اجتماع المجلس المركزي: ما جدوى حضور الجلسة؟
حين وصلتني الدعوة لحضور الدورة الحادية والثلاثين للمجلس المركزي الفلسطيني؛ انفتح الباب على مصراعيه أمامي لأسئلة قديمة وجديدة. الأسئلة القديمة التي طرحتها بعد الدورة الثلاثين للمجلس مباشرة، حين تمّ الاعتذار لي ولـ 29 عضواً طلبوا المشاركة بنقاش جدول الأعمال، تحت ذريعة ضيق الوقت، والجديدة التي تزدحم في رأسي، وتسيل من بين أصابعي:
كيف يمكن أن أذهب إلى جلسة المجلس الخلافية (التي تتعامل مع الانقسام على أنه حقيقة أبديّة)، في الوقت الذي يَطرح في كل مرَّة يُعقد فيها بنداً خاصاً لمناقشة سبل إنهاء الانقسام، وتحقيق المصالحة الوطنية، ولا يعطى حقه لا بالنقاش، ولا بالمحاسبة، أو المساءلة؟
وسؤال أهم: ما الذي أعاق تنفيذ قرارات المجلس الوطني، نيسان 2018، والمجلس المركزي، آذار 2015، وكانون الثاني 2018؟ ومن المسؤول عن ذلك؟
لمَ لم نستلم تقارير مكتوبة عن عمل دوائر المنظمة، قبل موعد الاجتماع؟ مثلما أوصى العديد من أعضاء المجلس حتى يستطيع أكبر عدد من أعضاء المجلس نقاش جدول الأعمال. ومن المسؤول عن ذلك؟
لمَ تمّ تجاهل بند مراجعة التجربة؟ الذي ورد ضمن جدول أعمال الدورة الثلاثين للمجلس المركزي؟ التي عقدت يوم 15 كانون الثاني 2018؟ ثلاث سنوات مرّت على هذا الطلب، دون إجابة.
كيف يدرج على جدول الأعمال بند انتخاب رئيس للمجلس الوطني، ورئيس مجلس إدارة الصندوق القومي الفلسطيني، واستكمال عضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، دون مشاركة أعضاء المجلس الوطني كافة؟ ما دام النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، يقضي كما ورد في المادة 13؛ أن يتم الانتخاب من أعضاء المجلس الوطني جميعاً؟ ألا يعتبر ذلك مصادرة لحق بقية أعضاء المجلس الوطني بالترشّح للانتخابات لهذه المواقع بالغة الأهمية؟ وكذلك حقّهم بالتصويت لمن يريدون.
كيف ندير ظهرنا للمادة 6 من النظام الداخلي للمجلس المركزي، والتي تقضي بالتزام المجلس في ممارسة أعماله بقرارات المجلس الوطني، حيث إنه "لا يجوز له تعديلها أو إلغاؤها أو تعطيلها أو اتخاذ قرارات تتناقض معها أو تتجاوزها"؟
ثم هل هناك سبب طارئ يستدعي عدم انتظار انعقاد جلسة للمجلس الوطني، ما دام أن بنود الانتخابات المدرجة على جدول أعمال المجلس المركزي، هي من صلاحيات المجلس الوطني وحده، حسب النظام الداخلي للمجلس الوطني.
وإذا كان أعضاء من اللجنة التنفيذية يصرِّحون علانية أن القوى السياسية تتداول البيان الختامي للمجلس المركزي، قبل انعقاده، وإذا كان النقاش شكلياً كما يعرف أعضاء المجلس جميعاً؛ فما هو المطلوب من أعضاء المجلس بشكل عام، ومن المستقلات والمستقلين داخل المجلس بشكل خاص؟ وما جدوى حضور الجلسة؟
*****
من الواضح أنّنا ندور في حلقة مفرغة، لن نخرج منها ما لم يحدث تغيير حقيقي في هيكلية المجلس، وفي طريقة نقاش جدول أعماله، وطريقة اتخاذ قراراته، وفي آليات متابعة تنفيذها.
