موقف الحكومة من موجهة الغلاء له دلالتان لا ثالثة لهما إما أنها متورطة فيها أو عاجزة عن التصدي لها
منذ أن باشرت الحكومة الحالية تدبير شأن البلاد ظهرت مؤشرات دالة على بوادر غلاء المعيشة ، ومع مرور الأيام تطورت تلك البوادر حتى تحوّلت إلى موجة يخشى أن تصير مستقبلا عاتية خصوصا في ظرف لم تبارح فيه تداعيات الجائحة مكانها ، مع زيادة انحباس المطر الذي زاد في الطين بلّة وهو يلوح في الأفق بسنة عجفاء ـ لا قدر الله ـ.
ومع تزايد ارتفاع الأصوات الصادحة بتحذير الحكومة من عواقب هذه الموجة الوخيمة في ظل الظرف الحالي ، فإنها تنهج سياسية الأذن الصمّاء ، ويبدو أنها لا تأخذ هذا التحذير على محمل الجد ،مما يجعل الرأي العام يظن أن موقفها هذا له إحدى دلالتين لا ثالثة لهما ، وهما: إما أنها متورطة في موجة الغلاء ، وأنها هي التي تقف وراءها والمسؤولة عنها أو أنها عاجزة عن التصدي لها .
ومع استمرار عدم جدية الحكومة في اتخاذ موقف واضح من الغلاء المتزايد، وذلك إما عن طريق تصريحها بتورطها فيه ، أو اتخاذ قرار ملموس للتصدي له خصوصا وأن الأمر تطور إلى اندلاع مظاهرات صاخبة غاضبة من موقفها ومنذرة بالتصعيد .
وليس أمام الحكومة سوى الاستجابة الفورية لمطلب الرأي العام بوقف موجة الغلاء العاتية ، والتي طالت المعيشة من خلال زيادات غير معقولة في أسعار مواد استهلاكية ضرورية . ومعلوم أن الرأي العام لم يعد يستسيغ عبارة " كل شيء زاد سعره " السائدة في الأسواق والمتاجر، كما أنه لم يعد يقبل تبرير الزيادات في أسعار المواد الاستهلاكية بارتفاع أسعار الوقود وهو أمر استغلته أطراف انتهازية متعددة لاستباحة جيوب المواطنين بشكل شبه يومي في غياب الرقابة الواجبة والمطلوبة بشكل فوري وفعّال .
وأمام هذا الوضع المنذر بما لا تحمد عقباه ، ليس من صالح هذه الحكومة أن ترخي العنان لعناصر محسوبة عليها كي تصرح بعبارة " القافلة تسير والكلاب تنبح " في إشارة إلى رفض الرأي العام موجة الغلاء ، وهو ما زاد من سخطه عليها وجعله يطالب برحيلها الفوري. ولا شك أن ما يهدىء من قلق المواطنين هو مبادرة الحكومة بإعادة الأسعار إلى ما كانت عليه من قبل ، وسيكون ذلك مؤشر على حسن نيتها، وأنها قد أصبحت تصغي إلى همهم باهتمام ، وأنها بالفعل تملك القدرة والشجاعة على اتخاذ مثل هذا القرار ، وأنها أيضا ملتزمة بالوفاء بما تعهدت به أمامهم حين آل إليها أمر تدبير شؤون البلاد .
وما لم تبادر الحكومة بحل هذا المشكل ،فإنه سائر لا محالة إلى التفاقم ، وقد يصير معضلة مستعصية على الحل ، وجالبة ـ لا قدر الله ـ لما لا تحمد عقاباه لأن المساس بالقوت إنما هو عبارة عن برميل وقود منذر بالانفجار في كل حين خصوصا في ظل وضع شديد الحساسية تزامن فيه الجفاف مع الوباء ،و نأمل صادقين أن تنجح في نزع فتيله في أقرب وقت ممكن، ونأمل ألا يكون حالها كحال قوم الشاعر دريد بن الصمت حين لم يأخذوا بنصحه بإقبالهم على حرب مهلكة حيث قال عنهم :
وعلى الحكومة أن تعي أيضا قول القائل :
وسوم: العدد 969