مروق بوتين من الانضباط للقانون الدولي ليس وليد اللحظة بل كانت له بوادر سابقة
مروق بوتين من الانضباط للقانون الدولي ليس وليد اللحظة بل كانت له بوادر سابقة من خلال دعم أنظمة مستبدة وعصابات إجرامية أطغاها مروقه
لا يمكن اعتبار تحدي الرئيس الروسي للقانون الدولي ومروقه من الانضباط له أمرا جديدا ومستغربا وهو عميل مخابرات النظام السوفياتي المنهارالذي علمه ذلك المروق ، وجعله يحنّ إليه . وإذا ما استعرضت مواقفه منذ توليه السلطة أو بالأحرى منذ اغتصابها نجده أستاذا المروق بالنسبة لعدة دول تحكمها أنظمة مستبدة أو تعيث فيها عصابات إجرامية فسادا خصوصا في وطننا العربي .
وأول مروقه كان في سوريا حيث دعم طاغيتها المستبد بتوفيره الحماية له ، و تزويده بالأسلحة فيما فيها المحرمة دوليا هو ما أطلق يده في تقتيل وتهجير الشعب السوري ، وتدمير بلاده دمارا غير مسبوق لمجرد خروجه ككل الشعوب العربية في ربيعه يطالب بحد أدنى من الحقوق وحرية التعبير إلا أن الطاغية الذي أطغاه طاغية روسيا نكّل به تنكيلا ، ولا زال متسلطا على رقاب الشعب السوري ومارقا من كل القوانين والأعراف الدولية مروقا تعلمه في مدرسة بوتين ، ومع ذلك لم يتحرك العالم خصوصا الغربي مع شديد الأسف كتحركه الأخير ضد غزو أوكرانيا حين تفرج ولا زال يتفرج على مآسي الشعب السوري ، ويتعامل بمنتهى القسوة مع من يهاجرون إليه هربا من الطغيان والاستبداد وفرارا من جحيم لا يطاق في وطنهم ، حتى بلغ الأمر حد إجرام السويد في حقهم ، وذلك بفصل أبنائهم عنهم والارتزاق بهم بذرائع واهية ، وهو فصل مقيت يزيد من معاناتهم وهم أصلا فارون من طاغية علا علوا كبيرا. وليست تصرفات باقي الدول الغربية مع هؤلاء المهاجرين الفارين من الإبادة بأقل قسوة من تصرف السويد البلد المتبجح بالدفاع عن حقوق الإنسان وهو يدوس حقوق الأطفال السوريين وحقوق آبائهم وأمهاتهم ، وهو الذي لم يكن موقفه من استبداد النظام السوري في مستوى موقفه من استبداد بوتين وغزوه لأوكرنيا الحامي والداعم لبشّار .
ولقد تبين مرة أخرى أن الغرب يكيل بمكيالين جريا على عادته في اعتماد أسلوب ازدواجية المكيال عندما يتعلق الأمر بالشعوب العربية والإسلامية ، وهذا واضح إذا ما قارنا بين ما حظي به الشعب الأوكراني من تعاطف ودعم ، وبين ما لقيه الشعب السوري من تجاهل وإهمال . ولقد كانت المصالح المتبادلة بين الغرب وروسيا على حساب مأساة الشعب السوري المظلوم والمقهور .
ومن مروق الرئيس بوتين أيضا دعمه للنظام الجزائري المستبد والمتسلط على رقاب الشعب الذي قضى أزيد من حولين كاملين في الشوارع كل جمعة مطالبا بالديمقراطية وبإنهاء عهد الاستبداد العسكري . ومن بوتين وغيره من الأنظمة الغربية التي تحكمها المصالح تعلم جنرالات الجزائر المروق من كل القوانين والأعراف الدولية ، فحرموا الشعب الجزائري مما يتوق إليه من ديمقراطية حقيقية تنهي مسرحيات الديمقراطية الصورية الهزلية المتتالية . ومن مروق بوتين تعلم جنرالات الجزائر أو بالأحرى " الكابرانات " لأنهم ليسوا في مستوى الرتب العسكرية المستباحة عندهم كيف يدعمون العصابات الانفصالية التي يتذرع بها للنيل من الوحدة الترابية للبلدان .
إن بوتين لم يتخل يوما عن دعم عصابة " البوليزاريو" من خلال دعم النظام الجزائري في احتضانه لها ودعمها وتزويدها بالسلاح ، وهي التي تحتجز آلاف المغاربة في مخيمات تندوف الرهيبة ، وتمنعهم من الالتحاق بأهلهم وذويهم .
ومن بوتين تلقى حكام الجزائر أوامر قطع العلاقات مع المغرب ، وإغلاق مجالها في وجه الطيران المدني المغربي ، ومنه تلقوا أسلوب تهديد المغرب عسكريا ، ومنه أيضا تلقوا فكرة تجويع الشعب الجزائري مقابل الإسراف في الانفاق على التسلح .
ومن مروق بوتين دعم عصابات حفتر الإرهابية في ليبيا حيث عسكرت عصابات المرتزقة الروس للحيلولة دون نجاح ثورة الشعب الليبي على الاستبداد والظلم والإجهاز عليها وإجهاضها ووأدها في مهدها .
ومن مروق بوتين تعلم النظام الإيراني المروق أيضا من كل القوانين والأعراف الدولية دعم العصابات الإرهابية أيضا كما هو الحال في العراق وسوريا ، واليمن حيث ينفخ في النعرات والصراعات الطائفية والعقدية من أجل تمرير عقيدته الرافضية إلى كل البلاد العربية، وهو ما يخدم مصالحه تحت ذريعة مواجهة الكيان الصهيوني وهو لا يختلف عنه في مروقه .
إن العالم وتحديد الغربي اليوم مطالب عمليا وإجرائيا عن التخلي عن أسلوب تغليب المصالح المتبادلة مع النظام الروسي المارق وكل الأنظمة المارقة على احترام المبادىء ، وذلك من أجل عالم تكون بلدانه آمنة حقيقة من كل غزو خارجي ، ومن كل استهداف لوحدتها الترابية ، وعلى الغرب أيضا أن يعطي المثال على احترام أمن وسلام وحدود كل بلدان العالم ،وتحديدا البلاد العربية لأن ساسته أيضا لا يقلون مروقا عن بوتين من خلال مواقف لهم مخزية قد سجلها التاريخ ، ولن تنسى أبدا ، والإشارة إلى موقفه من مأساة الشعب الفلسطيني كافية كدليل على ذلك .
وإن العالم لسائر حتما نحو الهاوية ما لم يجتث مروق الأنظمة العدوانية من جذوره ، وذلك باعتماد نظام عالمي جديد تتساوى فيه بلدان العالم في الحقوق والواجبات ، ولا يسود فيه قانون الغاب الذي يأكل بموجبه القوي الضعيف . وأول خطوة نحو ذلك هم تعطيل قانون " الفيتو " الجائر باعتباره من مخلفات الحرب العالمية الثانية ، وهو قانون متخلف يزيد الدول القوية عسكريا طغيانا، واستبدادا، وظلما ، وعدوانا، وغزوا، ونهبا ، وسلبا... فهل سيتحقق ذلك ؟
وسوم: العدد 970