إلى أطفال سورية في مخيمات اللجوء
أطفال البرد ..
سامح عودة/ فلسطين
لتلك العيون البريئة المملوءة بالحزن والرجاء أغنيات تراكم عليها الغبار وتاه في المدى رجاءها بلا جدوى، أقدامهم العارية اقدام ملائكة طاهرة أتت من آخر سماء، ترش الحزن ملحاً على جرح مفتوح، وأمعاءهم الخاوية تردد رجاءً ضائعاً في منافي الوجع!! أطفل في قائمة اللجوء أرقام منسية، لم تعد تلك الطفولة البريئة تنعم بالأمن المرجو ولا بدفء الطفولة.
ولأنهم كذلك تناقلت مواقع الاخبار وصفحات الجرائد على استحياء صور أطفالٍ سوريين في مخيمات اللجوء وفي المناطق المحررة من وطنهم، حفاة عراة تحت الثلج وبين أحضان المطر، عظامهم الفتية ينخرها البرد، ولحمهم الطري مكشوف للرياح والثلج توغل فيه كشفرات الحلاقة، صور لم تلقَ الى الضمير الانساني مكاناً، الا اللهم بعض التعاطف والدموع التي لم تغير في الامر شيئاً..
هم الجياع دونما غيرهم.. هم البؤساء والبؤس كفر ..
هم .. القصيدة الموجعة والوجع سقمٌ للروح قبل الجسد ..
آه من انسانية فقدت كل مقومات مشاعرها.. فبات قلبها قلب ذئب فقد الاحساس
آه من عروبةٍ مخصيه لم تفلح إلا في رصف الجمل .. وفزلكة الكلام ..
آه وألف آه من صمت خجول يدمي المقل .. آه حين يضيع بذخ عطر طفولتهم هباءً تحت البرد الصقيع الموجع، وتحل مكانه رائحة نتنه من الخذلان ..
يا لأنانيتكم كيف ينام أطفالكم على وسائد من حرير وينام أطفال سوريا – أطفال البرد- على وسائد من ثلج تجمد أحلامهم؟ ليموتوا برداً ..
يال عهركم .. كيف يأكل أبناءكم حتى الشبع، وأطفال البرد يبحثون عن كسرة خبز متعفنه في العراء البارد؟ .
معناة تجاوزت ألف يوم وبضعُ ايام والحال من سوء الى أسوء كل الذي تغير ازدياد عدد المشردين في دول الجوار، واتسعت رقعة المهجرين في هذه الدولة أو تلك، والمخيمات يزداد فيها البشر وتنعدمُ فيها شروط البقاء، أو الحياة كما يسمون، ويعصف الجوع والجوع كافر، ويأتي المرض بلا وجل قاتل ، قضيتهم أصبحت تجارة رائجة لتجار عدمي الضمير، حاكم في الشام فضل البقاء على كرسيه المنخور حتى لو كان على جماجم البشر، طيرانه المسعور دمر ما كان بالأمس جميلاً، وبقي الشعار نفسه ..
" اما الاسد أو نحرق البلد"
فل تحرق البلد وليبقى الاسد وليجوع الاطفال، وليموت الشعب ..
بعد ألف يوم وبضعة أيام لم يفعل العربٌ لأبناء جلدتهم شيئاً بل أوغلوا في الصمت فصولاً.. لتبقى قضية السوريين وأطفالهم مادةً دسمة لقنوات الأخبار، أو لصفحات ملونة تصلحُ للمزبله..!! فعذراً ما عادت تراجيديا الحزن ممكنة، التفاصيل أقصى من أن تروى، ولا المطلوب الثرثة..!! المطلوب أن يكون أطفال العرب أطفالي، فالشعارات البراقة لا تشبع أمعاءً جائعة ولا جسداً في العراء عارياً.
الف يوم ونيف وصراع القوى الكبرى على سوريا محتدم، مدركون أن البلد الذي كان عامراً بأهله سيكون بعد فترة كأن لم يكن، يعرفون أن الطفولة المسروقة هم سبب شقائها، وهم الموغلون في قتلها، لذلك قدموا بعض دولارات ورغيف خبز " مِنّةً " منهم رفع عتب عما اقترفوا من قتل مبرمج.
لأطفال البرد رجاء البسطاء ودموع الامهات الفلسطينيات اللواتي قدمن أطفالهن شهداء، ولم يبكين إلا فخراً، لكم وحدكم .. يا أطفال البرد صراخ محمد الدرة وهو يستغيث قبل أن تقتله رصاصة غادرة.
لأطفال البرد .. تصميم فارس عودة وهو يواجه بطفولته دبابة قاتلة، لأطفال البرد وجه ايمان حجوا لبرئ التي قتلت ولم تتجاوز عامها الثالث .. لكم وحدكم والبرد يكسر فيكم الضلوع أمنياتنا بأن تعودوا الى بيوتكم الى دماكم التي تركتموها وراءكم، وأن تنعموا بدفء غاب عن أسرتكم .. دعاء قد لا يكفي.