كما كان متوقعا جاءت إدانة رئيس حزب النهضة التونسي من طرف الرئاسة المستبدة بسبب مرجعية حزبه الإسلامية
سبق أن أشرنا في وقت سابق من خلال مقال سابق بأن الرئيس التونسي الحالي المستبد بالسلطة على طريق سلفيه الهالكين بورقيبة وبنعلي لن يقف عند حد إقصاء حزب النهضة ذي المرجعية الإسلامية من الساحة السياسية بل سيمضي قدما في محاكمة قيادته سيرا على نهج متزعم الانقلاب الدموي على الشرعية والديمقراطية في مصر ، وهو ما حصل بالفعل بعد إعلان منع زعيم حزب النهضة من مغادرة البلاد ، وإدانته بتهم ملفقة على غرار التهم التي لفقت لأول رئيس شرعي انتخب ديمقراطيا في مصر المرحوم محمد مرسي ، وهذا دأب وأسلوب الاستبداد للتخلص من معارضيه المطالبين بالديمقراطية الحقة عوض الديمقراطيات المسخ التي يتستر وراءها المستبدون.
وما حدث في تونس إنما هو استكمال الإجهاز على التجارب الديمقراطية التي جاءت بالأحزاب ذات المرجعية الإسلامية بعد ثورات الربيع العربي ،وهو أمر يرفضه الغرب العلماني رفضا ، وينعته بالإسلام السياسي الذي لا يجب أن يشارك أصلا في اللعبة السياسية ، وقد أوكل لمن ينوبون عنه إقليميا بإقصائه عن طريق أساليب الانقلابات إما عسكريا أو انتخابيا أو تخوينا .
ومن أجل تمويه الغرب العلماني الذي يتوجس من وجود الإسلام كمنافس لعلمانيته على تورطه في الإجهاز على التجارب الديمقراطية التي أوصلت الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية إلى مراكز صنع القرار، فإنه يعمد إلى النفاق الفاضح ،ذلك أنه من جهة يتباكى على التجارب الديمقراطية التي تمخضت عن ثورات الربيع العربي ، ويتظاهر بإدانة الإجهاز عليها ، ومن جهة أخرى يساند الأنظمة المستبدة المجهزة عليها ، ويضفي عليها شرعية هي فاقدة لها أصلا ، ويتعامل معها سياسيا واقتصاديا وعسكريا ... وعلى جميع الأصعدة مراهنا على تمكينها من تشديد قبضتها على الحكم ،وهو بذلك إنما ما يخدم مصالحه على حساب مصالح الشعوب العربية وعلى رأسها حق ممارسة حريتها في اختيار من يحكمها ديمقراطيا وليس ديكتاتوريا .
ولقد صار أسلوب تخوين من يعارضون الأنظمة المستبدة المجهزة على التجارب الديمقراطية ممجوجا ومرفوضا ومثيرا للسخرية ، كما هو الحال في مصر وتونس .
ويبذل وكلاء الغرب العلماني الإقليميون المستبدون بدورهم قصارى جهودهم من أجل طي صفحة التجارب الديمقراطية في الوطن العربي إلى الأبد كإجراء وقائي يقي ديكتاتورياتهم من الزوال، وهم يبذلون الأموال الطائلة من أجل ذلك ، ويمدون كل مستبد بدعم لا حدود له ، ويعدونه بتوفير الحماية له ليستمر وجوده في السلطة مراهنين على عامل الزمن من أجل بعد الشقة بين الشعوب العربية وحلمها بحياة كريمة في ظل ديمقراطيات حقيقية تضمن لها كل الحريات تعبيرا، ورأيا، ومشاركة في تدبير شؤونها دون وصاية من الغرب العلماني أو من وكلائه الفاسدين المفسدين في الأرض والذين سينفقون أموالهم ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون .
وعلى الشعب التونسي الأصيل ألا ينخدع بما يسوقه الرئيس الدمية الذي يتلقى أوامره من أسياده ،وهو يدعي كاذبا أنه يدافع عن تونس حرة ومستقلة ، ويخون كل معارضيه ، ومن سوء حظه أن الشعب التونسي كله يعارضه باستثناء الذين كانوا يمجدون الاستبداد خلال حكم الديكتاتوريين الهالكين وهم لا وزن لهم عند شعب تونس الأبي الذي كان سباقا في الوطن العربي إلى احتضان أول ديمقراطية فتية وواعدة والتي أقضت مضجع كل مستبد في هذا الوطن العزيز الذي يستحق العيش الكريم في ظل ديمقراطية حقة وحقيقية .
وأخيرا نرجو أن تكون جبهة الخلاص المعلن عنها اليوم في تونس بداية انتكاسة الاستبداد والطغيان فيها محليا ،وإقليميا، وغربيا ، وعودة قريبة إلى المسار الديمقراطي .
وسوم: العدد 983