هل بلغ الإفلاس بقيمنا الدينية والأخلاقية حد السطو على سوق في واضحة النهار؟؟
تابع الرأي العام المغربي باستياء كبير ما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي يوم أمس من أحداث سطو على سوق جهة بمدينة القنيطرة اشترك فيه اللصوص وبعض الرعاع . وليس هذا الحدث المشين الأول من نوعه بل سبقته أحداث مماثلة كحدث السطو على ركاب القطار الذي حاد عن سكته ، وحدث السطو على شاحنات انقلبت ،وهي مشحونة بالسلع ، و حدث السطو على سوق الأغنام ... ، وكلها أحداث تعكس مدى إفلاس القيم الدينية والأخلاقية لدى البعض .
فبأي حق ، وبأية شريعة سماوية أو وضعية تستباح أموال وأمتعة وسلع الغير ؟ وإذا كان السطو والسرقة من سلوك اللصوص ،وهو سلوك مستهجن في كل المجتمعات البشرية على اختلاف عقائدها وثقافاتها ، وأصحابه يطاردون، ويحاكمون، ويعاقبون ، فكيف يصيرون قدوة من ليسوا في الأصل لصوصا من عامة الناس في بعض الظروف ، فيقتدون بهم في سطوهم وسرقتهم كما نقلت لنا ذلك وسائل التواصل الاجتماعي في سوق القنيطرة حيث انخرط بعض الرعاع شبابا وشيبا ، رجالا ونساء في عملية سطو وسرقة جماعية في واضحة النهار ، وهم يتنافسون في الحصول على أكبر قدر من المواد المسروقة ، وأصحابها يستغيثون ، ويضربون ، ولم يجدوا سبيلا للخلاص سوى الفرار للنجاة من جموع هائجة كأنها وحوش ضارية يسطون ويعتدون بلا خوف أو حياء من خالق سبحانه أو مخلوق ، وعدسات بعض الهواتف المحمولة توثق سلوكهم المستهجن وجرمهم المشين ليكون شهادة عليهم يوم الحساب، ويكون شهادة للتاريخ .
ولقد وقع السطو مع شديد الحسرة والأسف والألم من شريحة بشرية محسوبة على الإسلام ـ يا حسرتاه ـ الدين الذي يحرم السرقة ، ويعاقب عليها بقطع اليد قطعا على وجه الحقيقة لا مجازا كما زعم بعض السفهاء ممن يستهدفون شرع الله عز وجل بالكيد الخبيث ، و هو الدين الذي ينص على أن " كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه " ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أحد ممن سطوا على سلعة تلك السوق استحضر ساعة فعله الشنيع رقابة الله عز وجل الذي لا تنام عينه ، ولا هم وبختهم ضمائرهم المعطلة أو الميتة ، لأن من يصدر عنهم مثل هذا السلوك القبيح ، لا يمكن أن تكون لهم ضمائر، وعليهم ينطبق الحديث القائل " لا إيمان لمن لا أمانة له ، ولا دين لمن لا عهد له " ،ومن الأمانة ألا تمتد الأيدي إلى مال أو متاع الغير ، ومن الدين أن يراعي دم، ومال، وعرض الغير .
إن بعض الناس في مجتمعنا المسلم المحافظ والمتدين والذي لا ينقطع الخير منه إلى قيام الساعة قد تسول لهم أنفسهم جهلا أو تجاهلا استباحة و شرعنة السرقة والسطو في بعض الظروف كوقوع حوادث السير أو وقوع الكوارث ، أو اندلاع الفوضى ... ، وكأن هذه الأمور بالنسبة إليهم مبرر مشروع يبيح استباحة أموال وأمتعة وسلع الغير ، فأي منطق هذا ، وأية قيم دينية أو أخلاقية تقره ؟
ولا ندري كيف استساغ الساطون على السوق أكل السحت خصوصا الذين يرتادون بيوت الله ـ يا حسرتاه ـ ، ولا ندري كيف ستقبل صلاتهم وفي بطونهم طعام حرام ؟
وإنه لمن المعرة أن تتكرر أحداث السطو والسرقة بشكل جماعي، ويكون ضحاياها إما من المنكوبين بسبب حوادث السير أو من الباعة البسطاء الذين يكدحون من أجل لقمة العيش لإعالة أهلهم.
والواجب على المسؤولين عن الأمن في البلاد أن يوفروا في الأسواق الحرس الكافي لردع كل من تسول له نفسه أن يثير فيها الفوضى ليستبيح سلع وأموال المواطنين ، أو يعتدي عليهم . كما أنه من الواجب حماية ضحايا حوادث السير والكوارث عن طريق فرق أمنية سريعة التدخل قبل أن يتعرض الضحايا المنكوبين للنهب والسلب .
وعلى جهاز القضاء أن يشدد الأحكام على كل ما يدانون بمثل هذا النوع من السطو ليكونوا عبرة لمن يعتبر ،لأن جرائمهم ترقى إلى جرم الحرابة الذي شدد الإسلام في عقوبته .
ومن حق الباعة الذين سلبت سلعهم في سوق القنيطرة أن يستفيدوا من تعويضات لجبر خواطرهم خصوصا وأنهم يؤدون مقابل عن عرض سلعهم في الأسواق .
ولا بد أن ينخرط المجتمع المدني أيضا في محاربة هذه الظاهرة المشينة التي تمس بسمعة بلادنا ، وتسيىء إلى قيمنا الدينية والخلقية .
و إذا ما اقتدى بعض العامة باللصوص لجهلهم وقلة وعيهم في بعض الظروف مما سبقت الإشارة إليه في أسواقنا ، فإنه ما بقي إلا التكبير أربعا على قيمنا الدينية والأخلاقية .
وأخيرا نقول إن ما وقع وهو أمر مؤسف للغاية لن ينال من سمعة وطننا الحبيب و لا من سمعة مواطنيه الأفاضل الذين أدانوا بشدة ما وقع ، وإن من اقترفوا ذلك الفعل الشنيع لا يمثلون إلا أنفسهم ،وقد عبروا عن خستهم، و عن سوء تربيتهم وخلاقهم .
وسوم: العدد 969