ليسوا سواء
يتردد على ألسنة الغوغاء، والدهماء، وكل عوام أفراخ المسلمين.. كلمة قميئة، مقيتة سقيمة، خبيثة، شريرة وهي: ( كلُ الناسِ خيرٌ وبركةٌ )..
هذه الكلمة اللعينة، التي كان قد نشرها الاستعمار الفرنسي، والبريطاني، والطلياني، وغيره.. في البلاد العربية التي احتلوها في القرن الماضي؛ ليميعوا الإسلام، وليزيلوا الحواجز الدينية، والعقدية بين الناس.. ويجعلونهم كلهم في مستوى واحد وفي درجة واحدة.
أرادوا أن يجعلوا القبطي، والنصراني، واليهودي، والرافضي، والشيعي، والماروني، والدرزي، والإسماعيلي، والنصيري.. يساوي المسلم..
كلهم سواء! لا فرق بينهم، وكلهم فيهم الخير والبركة..
إنها كلمة صليبية، صهيونية، ماسونية.. تريد أن تجعل رابطة الإخاء والمحبة، هي التي تربط بين الناس كلهم فقط ، لا فرق بين دين وآخر.. ولا فرق بين الذين يوحدون الله، ويؤمنون بإله واحد لا شريك الله، وبين الذين يشركون معه آلهة أخرى، أو الذين يلحدون في أسماء الله وآياته، ويسخرون منهاـ ويستهزئون بها، أو الذين لا يؤمنون بوجوده أصلاً.
مصدر الديانة الإبراهيمية المبتدعة
ومن هذه الكلمة الخبيثة.. جاءت الديانة الإبراهيمية الجديدة؛ لتكسر، وتحطم الحواجز الدينية، بين أفراد الفصيلة البشرية، ويصبحون كلهم كقطيع الأغنام سواء.
ولكن الله العليم الخبير بما خلق.. يأبى أن يجعل البشر كلهم سواء، بالرغم من أنه خلقهم جميعاً من تراب، ثم من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة.
فقال سبحانه وتعالى:
1- ( لا يستوي أصحابُ النار وأصحابُ الجنة، أصحابُ الجنة هم الفائزون ) الحشر 20.
2- ( قل لا يستوي الخبيثُ والطيبُ ولو أعجبك كثرةُ الخبيث ) المائدة 100.
3- ( لا يستوي القاعدونَ من المؤمنين غيرُ أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ، فضَّلَ الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة ) النساء 95.
4- ( قل هل يستوي الأعمى والبصيرُ ، أم هل تستوي الظلمات والنورُ ) الرعد 16.
5- ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) الزمر 9.
6- ( وما يستوي الأحياءُ ولا الأمواتُ ) فاطر 22.
من هذه الآيات البينات الواضحات.. يتبين لنا الفرق الواسع، والبون الشاسع، بين مكونات الفصيلة البشرية.. وأنها ليست كلها سواء.
وعلى سبيل المثال: فإن أفراخ المسلمين وصيصانهم المتمسكنين، المستكينين، والدراويش المستخذين، والمستسلمين للطواغيت، والقاعدين، والخاملين، والمنتظرين أن يُنزِّل الله عليهم الفرج بالبراشوت.. لا يستوون مع الذين يجاهدون الباطل وأعوانه، بالسنان، واللسان، والقلم، والمال..
والذين يقبلون بتشريع، وقانون العبيد، ويتخذون مشايخهم، وعلماءهم، وحكامهم.. أرباباً من دون الله، فيطيعونهم بتحريم الحلال الذ أحله الله تعالى، وتحليل الحرام الذي حرمه الله تعالى، ولا فرق عندهم بين تشريع العبيد، وتشريع رب العالمين.. لا يستوون مع الذين يرفضون الانصياع، والخضوع، لشرع العبيد، ويتحملون لأجل ذلك، السجن، والاعتقال، والتعذيب، والإعدام.
والذين يكتبون كتابات سخيفة تافهة، ويُشيعون فيها الفاحشة والمنكر، ويحرضون الناس على التهام الشهوات، والتمتع بالملذات الحرام.
كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (١٩)﴾ النور.
والذين يسبون الله ورسوله ودينه علانية وسراً وجهراً، آناء الليل وأطراف النهار، ويستهزئون بالدين والمتدينين الملتزمين بأحكام الله، ويسخرون منهم، في وسائل الإعلام المختلفة. ويعادون القيم الخلقية الربانية الرفيعة، ويسعون في الأرض بكل جهدهم؛ لتحطيمها، ونشر الفساد، وتمزيق روابط الأسر المسلمة المحافظة على دينها.
كما قال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾ البقرة 204-205.
وفي الحديث عن أبي هريرة ( يخرج في آخرِ الزمانِ رجالٌ يختِلون الدنيا بالدِّينِ ، يلبسون للناسِ جلودَ الضَّأْنِ من الِّلينِ ، ألسنتُهم أحلَى من العسلِ ، قلوبُهم قلوبُ الذِّئابِ ، يقول اللهُ عزَّ وجلَّ : أبي يَغترُّون ، أم عليَّ يجترِئونَ ؟ ! فبي حلفتُ : لأبعثَنَّ على أولئك منهم فتنةً تدَعُ الحليمَ ( منهم ) حَيْرانَ ).
فهل هؤلاء السفلةُ من البشر، ذوو الأوصاف الرديئة القبيحة المعيبة.. يستوون مع من يكتبون كتابات فكرية راقية؛ تدعو إلى مكارم الأخلاق، وإلى الإيمان بالله الواحد القهار، وتحض على الكفر بالطاغوت، ومحاربة كل مستبدٍ طاغيةٍ ظلومٍ، وتحرض الناس على الثورة والانقلاب عليه؟!
إذاً! كلمة (كلُ الناسِ خيرٌ وبركةٌ) باطلةٌ، كاذبةٌ، خاطئةٌ، مرفوضةٌ. ليس لها في التصور الإسلامي والمنهج الرباني أي وجود.
وإنما هي كلمة، أوجدها أعداء الله والإسلام؛ للتدليس والخداع؛ ولإلغاء الميزة الإيمانية العظيمة التي يتميز بها المؤمنون على بقية البشر، وجعلهم هم والكافرين سواء، لا فرق بينهم.
وسوم: العدد 982