القضية السورية (قضية الصراع بين الزمرة البهرزية المحتلّة، والشعب السوريّ) (6-ب من 6) - (الأخيرة)
هذا هو التاريخ السوريّ الحديث يا بشار الوحش المجرم بن حافظ الوحش المجرم بن سليمان الوحش البهرزيّ، ولا يمكنك تزويره أو التلاعب به
[لقد كانت سورية إحدى ضحايا التآمر والانقلابات العسكرية خلال أكثر من نصف قرنٍ من الزمن، وحُرِّم عليها الاستقرار، إلا الاستقرار الوهميّ على أيدي صُنّاع الموت وحمّامات الدم والاستبداد، من القافزين إلى السلطة على ظهور الدبابات، الذين أغرقوا البلاد والعباد بالفوضى والتخبّط والتخلّف، وأخذوا يزاودون ويحاولون عبثاً، إلصاق نتائج ما اقترفته أيديهم، بغيرهم من المقاومين لإجرامهم وخياناتهم، من أبناء الحركة الإسلامية المجاهدة!..
إنّ الحركة الإسلامية في سورية ليست حزباَ سياسياً عابراً يضمّ أطراً تنظيميةً ضيقة، فهي تمثل تياراً واسعاً في الشعب السوريّ، يضرب جذوره في الأعماق، كما تمثل الصحوةَ الإسلاميةَ المستنيرةَ التي شَعَّ نورها في أرجاء الأرض، وتاريخها يشهد لها أنّ أبناءها كانوا دائماً دعاة خيرٍ وتسامحٍ وحوارٍ وإصلاح.. وقد شاركوا في الحياة السياسية في كل العهود الديمقراطية، كما شاركوا في مقارعة الاستعمار، وفي حرب فلسطين، وفي الحياة الثقافية والفكرية والاجتماعية، وكان لهم نواب ووزراء في العهود الديمقراطية، وكذلك كانت لهم صحف، ونوادٍ، ومستشفيات، وجمعيات خيرية.. لذلك لا يمكن إلغاؤهم بقانون، أو إلغاء دورهم بِجَرّة قلم، أو بمزاج مجرمٍ جاهلٍ أفّاكٍ دجّال، بات العالَم كله يشهد على إجرامه وفساده وخياناته وضلاله ووضاعة مَنبته ونشأته.. من حق أبناء الجيل الحالي والأجيال القادمة، في سورية وخارجها.. أن يعرفوا الحقائق التاريخية والسياسية، ويطّلعوا على حقيقة موقف الحركة الإسلامية في سورية، من مختلف القضايا الوطنية التي مرّت على الوطن، وما تزال تتفاعل منذ أكثر من سبعة عقودٍ من الصراع المرير بين السلطات الحاكمة المتعاقبة.. والإسلام!.. وذلك للاستفادة من دروس الماضي وعِبَرِه، وللتأسيس لمستقبلٍ وطنيٍ جديد، يقوم على الانفتاح واحترام مبادئ حقوق الإنسان، التي كفلتها كل شرائع السماء، وكل المبادئ الحضارية لإنسان هذه الأرض!..]
* * *
الفصل الثالث
إعلان رؤية الحركة الإسلامية لإنهاء الصراع (في ذلك الوقت)
خلال أكثر من نصف قرنٍ من ممارسة العمل العام داخل الوطن وخارجه، ومن خلال ما استجدّ على الأوضاع العالمية والعربية من تطوراتٍ وتغيّرات.. تفاعلت الحركة الإسلامية مع معطيات الواقع، وروح العصر، فتطوّرت بالتالي وسائلها وطرائق حركتها، بما يلائم الواقع الجديد وينسجم معه، ولعلّ أهم ما أكّدت عليه في هذا الإطار: الموقف من (الآخر) داخلياً وخارجياً، فقد كان موقفها من الآخر منذ البداية منفتحاً وحوارياً، يعتمد فكرة قبول الآخر، والإنصات إليه، وقد تعزّزت هذه المفاهيم أكثر، لدى صنّاع قرارها وقواعدها على حدٍ سواء، فالحوار هو وسيلتها الأساسية لتحقيق أهدافها، وقد أكدت هذه الحقيقة أكثر من مرةٍ على أرض الواقع، من خلال خوضها جولات المفاوضات مع النظام الحاكم (في ثمانينيات القرن العشرين)، متّخذةً من الحوار وسيلةً أساساً لتحصيل حقوقها وحقوق شعبها.
