بأحد بفرنسا.
هنا تأتي القصة "الشائعة" والتي يهمس بها البعض عالسكت، ولا أحد يجرؤ على ذكرها.
يقال ان زهير الدبلوماسي باوروبا حينها، اتصل بصلاح البيطار سنة 1980, وأعلمه أن أخاه المخرج مصطفى يقوم بالتحضير لفيلم عن جمال عبد الناصر، وأن السيناريو يتضمن تاريخ عبد الناصر مع البعث والبيطار. وبعد عدة اتصالات طلب أن يقابله للحديث مع مصطفى عن الفيلم.
يقال انه في يوم اللقاء، ذهب زهير وضابط مخابرات سوري للمكان المحددد وعند خروج البيطار من المصعد للقائهم، ارداه ضابط المخابرات الاسدي قتيلا. وعندما جاء البوليس الفرنسي، لم يعتقل زهير العقاد لأنه كان يحمل جواز سفره الدبلوماسي.
المعلومات تؤكد أن المخرج مصطفى لم يكن على علم مسبق بفيلم الدبلوماسي زهير، وأن سيناريو اغتيال البيطار تمت كتابته بدمشق وليس بهوليوود.
حسب معرفتي، نبيل ووائل ورياض العقاد كانوا مقربين من أخيهم المخرج مصطفى، لكن زهير لم يكن، وحسب معرفتي ايضا ان مصطفى قد علم لاحقا وبعد فترة طويلة بموعد وقصة البيطار مع أخيه زهير.
لكن ليومنا هذا، لا تزال قصة اغتيال البيطار غامضة، مثلها مثل قصة محمد عمران، وعبد الكريم الجندي، ومحمود الزعبي، وغازي كنعان، ورستم غزالة، وجامع جامع، ومحمد سليمان، وآصف شوكت، والعماد راجحة والخلية الأمنية .
فن الاغتيالات هذا هو "سر مهنة" يتناقلها آل الاسد من حافظ لبشار ، ويستخدمون الاخ ضد أخيه.
فهل لازلتم تعتقدون أن الزرقاوي هو من قتل مصطفى العقاد بتفجير فندق الكونتيننتال بعمان؟
وسوم: العدد 963