في طريقنا نحو الفناء
كاظم فنجان الحمامي
لم تنجح أمريكا في تنفيذ مشاريعها الاستعلائية في أي مكان في العالم مثلما نجحت في تنفيذها في الشرق الأوسط, ولم تتفنن في افتعال الحروب والأزمات مثلما تفننت في افتعالها بين صفوفنا نحن العرب, ولم تتفوق إسرائيل على بلد من بلدان القارات السبع مثلما تفوقت علينا على الرغم من كثرتنا وضئالتها, ولم تنجح إسرائيل في تدميرنا مثلما نجحنا نحن في تدمير أنفسنا بأيدينا, ولم تخضع شعوب الأرض لتجارب التركيع والتجويع والتطبيع والانبطاح مثلما خضعنا نحن, ولم تستهدفها حملات التضليل والتمزيق والتشريد والتهجير مثلما استهدفتنا, حتى أصبحنا على قناعة تامة أن ديارنا صارت منذ زمن بعيد مسرحاً مفتوحاً لكل السيناريوهات الدموية القاتلة, وأن زعمائنا كانوا مجرد كومبارس, أو أحجار مبعثرة على رقعة الشطرنج, تحركوا من دون وعي بين النيل والفرات بتوجيه من القوى الدولية الغاشمة, فاشتركوا في ارتكاب الهفوات والحماقات, ثم بانت سوءاتهم فتنازلوا عن حقوقنا وثرواتنا, وجازفوا بحاضرنا ومستقبلنا, ولم يعد وراءنا وراء.
هل جربت مراكزنا الإستراتيجية في يوم من الأيام أن تتعمق باحتساب أموالنا المهدورة على شراء الأسلحة الخاسرة, التي اشتريناها من ترسانات الغرب ؟. وهل تعلمون أن أموالنا التي أحرقتها براكين الحروب المفتعلة تكفي لإعمار الكون كله بقاراته ومدنه وأريافه وبحاره ومحيطاته ؟, وهل تعلمون أن الأموال التي التهمتها نيران الحرب العراقية الإيرانية وحدها تجاوزت في عامها الأول تكاليف الحرب العالمية الأولى, وتجاوزت في منتصف عامها الثاني تكاليف الحربين الكونيتين ؟.