كذلك يمكن أن نشير إلى تطوراتٍ أساسيّةٍ حدثت في مرتكزات الخطاب السياسيّ والإعلاميّ للحركة الإسلامية، تفاعلاً مع معطيات الواقع، وانسجاماً مع روح العصر، وبذلك تعمّقت رؤيتها للتعددية بكل أطرها، لاسيما السياسية منها، ولم تكن التعددية السياسية -بنظرها- في يومٍ من الأيام، وسيلةً للاستئثار بالسلطة، والانقلاب على الطريقة التي قد توصلها إليها، كما يزعم الآخرون، بل هي في رؤيتها ركيزة أساسية في بناء الدولة الحديثة، واستقرار المجتمع المعاصر، والتعددية في تصوّرها ينبغي أن تتجاوز حكم (الحزب الواحد أو القائد)، كما هو شأنها في ظل الأنظمة الشمولية.. إلى أطرٍ أكثر انفتاحاً وحيويةً وتلبيةً لمصالح الشعوب.
إن الحركة الإسلامية إزاء ذلك كله، وضّحت -في تلك المرحلة المهمة من تاريخ الوطن والمنطقة- رؤيتها الإسلامية والسياسية والوطنية، من خلال المحاور الآتية:
أولاً: موقف الحركة الإسلامية وأولوياتها
أعلنت الحركة الإسلامية أنها تعتقد أنه من واجبها وواجب الآخرين، التفكير في المستقبل، لأنها تريد الخروج من الأزمة الوطنية، وتضع المصلحة العليا للوطن والأمة فوق كل الاعتبارات!..
كما أعلنت أنه طرأت تحوّلات كبيرة على الأنظمة في العالم، باتجاه الانفتاح على الشعوب، وباتجاه التعددية، تستدعي إعادة النظر في كثيرٍ من العلاقات والمواقف، وإعادة ترتيب الأولويات، كما أنّ التحديات الكبيرة المفروضة على الأمة وعلى سورية، وبخاصةٍ بعد احتلال العراق الشقيق (في عام 2003م).. تستدعي تعزيز الوحدة الوطنية والجبهة الداخلية!..
وأشارت إلى أنّ أي حديثٍ من قبل النظام الحاكم عن انفراجٍ سياسيّ، ومكافحةٍ حقيقيةٍ للفساد المستشري، ومقاومةٍ لضغوط القوى الخارجية.. كل ذلك إذا كان حديثاً جاداً وحقيقياً.. فإنه يتطلّب استيعاب جميع القوى الوطنية وليس الإسلاميين فحسب، فالوطن بحاجةٍ لكل أبنائه، ومكافحة الفساد شعار لا يمكن تحقيقه من غير معارضةٍ سياسيةٍ إيجابيةٍ حقيقية، ولا بد من التمييز بين محاربة الفساد التي يرفع النظام شعارها.. وبين تصفية الحسابات التي تمارسها مراكز القوى داخله!.. والسؤال المهم هو: هل لدى النظام السوريّ استعداد لقبول مبدأ التعددية الفكرية والسياسية، وقبول حركةٍ إسلاميةٍ تعبّر عن نفسها بالطرق السلمية والوسائل الديمقراطية؟! ..
ثانياً: موقف الحركة الإسلامية من الطائفية (كما أعلنته في ذلك الوقت)
لم يكن في ودّنا التعرض لهذا الموضوع الحسّاس، الذي ناله –بحق الإسلاميين- من المغالطات والتحريضات، ما لم ينله أي موضوعٍ آخر، لِظنّ مَن يعزفون على هذا الوتر، أنّ ذلك سيرفع عنهم الجناية أولاً، ثم ليلصقوا هذه الجناية الضخمة بالحركة الإسلامية والإسلاميين -افتراءً وتزويراً- .. ثانياً، وذلك على مبدأ: (رمتني بِدَائها وانسلّت)!.. والحركة الإسلامية عندما تتعرّض لهذه القضية الهامة الحسّاسة، قد أعلنت بشكلٍ واضحٍ لا يقبل اللّبس، بأنها تحترم كل الطوائف والأقليات في سورية، وتحترم حقوقها الكاملة في المواطنة والوطن والحقوق والواجبات، بالمساواة والعدل والقسط!.. وبخاصةٍ تلك التي نَصَّبَ بعضُ الناس أنفسَهم أوصياء عليها، يتحدّثون باسمها ويُحَرِّضون!..