بدا منذ اللحظة الأولى أن جلسة المجلس المركزي في دورته الواحدة والثلاثين خلافية، وأن العديد من القوى السياسية، فصائل وحراكات وأفرادا، تحتاج وقتاً كي تحسم أمرها حول المشاركة أو المقاطعة أو الاعتذار أو التغيب فحسب.
وتذكَّرت أيام كان حضور اجتماعات المجلس الوطني والمركزي أمراً غير قابل للنقاش، بالنسبة لي؛ مهما كان الجدال والخلاف محتدماً حول مواضيع سياسية محدَّدة.
آمنت طويلاً أنه يمكن التغيير من الداخل، ما دمت أعتبر أن منظمة التحرير الفلسطينية هي بيتي، مثلما هي بيت الفلسطينيين/ات جميعاً. وطالما نظرت بفخر إلى عضوية والدتي "عصام عبد الهادي"، وعضوية النساء الرائدات في المجلسين الوطني والمركزي، وناضلت مع الكثير من النساء من أجل زيادة عددهن داخل مؤسَّسات منظمة التحرير كافة؛ في قناعة راسخة أنهن يستطعن أن يحدثن فارقاً وتغييراً ملموساً لو توفرت لديهن رغبة التغيير، للعمل معاً على إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية، تعتمد مبادئ الشفافية والمحاسبة، وتطبِّق مبدأ المشاركة التي هي صلب العملية الديمقراطية.
*****
ويبرز من بين الأسئلة المشروعة كلها سؤال رئيس جدير بالوقفة المسؤولة:
إذا كانت (المحكمة الدستورية) قد قامت بإعلان حلّ المجلس التشريعي، وإذا كان ثلث أعضاء المجلس الوطني هم أعضاء المجلس التشريعي، فهل يبقوا أعضاء في المجلس الوطني في هذه الحالة؟ وهل يبقى أعضاء المجلس المركزي، ممن كان أساس عضويتهم انتخابهم في المجلس التشريعي أعضاء فيه؟
كل هذه الأسئلة تجعل هناك أولوية قصوى لإجراء الانتخابات قبل انعقاد جلسة المجلس الوطني، والمركزي، وخصوصا أن رئيس دولة فلسطين ورئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة أعلن عن إرجاء الانتخابات (التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني)، ولم يعلن إلغاءها.
*****
كيف نستعيد هيبة منظمة التحرير الفلسطينية إذا لم نلتزم بالنظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وبلوائح مؤسساتها الداخلية، وواصلنا ضرب عرض الحائط بها دون أن يغمض لنا جفن؟!
وكيف نستعيد مصداقية منظمة التحرير الفلسطينية بين أبناء الشعب الفلسطيني بشكل رئيس، ثم بين أصدقاء المنظمة عبر العالم، إذا لم تتمّ إعادة بنائها على أسس وحدوية وقانونية؟!
*****
أعلن المجلس المركزي، أثناء افتتاح الدورة الحادية والثلاثين للمجلس، بتاريخ 6 شباط 2022؛ أن نسبة عضوية المرأة في المجلس المركزي قد ارتفعت لتصبح 25%.
عجباً! إذا كان قرار المجلس المركزي، العام 2015 - والذي أكّد عليه المجلس الوطني، العام 2018، والذي يقضي "بوضع آليات التنفيذ لقرار المجلس المركزي بتمثيل المرأة بما لا يقلّ عن 30%؛ في جميع مؤسسات (م. ت. ف)، وصولاً إلى المساواة الكاملة" - قد استغرق تنفيذه جزئياً ست سنوات؛ فمتى يتمّ تنفيذ بقية القرارات التي اتخذها المجلس منذ 2015، والتي صادق عليها المجلس الوطني؟
*****
أذكر ولا أنسى موقف الشاعر "أحمد دحبور"، حين سألته عن العامل الذي حسم تردّده بالتصويت، ضمن 54 صوتاً، كانوا ضد تعديل بعض بنود الميثاق الوطني الفلسطيني، في الدورة الحادية والعشرين للمجلس الوطني، في غزة، بتاريخ: 22-25 نيسان 1996، أجابني:
حتى أستطيع أن أنظر إلى نفسي في المرآة صباحاً.
وسوم: العدد 968