إنّ حقائق الواقع والتاريخ والجغرافية في سورية، تقرِّر بما لا يقبل التأويل أو التزوير، أنه توجد في الوطن السوريّ أغلبية كبيرة واحدة، إلى جانبها طوائف من الأقلّيات التي يحترمها الإسلاميون، ويحترمون حقوقها الكاملة في المواطَنة والحرية والمشاركة في بناء الوطن الواحد!.. فالوطن لكل أبنائه، ومؤسّسات الوطن وأرضه وسماؤه ليست حكراً على أي طائفة، فكيف إذن يغالط بعض الناس ويبرّرون احتكار الوطن، لا بيد الأكثرية، بل بيد أقليةٍ لا تمثل أكثر من الثمانية بالمئة من سكّانه، بل بيد شريحةٍ متنفّذةٍ من الطائفة الحاكمة؟!.. والحركة الإسلامية ليست بحاجةٍ إلى سرد الأدلة على ذلك، فالحديث هنا عن سورية التي يعيش فيها المواطن السوريّ التمييز الطائفيّ الأعمى على مدار الساعة، وعلى كل المستويات، وفي كل مؤسّسات الدولة، وفي كل نواحي الحياة!.. وكل مواطنٍ سوريٍّ يعرف أنّ جواز العبور إلى أي موقعٍ في الوطن، يجب أن يكون ممهوراً بموافقةٍ طائفيةٍ حاكمة، أو بوساطةٍ طائفيةٍ في الأقل!.. هذا في المؤسّسات التي لا أهمية لها، أما في المؤسّسات المهمة، فالأمر أكثر صعوبة!.. وأما في المؤسّسات الحسّاسة كالجيش والأمن وكبريات المؤسّسات الاقتصادية و.. فالأبواب موصدة تماماً بوجه أبناء الشعب الذين لا ينتمون إلى هذه الطائفة الحاكمة، لأنّ تلك المؤسّسات الحسّاسة هي مادة الحياة التي تستمدّ منها هذه الطائفة استمرارها في التسلّط على الوطن وأبنائه، والوسيلة التي أمرعت بها وتجذّرت في مؤسّسات الحكم والسلطة الفاعلة، والجدار الذي تستند إليه في نهب خيرات الوطن وممارسة الفساد بشتى جوانبه!.. ونحن هنا لا نتحدّث عن المؤسّسات الديكورية، من مثل: مجلس الشعب، والجبهة الوطنية، ومجالس الإدارة المحلية، وبعض الوزارات التكنوقراطية.. إنما نتحدّث عن مواقع السلطة الفعلية، ومراكز قواها الحقيقية، التي يعرفها كل ذي قلب!..
شتّان بين مَن يمارس الطائقية.. ومَن يقاومها، فالفرق بين ممارستها ومقاومتها، لا يستطيع أن يلمسه أو يراه متعصّب، على الرغم من وضوحه الشديد!.. ولينظر القافزون -عمداً- على الحقائق التاريخية الموثّقة.. إلى عملية مدرسة المدفعية الشهيرة (عام 1979م) مثلاً، التي نفّذها شباب كان النظام قد حَكَمَ عليهم بالإعدام.. فهل كانت تلك العملية، إلا ردّ فعلٍ عنيفٍ على تجميع أبناء طائفةٍ من الأقليات بما تفوق نسبته الثمانين بالمئة في دورةٍ عسكرية واحدة، بينما حُرِمَ أبناء الأكثرية الكاثرة منها، لا لشيء، إلا لأنهم أبناء الأكثرية الكاثرة؟!..
لو كان الإسلاميون طائفيين استئصاليين.. لما شاركوا في بناء الوطن مع غيرهم من أبناء الطوائف، ولما تعايشوا معهم، منذ تاريخ نشأتهم، عشرات السنين.. ولما بقيت سورية المسلمة ذات الأكثرية الساحقة المسلمة السنّية على مرّ التاريخ.. بلداً مركّباً هذه التركيبة الفسيفسائية اللافتة، وأمّاً رؤوماً لكل الأقليات، تعترف بكامل حقوقهم في الحياة والحرية والمشاركة والحقوق والواجبات!..
من مفهوم أنّ الإسلام العظيم يأمر بقبول التعدّدية الدينية، ومن واقع الاعتراف بالواقع الديمغرافي التعدّديّ السوريّ.. فإنّ الحركة الإسلامية لا تقبل أن تحكم على أجيالٍ بجريرة جيلٍ سبقها، أو أن تحكم على طائفةٍ أو فئةٍ بوزر مَن سبقوهم من بني جلدتهم (.. وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (الأنعام: من الآية 164) .. وبالتالي سيبقى الباب مفتوحاً على مصراعيه إلى يوم الدّين، لمن يرغب في سلوك طريقٍ صحيحٍ قويم، يُفَاصِل فيه سَدَنة التمييز الطائفيّ الحقيقيّين، السابقين والحاليّين، ويُفاصِل أخطاءهم وأساليبهم الإجرامية الإقصائية!..
ثالثاً: رؤية الحركة الإسلامية (كما أعلنتها في ذلك الوقت) لحلّ الأزمة
أعلنت الحركة الإسلامية (في ذلك الوقت) أنّ الأزمة في سورية ذات صبغةٍ سياسية، وينبغي حلّها ضمن هذا الإطار وهذا المفهوم، وإنّ الإصرار من قبل النظام الحاكم على الأسلوب الأمنيّ في التعامل مع هذه المشكلة ذات الصبغة السياسية، والتمسك بوهم الاستقرار الأمنيّ القائم على القمع والإرهاب، بديلاً عن الاستقرار السياسيّ الحقيقيّ، الذي يقوم على الانفتاح والتعددية والحرية والمشاركة الشعبية.. كل ذلك يُبقي الأزمة قائمة، بل يؤجّج أوارها، وهذا ما يجعل الوطنَ هو الخاسر الأكبر، ويجعل عدوّه، المتربّص به،.. أكبر الرابحين!..
لقد أعلنت الحركة الإسلامية في ذلك الوقت، أنها لا تملك الحلّ، لأنها في موقع الدفاع وموقع الضحية، ولا بد للنظام أن يعمل على إزالة الحواجز الرئيسة أمام حلّ الصراع:
أول هذه الحواجز، هو إصرار النظام على النهج الدكتاتوريّ في الحكم، وعلى سياسة الحزب الواحد القائد، وإلغاء الآخرين ومحاولة استئصالهم.. في عصرٍ يتجه نحو الانفتاح على الشعوب، وإطلاق الحريات، وإقرار مبدأ التعددية والديمقراطية.. وذلك في كثيرٍ من البلدان التي كانت تنهج نهج النظام السوريّ نفسه!..
وثاني هذه الحواجز، هي حالة الاحتقان المستمرة، التي تسود العلاقات بين مختلف الفئات في الوطن، وحالة العداء المفروضة على الإسلاميين والحركات الإسلامية.. كالحرب الميدانية المعلنة المستمرة عليهم، والقانون رقم (49) لعام 1980م، واستمرار الاعتقالات والملاحقات، وعدم الاعتراف بالحقوق الشخصية وحقوق المواطَنَة للملاحَقين والمهجَّرين!..
وثالث هذه الحواجز، هو وجود بعض مراكز القوى المتطرّفة داخل النظام، المستفيدة من حالة الصراع والاحتقان، والرافضة للحلّ السياسيّ.. هذه المراكز والعناصر، هي التي كانت وما تزال وراء تضخيم تأزيم المواقف وإيغار الصدور، وهي التي نفّذت كثيراً من المجازر البشعة بحق الشعب، وحق الإسلاميين منهم خاصة، كمجزرة سجن تدمر، ومجزرة حماة.. و.. وغيرها!..
رابعاً: مَطالب الحركة الإسلامية (كما أعلنتها في ذلك الوقت)
مطالب الحركة الإسلامية لا تخرج عن ضرورة تمتّعها مع أبناء شعبها بحقوق المواطَنَة التي كفلتها كل شرائع السماء وقوانين الأرض، من مثل: إنهاء حالة الطوارئ، وإلغاء الأحكام العرفية والقوانين الاستثنائية، بما في ذلك القانون رقم (49) لعام 1980م، الذي يحكم بالإعدام على مجرّد الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، وإطلاق الحريات العامة والسياسية، والكفّ عن ملاحقة المواطنين واعتقالهم خارج إطار القانون والقضاء، ووقف الإجراءات التعسفية والقمعية، واحترام عقيدة الأمة، والسماح بحرية العمل للإسلام والدعوة إليه، وقبول مبدأ التعددية الفكرية والسياسية، وتحقيق المساواة بين المواطنين، وإلغاء كل أشكال التمييز الطائفيّ، وكل أشكال الاستبداد.. أما المعتقلون السياسيون وضحايا الرأي الآخر الذين يتجاوز عددهم الآلاف، فهم مواطنون سوريون، والسلطة السورية مسؤولة عنهم وعن أرواحهم وأرزاقهم وحقوقهم، وهم ليسوا سلعةً للمساومة، فحمايتهم وتحريرهم وضمان كامل حقوقهم، هو من واجب الحكومة، فلا توجد حكومة أو نظام متمدّن يقوم بأسر مواطنيه، ويجعلهم سلعةً للمساومة السياسية مع المعارضة أو مع غيرها من فئات الشعب!..
كما أعلنت الحركة الإسلامية، أنه لابد من تحقيق انفراجٍ سياسيّ، يشعر فيه المواطن بالأمن والحرية والكرامة والمشاركة، ولابد من قبول الرأي الآخر والتعايش معه، لبناء الوطن وتعزيز صموده في وجه التحديات!..
كما لا بدّ من رفع الوصاية العسكرية والأمنية والحزبية والتمييزية الطائفية عن كاهل الشعب السوريّ!..
خامساً: موقف الحركة الإسلامية من التهديدات الخارجية (كما أعلنتها في ذلك الوقت)
أعلنت الحركة الإسلامية أنها لا تتحمّل مسؤولية الأوضاع غير الطبيعية والاستثنائية في سورية، بل النظام هو الذي يتحمّل مسؤولية الإصرار على سياساته، التي أساءت إلى صورة الوطن وسمعته، وجعلته عُرضةً للتدخّل والاستغلال من قِبَل القوى الخارجية، وموقف الحركة الإسلامية من هذه السياسات مُعلَن منذ زمنٍ طويل، فلا بد من البدء بعملية الإصلاح والتغيير، ولو على مراحل، وهي تتفهّم سياسة التدرج في هذا الأمر، لكنها تعيد التحذير من عواقب الاستمرار في تجاهل معاناة المواطن السوريّ، وتعلن بوضوحٍ: إنها لا تقبل الاستقواء على الوطن بأيّ قوةٍ خارجية، وعلى النظام الحاكم أن يتحمل المسؤولية، وأن يعي الأخطار التي تحدق بالبلاد والعباد!..
كما أعلنت الحركة الإسلامية (في ذلك الوقت)، أنها ترفض الاتهامات والتهديدات الخارجية لسورية وشعبها، وستقف مع شعبها حتماً في مواجهة أيّ عدوان. فهذه سياستها ومواقفها المبدئية، التي تنطلق فيها من رؤيتها الشرعية، وثوابتها الإسلامية، ومصلحتها الوطنية والشعبية.. وإننا نعجب من النظام الذي لم يحرّك ساكناً، لتصحيح الأوضاع السياسية والإنسانية الداخلية!..
كما أعلنت الحركة الإسلامية (في ذلك الوقت)، أنّ الشعبَ السوريَّ وكل قواه السياسية الوطنية.. مُهَدَّدون خارجياً، والفرق بين الحركة الإسلامية والنظام، أنه وحده الذي يملك أوراق الحلّ الوطنيّ، وأوراق المبادرة إلى تحقيق اللحمة الوطنية الشاملة، لأنها وحدها الضمانة الأكيدة لحماية الوطن والشعب والأمة، من التدخلات الخارجية السافرة بكل أشكالها!..
سادساً: المشروع الإسلاميّ الحضاريّ لسورية المستقبل (كما أعلنته الحركة الإسلامية في ذلك الوقت)
أعلنت الحركة الإسلامية (في ذلك الوقت)، أنها على استعدادٍ للتعاون مع القوى الوطنية كلها، لإخراج البلد من دائرة الرؤية الواحدة إلى دائرة الرؤية الوطنية الشاملة، وللبحث دائماً عن نقاط الالتقاء والقواسم المشتركة مع الآخرين، لمواجهة التحديات الكبيرة المفروضة على الوطن والأمة!..
على ذلك.. فالحركة الإسلامية لها مشروعها الحضاري لسورية المستقبل، وهو مشروع وطني عام، يُعتبر ورقة عملٍ للحوار الوطني لتلتقي عليه القوى الوطنية كلها، وهو يناهض المشروع الصهيوني والهجمة التطبيعية وقتذاك، كما يناهض المشروع الأميركي الصليبي في المنطقة، ويؤكد على احترام عقيدة الأمة وهويّتها الإسلامية، وعلى تنشئة الأجيال على مبادئها وأخلاقها، وتعزيز الوحدة الوطنية، وتقوية الجبهة الداخلية للصمود في وجه التحديات والأخطار، وإطلاق الحريات العامة، والتأكيد على التعددية الفكرية والسياسية، وإقامة دولة المؤسسات وفصل السلطات، والعدل بين المواطنين، وإفساح المجال أمام المعارضة الإيجابية لتؤدي دورها الوطنيّ في الرقابة والنصح والتسديد والمشاركة في بناء الوطن، وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص، والتأكيد على برامج التنمية الاقتصادية ومكافحة الفساد المستشري، للخروج من الوضع الاقتصاديّ الخانق الذي يرزح تحته المواطن السوريّ!..
* * *
وبعد:
فذلك هو التاريخ السوريّ، وتاريخ الصراع بين الحركة الإسلامية وعصاباتكم الإرهابية الإجرامية الطائفية يا بشار البهرزيّ المجرم، ابن حافظ الوحش المجرم، الذي ورّثكَ الإجرام والخيانة والنذالة والانحطاط والطائفية، مع توريثك أول (جمهوريةٍ وراثيةٍ) في تاريخ البشرية، ومع توريثك الكذب والتَّقِيّـــة والخداع وتزييف الحقائق وتزوير التاريخ.. وذلك هو التاريخ الحقيقيّ الذي ينبغي أن يُدَرَّسَ للأجيال الحالية والقادمة أيها الجاهل الخائن الكذّاب، وهو تاريخكم الطائفيّ الخيانيّ الاستبداديّ الطغيانيّ، الذي أفضى بالضرورة، إلى اندلاع ثورة الحرية والكرامة، التي كشفتك وكشفت عصاباتك الطائقية الخيانية الإجرامية الوحشية، وكشفت حقيقتكم وجِيِلَّتكم التي لا تؤهّلكم للانتماء إلى دنيا البشر والإنسانية.. وها أنذا أكتب هذه السطور بين ظهراني انحطاطكم ونذالتكم وقذارتكم، التي انكشف أحد نماذجها بعد عشر سنواتٍ من ارتكاب جريمتكم النكراء، في حَيّ التضامن بدمشق.. وزاد يقيننا أنّ مصيرك ومصير عصاباتك الطائفية المنحطّة، لن يختلف عن مصير الطغاة الأوباش: فرعون والنمرود وشارون وتشاوشيسكو والقذّافي.. وأبوك المجرم.. وأمثالهم من عُتاة الطغاة.. وعندها، لن يستطيع أحد من البشر أن يحميكم، لا أجدادكم المجوس، ولا رُعاة أصولكم الباطنيّون الصفويّون، ولا حُماتكم الصهاينة، ولا عصابات سائسكم المجرم بوتين، ولا حلفاؤكم الصليبيون الغربيون.. فهي سُنّة الله في أرضه، فانتظر أيها الطاغية، سَليل الإجرام والطغيان والخيانة.. إنّا منتظرون.
(قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ). (يوسف:108).
وآخر دعوانا أنِ الحمد لله رب العالمين
وسوم: العدد 980